طوني فرنسيس

فلنحتفل بعيد المساخر

9 آذار 2023

02 : 00

تصوير رمزي الحاج

تحوّلت اجتماعات المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية إلى مسرحية أو مهزلة بحسب اعتراف سياسيين معنيين بهذه الجلسات. قبلها تحوّل سلوك المسؤولين في شتى المجالات إلى مهزلة، والبعض يقول مسخرة، فاللامسؤولية تظهر في كل خطوة وكل موقف. مسخرة في الإدارة الاقتصادية والمالية والاجتماعية وفي التعليم والصحة وفي القضاء حيث بلغت المهزلة حدودها القصوى.

أضيفت الانتخابات الرئاسية مبكراً إلى مسلسل المهازل. منذ 2008 لم يعد انتخاب الرئيس أمراً روتينياً طبيعياً، بل منذ 1988 لم يعد كذلك. تمّ الاتفاق على انتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً إثر حرب أهلية مصغّرة ومفروضة، ولم يحتجْ وصول العماد ميشال عون إلى حرب مماثلة لأنّ القوى التي اجتيحت عام 2008 فضّلت خيارات الخصوم على حرب أهلية أخرى. الآن تتكرر القصة نفسها ليصح القول إنّ التاريخ يعيد نفسه مرةً مأساة ومرة على شاكلة مهزلة.

فسّر كثيرون خطوتَيْ رئيس مجلس النواب نبيه بري في ترشيح سليمان فرنحية والسيد حسن نصرالله بدعم هذا الترشيح، ضمن الانقسام الحاصل، بأنّه قطعٌ للطريق أمام وصوله أكثر مما هو دعمٌ فعلي له في معركة الرئاسة. كان هؤلاء يفضلون أن يخوض فرنجية معركته بنفسه ترشيحاً واتصالات مع مختلف الكتل والنواب، وأن يعلن مواقفه أمام الجميع سعياً وراء دعم واسع، لكن ما حصل وضعه في زاوية محددة سلفاً. مع ذلك يتساءل هؤلاء: ما دام الترشيح قد حصل وما دام هناك مرشح آخر مُعلن هو ميشال معوض، لماذا لم تتم الدعوة إلى جلسةٍ انتخابية؟ وما الذي يحول دونها؟ أقله لامتحان موقف الكتل، وليفز من ينال النسبة المطلوبة أو يتم الانتقال إلى البحث في احتمالات أخرى؟

من حق جمهور اللبنانيين الشك بالنوايا ما دامت كل القضايا الكبرى والمحطات الدستورية الأساسية باتت عرضة للاستخفاف والتشاطر، بدلاً من وضعها على طريق المعالجة المسؤولة الحريصة على المصلحة الوطنية العامة. التلاعب بموقع رئاسة الجمهورية هو نموذج عن هذا الاستخفاف المميت، وفي سيرة المجموعة الحاكمة عشرات النماذج عن قيادتها الهزلية المميتة لحياة شعب بأكمله.

من دون أن نعد أنفسنا بالحلول، ربما علينا التفكير بطريقة أخرى. اليهود سيحتفلون بعد أسبوع بعيد يسمونه «عيد المساخر» وهو في تقاليدهم يؤرخ لانتصارهم على مشروع الإبادة الذي أعده هامان وزير الامبراطور الفارسي أحشويرش ضدهم . لا أدري لماذا حملت المناسبة هذا الاسم، لكن، كما يبدو، فإنّ اللبنانيين أحق بالاحتفال بهذا العيد، فكل الشروط لتبنيه، بدءاً من الجذر الايراني، تبدو متوفرة.


MISS 3