عماد موسى

غضب الملاعب

14 آذار 2023

02 : 00

كلّما حطّم مشجعو فريق فوتبول لبناني منشآت ملعب، و"قبعوا" الكراسي عن مدرجاتها وقذفوا بها باتجاه أهداف غير محددة، وكسّروا كل ما هو قابل للتكسير وخلعوا كل ما هو مؤهل للخلع إحتجاجاً على ظلم تحكيمي، أو ما خُيّل إليهم أنه ظلم، وكلما اعترضوا بشكل همجي على نتيجة غير متوافقة مع رغباتهم، طلع من يبرر الأفعال غير المحمودة، مستعيداً جولة صدام حديثة العهد بين ناديي نابولي وسبيزيا الإيطاليين العام الماضي أو يستذكر مآثر الجمهور البريطاني العظيم العنفية متجاهلين سلوك جماهير آنتراخت فرانكفورت الألماني وبازل السويسري وليخ بوزنان البولندي. نتمثل بالرعاع والمجانين.

في عملية بحث تبيّن لي، أنا البعيد نسبياً عن عالم كرة القدم، ان مجموعة من مشجعي نادي أرسنال يطلقون على أنفسهم تسمية "ذو هيرد" أي القطيع فيما يناصر"جيش احمر" مانشستر يونايتد، ولنادي توتنهام "ييد آرمي"، ويبدو أن الأكثر تعبيرا عن الروح الرياضية السمحة رابطة "نادي الانتحاريين" المشجعة لفريق نادي بيرنلي، و"طاقم عمل السيوف" المناصر لنادي شيفيلد يونايتد.

في زمن "الشرقية" و"الغربية" كان الجيش المنتشر في "الشرقية" يعلن ما يشبه الإستنفار قبل أي قمة أو دورة يلتقي فيها الشقيقان اللدودان الراسينغ والحكمة على ملعب برج حمود. وفي "الغربية"ما كانت قمم النبيذي والأخضر تمرّ على خير، هذا قبل دخول الأصفر على الخط وحصول الفرز السياسي بشكل فاقع.

وفي زمن الوصاية والإحتلال والقمع، كانت الملاعب الرياضية متنفساً لتفجير المكبوت والمسكوت عنه كرفع الأعلام السيادية وتقريش الإنتصارات السلّوية بالسياسة، وقد عملت الإتحادات المتعاقبة في ذاك الزمن على الفصل بين الرياضة والسياسة، والفصل بين الجماهير بقوى مكافحة الشغب، والفصل بين الأوادم والمندسين وقد باءت كل محاولات الفصل بالفشل.

بالعودة إلى العرس الكروي يوم الأحد الذي ضاعف الزحمة على الأوتوستراد الساحلي، طرحت على نفسي، كمشجع للرياضة على أنواعها من المصارعة الحرّة إلى كل ألعاب الكرة، هذا السؤال: ما الرابط العضوي بين "الله الحريري والطريق الجديدة " وهدف يسجّله حسن معتوق؟ ثم أتبعته بسؤال بصوت عال: من يكبت جماهير العهد في عصر كرة القدم الحديث ويقمع حرية تعبيرها على طريق المطار، لتهتف في قلب كسروان بصوت واحد: "الله، نصرالله والضاحية كلها"؟ ثم تزيد العيار بـ"الله، سورية بشّار وبس" تقديراً للمدرب السوري رأفت محمد الذي تفاعل مع جماهيره بشكل رائع. بدا محمد هربرت فون كاريان الأوركسترا الهائجة. والسؤال الختامي: ماذا لو كان مدرب "العهد" من التابعية الفرنسية واسمه بيار فبأي أهزوجة كانت ستصدح حناجر أحبّائنا في البيئة الحاضنة للمقاومة؟

بـ Au clair de la lune؟


MISS 3