أفضل المضادات الغذائية للاكتئاب

14 : 15

لطالما طغت نظريات "غياب التوازن الكيماوي" على مجال الاكتئاب، لكن تدعم الأدلة اليوم فرضية الالتهاب العصبي التي تعتبر ارتفاع مستويات الالتهاب سبباً محتملاً لنشوء الاكتئاب أو تفاقمه. تقول لورا لاشانس، طبيبة نفسية غذائية في جامعة تورونتو: "يبرز دور الأوميغا 3 في هذا المجال بالذات".

تتمتع أحماض الأوميغا 3 الدهنية الأساسية بخصائص مضادة للالتهاب، لكن لا بد من تلقّيها عن طريق حمية غذائية محددة. توضح لاشانس: "نحن لا نستهلك كمية كافية من الأوميغا 3، وقد يؤدي اختلال التوازن بين الأوميغا 3 وعناصر الأوميغا 6 الالتهابية إلى التهاب الجسم وزيادة أعراض الاكتئاب التي نشاهدها".من بين أنواع الأوميغا 3، قد يكون حمض الإيكوسابنتانويك أقوى مضاد للاكتئاب. اكتشف تحليلان تجميعيان نُشرا في مجلة "طب النفس التحولي" أن المكملات المصنوعة بشكلٍ أساسي من حمض الإيكوسابنتانويك كانت أكثر فاعلية من تلك التي تشمل أكبر كمية من حمض الدوكوساهيكسانويك.

يُعتبر الكركمين الموجود في الكركم عاملاً آخر من العوامل المضادة للالتهاب برأي أدريان لوبريستي، طبيب نفسي في جامعة "موردوش" الأسترالية. لكنه قد لا يكون العنصر الواقي الوحيد فيه. يرتبط الاكتئاب بزيادة مستوى الكورتيزول، فضلاً عن نشوء اضطرابات في عمليات الناقلات العصبية. تكشف الدراسات أن الكركمين ينعكس إيجاباً على هذين العاملَين معاً. لذا يتوقع لوبريستي أن تكون آليات مكافحة الاكتئاب في الكركمين متعددة.

خلال تجربتَين عشوائيتين على مصابين بالاكتئاب (واحدة على الكركمين وحده، والثانية مع الزعفران)، سُجّل تحسّن ملحوظ عند استعمال دواء وهمي في التجربة.قد تنجم الالتهابات أحياناً عن الإجهاد التأكسدي. توضح لاشانس: "الدماغ يستهلك كمية هائلة من الطاقة. هو يحوّل الغلوكوز، أي الوقود الذي يفضّله، إلى مصدر طاقة باستعمال الأوكسجين. وينتج الأيض التأكسدي جذوراً حرة، وهي جزيئات غير مستقرة تُضعِف الخلايا الدماغية. يعطي الفيتامين C مفعولاً مضاداً للأكسدة، فيتخلص من بعض الجذور الحرة". برز رابط بين تراجع مستويات الفيتامين C والاكتئاب في دراسات مبنية على المراقبة.

يستطيع المغنيسيوم الذي يشارك في تفاعلات خلوية عدة أن يخفّض مستويات البروتينات الالتهابية. تقول إيميلي تارلتون، خبيرة تغذية في جامعة "فيرمونت" الشمالية، إن هذه العملية قد تؤثر على خصائصه المضادة للاكتئاب. لكن يرتبط المغنيسيوم أيضاً بالناقلات العصبية التي تنعكس على تنظيم المزاج. حتى أنه يحارب الاكتئاب على جبهات متعددة.

يتعاون المغنيسيوم مع الكالسيوم لضمان استقرار مسار الغلوتامات في الدماغ. بالتالي، قد يؤدي تراجع المغنيسيوم مقابل ارتفاع الكالسيوم إلى زيادة الغلوتامات بمستويات قادرة على التسبب بالاكتئاب. اكتشفت تارلتون حديثاً أن تراجع مستويات المغنيسيوم قد ينذر بأعراض الاكتئاب: "نظن أن ارتفاع الكالسيوم والغلوتامات هو السبب الكامن وراء ارتباط المغنيسيوم بالاكتئاب".

لاشانس هي واحدة من عدد متزايد من الخبراء الذين يصفون المقاربات الغذائية للمرضى بما يضمن زيادة استهلاكهم للمغذيات الأساسية. تبدو المنافع على مستوى الصحة النفسية هائلة، وغالباً ما تتحسن الصحة الجسدية أيضاً: "أعتبر هذه المقاربة الغذائية أداة واعدة لتحسين الصحة عموماً. ما من مقاربات كثيرة من هذا النوع في مجال الطب النفسي لإعطاء هذا المفعول".

حاجة إلى المكملات؟

الآن وقد أثبتت المعطيات العلمية أن استهلاك المغذيات هو أساس الصحة النفسية والجسدية معاً، ما هي أفضل طريقة لتلقي الكمية المناسبة؟ وهل تكون الحمية المعاصرة كافية أم ثمة حاجة إلى أخذ مكملات غذائية؟ الجواب معقد برأي الخبراء.

في المقام الأول، قد يعيق الاكتئاب الحميات المتوازنة. توضح لاشانس: "تؤثر هذه الحالة على الرغبة في تحضير أطباق صحية". لذا قد يكون التحكم بالمكملات خياراً أسهل للمرضى.

في ما يخص بعض المغذيات، لا يواجه المصابون بالاكتئاب وحدهم مشاكل في تلبية حاجاتهم اليومية. بل يصيب نقص المغنيسيوم حوالى 70% من الناس. تقول تارلتون: "نريد أن يتلقى الناس كميات مناسبة من المغنيسيوم عن طريق الحمية الغذائية، لكننا نعرف أن معظمهم لا يتلقاها".

تَقِلّ الآثار الجانبية لمكملات المغنيسيوم، وقد بدأت هذه المنتجات في أحدث تجربة أجرتها تارلتون تُحسّن أعراض الاكتئاب خلال أسبوعين. يُعتبر النقص في عناصر الأوميغا 3 الموجودة بشكلٍ أساسي في الأسماك مشكلة شائعة أخرى. تَقِلّ الآثار الجانبية لمكملاتها أيضاً. لذا من الشائع أن يصف الأطباء هذه المكملات للمرضى.

تتعدد المنافع الصحية التي تنجم عن إضافة الكركم (مصدر أساسي للكركمين) إلى الطعام. يوصي لوبريستي بأخذ جرعة تتراوح بين 250 و500 ملغ من الكركمين، مرتين في اليوم، أي ما يساوي ملاعق كبيرة عدة من الكركم. هذه المكملات مفيدة كعناصر مضادة للاكتئاب.


مأكولات لتحسين المزاج


وفق بحث لاشانس، تتعدد الأغذية التي تشكّل أفضل مصادر مثبتة للمغذيات المضادة للاكتئاب، بما في ذلك الأوميغا 3 والفيتامين C والمغنيسيوم. نذكر منها: المحار، الرخويات، بلح البحر، لحوم مثل الكبد وحويصلات الدواجن، السلطعون، الكركند، الأسماك، البقلة، السبانخ، السلق، الخردل، اللفت، الشمندر، الفليفلة، البابايا، الحمضيات، الفراولة.


MISS 3