عماد موسى

لا داعيَ للهلع

24 شباط 2020

02 : 25

(فضل عيتاني)

يُبالغ اللبناني في كل أمرٍ، عظيماً كان أو في غاية البساطة. تكفيه إشاعة كي يبثّ الهلع حواليه وإن أعوزته الحجة لتبرير مبالغاته يستنجد بالمثل التركي "المحروق بالحليب ينفخ على اللبن".

يبالغ اللبنانيون الهلع في التعاطي مع وباء كورونا الوافد إلينا من مدينة "قم". بسيطة. حالة واحدة مؤكدة وموجودة في مستشفى رفيق الحريري فما الداعي للهلَع الهستيري بحسب وزير الصحة الدكتور حمد حسن، هو شخصياً تفقد المصابة في بيروت ونطّ على النبطية وزار حالتين وضعتا في "الحجر الصحي المنزلي بإشراف البلدية ومتابعة القضاء" ما يعني أن البوليس البلدي مرابط على بابي كلتيهما، يفتش كلّ داخل إلى منزل المشكوك بإصابتها ويفتح معه محضر تحقيق يتضمن آخر مرة سَعل فيها ومتى أصيب بنزلة صدرية ومتى أخذ لقاح الحصبة واللقاح الثلاثي ولا يسمح له بالدخول قبل أن يخضعه لكاشف الكذب ويتأكد من صدق كلامه. وبعد أن يفحص فعالية الكمامة التي تكتم أنفاسه. إذ ذاك يجري البوليس البلدي اتصالاً مع القائمقام الذي بدوره يتصل بوزير الصحة كي يسمح للزائر بالدخول إلى المنزل بهدف إصلاح الغسالة التي تبرم وتبرم وتبرم ولا تعصر الغسيلات. إلى هذا الحد تدابير حسن صارمة ولا تقل وزيرة الإعلام منال عبد الصمد عنه صرامة وقد أمضيتُ الويك أند الأخير أحلل قولها "الإجماع على ضرورة ترسيخ البصمة التوعوية للإعلام" ولم أفلح في فك طلاسم "البصمة التوعوية"، كأني بمنال تقمّصت ناصر قنديل.

لا داعي للهلع الهستيري. إعتبروا أنّ عيد العشاق صار وراءنا والكورونا أمامنا فلا داعي للتبويس وطيب العناق. ويمكن استبدال البوسة الملحة باتصال مع المجيبة على الـ hot line. الكحل أفضل من العمى.

لا داعيَ للهلع. الصابون البلدي لغسيل اليدين متوافر.

مستحضرات التعقيم متوافرة.

أما النقص بالكمامات فيمكن الإستعاضة عنه بالسوتيانات وكل سوتيان توازي كمامتين.

تجاوزنا مصائب أكبر ولم نهلع.

كل التحديات المالية تخطّيناها بشفاعة سليم صفير وقد وضعتُ صورة سليم في غرفتي إلى جانب صورة مار متر ومار أنطونيوس البدواني وأوكلت الأخير مهمة العثور على راتبي إن ضاع أو تبخّر. لكن بوجود سليم لا داعي للهلع الهستيري. ليست أموال المودعين فقط بخير إنما أموال فخر الدين التي وضعها في أحد مصارف توسكانا الله يوجهلو الخير، وهي ضمن احتياط مصرف لبنان بالعملات الأثرية.

لا الجراد يرعبنا. لا الفقر. ولا الطاعون. لا انقطاع الخبز. ولا الإفلاس المحتّم. ولا قعر القعر. إنّ الحلم الذي لا يشيخ لن يتركنا ما دام في أجسادنا عرقٌ ينبض. فلا داعي للهلع.


MISS 3