يعرض فيلم Ten Days of a Good Man (10 أيام من حياة رجل صالح) قصة محام يتحول إلى محقق خاص، فيستلم قضية عن رجل مفقود لكن سرعان ما تتخذ مغامرته منحىً غير متوقع وتتغير حياته كلها. وَصَف الناقد السينمائي العظيم روجر إيبرت أحد الأفلام يوماً بالمنبّه الذي يرنّ داخل غرفة فارغة، ما يعني أنه يقدّم ما لديه لكن لا أحد يهتم به فعلياً. يحمل الفيلم الجديد للمخرج التركي أولوتش بايراكتار هذه المواصفات تحديداً. هو يقدّم محتوىً صاخباً وينهي مهمّته على أكمل وجه، لكنه لا يجذب الناس في نهاية المطاف. لا أحد يسمعه داخل الغرفة الفارغة، ما يعني أنه لا يصيب الهدف.
تبدأ القصة حين يصبح المحامي «صادق» (نجات إيشلر) مُحققاً بعدما تطلب منه والدة شخص مفقود العثور على ابنها. نتيجةً لذلك، يغوص «صادق» في عالمٍ مظلم يقوم على الاتجار بالبشر وممارسات غير قانونية أخرى ويقابل رجالاً أقوياء وخطيرين. هو يقع في حب جارته الشابة أيضاً، ولديه زوجة سابقة تظهر في حياته من وقتٍ لآخر. كذلك، يحتوي هاتف مهم على أسرار خطيرة. سنتعرّف أيضاً على توأم يحاول الاستمتاع بالحياة بكل بساطة.
قد يجد المشاهدون صعوبة في فهم الأحداث ويسهل أن ينفصلوا عن أجواء العمل في مرحلة مبكرة. قد يحاولون مواكبة التطورات في البداية، لكن سيميل معظمهم إلى الاستسلام ووقف محاولات تحليل ما يحصل. الفيلم معقد ومنغلق على نفسه وتكثر مصادر التشويش فيه. هو يستمتع بعرض أحداثه لكنه لا ينقل هذه المتعة إلى الجمهور ولا يأخذ عناء جذب المشاهدين إلى القصة المعروضة. يُعرّفنا صانعو العمل على مجموعة من الشخصيات، لكننا نعجز عن التعرّف إليها عند سماع أسمائها. نتيجةً لذلك، يصعب أن نتابع التطورات ونعرف الشخصيات المقصودة في الحوارات.
على صعيد آخر، يتلاشى جزء من العوائق فور التطرق إليها. يستطيع «صادق» مثلاً أن يُدبّر المال سريعاً مقابل الحصول على كلمة مرور سرّية. ثم ينجح أيضاً في معرفة كلمة مرور أخرى بكل سهولة لفتح أحد الفيديوات. تتلاحق الأحداث بسرعة مبالغ فيها لدرجة أن نظن أن صانعي العمل كانوا في عجلة من أمرهم، لكنه جانب إيجابي لأن الحوارات بين الشخصيات غير مفهومة وقد يميل معظم المشاهدين إلى تفويت جزء كبير من المشاهد. في المقابل، لا مفر من أن ننزعج من المؤثرات الكئيبة التي تزيد رغبتنا في وقف المشاهدة. أما الشخصيات بحد ذاتها، فهي تبدو منفصلة عن مكان وجودها، وكأنها تقف أمام شاشة خضراء.
يمكن سماع موسيقى الجاز المبهجة في خلفية المشاهد، لكنها تدفعنا إلى التساؤل: هل يحاول الفيلم تشويقنا أم مضايقتنا؟ في مرحلة معينة، يعالج الفيلم موضوع الاتجار بالبشر والدعارة بجدّية، لكنه يعرض في لقطة أخرى نكتة حيث تُعتبر الكلاب مساوية للأطفال. لا شيء يوحي أصلاً بأنها دعابة مضحكة. وفي لحظة أخرى، يُركّز الفيلم فجأةً على فتاة مفقودة، ثم يُطلَب من المشاهدين أن يُعبّروا عن سعادتهم عند تحريرها من الحجز.
باختصار، يطغى شعور بالفراغ على جميع فصول العمل. سرعان ما يخسر المشاهدون اهتمامهم بالأحداث، فلا يبالون بمن يتعرّض للقتل ومن يبقى على قيد الحياة، أو من يتم احتجازه ومن يتحرر. تفتقر الشخصيات أيضاً إلى الجاذبية، وتبقى معظم النساء في هذه القصة مجرّد رموز جنسية. تتلاحق الأحداث لأنها جزء من السيناريو المفتعل بكل بساطة، لكنها لا تحمل أي بُعد درامي حقيقي. بعبارة أخرى، قد يشمل الفيلم عناصر متنوعة، لكنه لا يقدّمها بطريقة مفهومة.