جاد حداد

The Magician's Elephant... قِيَم مهمّة للأطفال

24 آذار 2023

02 : 00

فيلم الرسوم المتحركة The Magician's Elephant (فيل الساحر) مقتبس من كتاب كيت ديكاميلو الفائزة بجائزة "نيوبيري" مرتَين. في مراحل أساسية من هذا الفيلم، من اللافت أن نتابع القصة من منظور بعض الشخصيات، بما في ذلك الفيل.

تتمحور القصة حول الفتى اليتيم "بيتر" (نواه جوب). يربّيه جندي سابق اسمه "فيلنا" بعد إصابته بالإعاقة (ماندي باتينكين)، وهو يتعامل معه وكأنه مجنّد لديه، فيجعله يسير على طريقة الجنود ويُعلّمه أن الحياة مليئة بالمصاعب والمخاطر.

هما يعيشان في بلدة "بالتيز" التي كانت هادئة ومليئة بالسحر سابقاً. لكن يتغير الوضع بالكامل بعد اندلاع الحرب فيها، فتحجب غيمة دائمة أشعة الشمس عن البلدة. في أحد الأيام، تظهر خيمة حمراء غامضة هناك وفي داخلها عرّافة (ناتاسيا ديميتريو التي تكون راوية القصة أيضاً). يعرف بيتر في مرحلة معينة أن شقيقته لا تزال حيّة، مع أن "فيلنا" كان قد أخبره بأنها ماتت، ويكتشف أنه مضطر للحاق بفيل للعثور عليها.

تبدو هذه المهمة مستحيلة نظراً إلى غياب الفِيَلة في "بالتيز". لكن يتغير الوضع حين يجلب ساحر بارع (بينيديكت وونغ) فيلاً يخترق سقف أحد المسارح ويقع فوق امرأة ثرية ومتقدمة في السن (ميراندا ريتشاردسون). يريد عدد من سكان البلدة القضاء على ذلك الفيل، لكن تكون السلطات المحلية تحت سيطرة كونتيسة (كيربي هاول بابتيست) ترغب في الحفاظ عليه وتطلب من "بيتر" الاعتناء به. لكن يرفض "بيتر" العرض لأنه يريد أن يقوده الفيل إلى مكان شقيقته. يقول الملك (عاصف ماندفي) الذي يحب النشاطات الترفيهية إن "بيتر" يستطيع أخذ الفيل شرط أن ينفذ ثلاث مهام مستحيلة خلال ثلاثة أيام.

يقدم الممثلون أداءً صوتياً ممتازاً، لا سيما براين تايري هنري بدور جار "بيتر" الودود، وماندفي بدور الملك المرح (إنها الشخصية الوحيدة التي تتكلم بلكنة أميركية). تخوض ويندي روجرز تجربة الإخراج للمرة الأولى في هذا الفيلم، وقد سمحت لها خبرتها كمشرفة على المؤثرات البصرية في أفلام مثل Flushed Away (التدفق البعيد)، والجزء الأصلي من سلسلة Puss in Boots (القط ذو الحذاء)، باستعمال عناصر بصرية حيوية لسرد القصة وتقديم مشهد مطاردة حماسي أثناء تنفيذ أول مهمة مستحيلة. حتى أنها تستعمل زوايا تصوير كفيلة برفع مستوى الحماس على مر الأحداث. في غضون ذلك، تبدو الشخصيات البشرية نموذجية بشكل عام، لكن يقدّم صانعو العمل محتواهم بطريقة واقعية بما يكفي لإضفاء طابع عاطفي وصادق على الأحداث.

سنشاهد القصة من وجهة نظر الفيل ونطّلع أيضاً على ذكريات الحيوان حين كان في البرّية وسط الفِيَلة. تستكشف كيت ديكاميلو (وكاتب السيناريو مارتن هاينز المعروف بفيلم Toy Story 4 (حكاية لعبة 4)) أبعاداً تغفل عنها قصص الأطفال في معظم الأحيان. يعترف "بيتر" بأنه لا يعرف كيفية تقبّل المساعدة من الآخرين، ويجب أن يعترف الساحر بالأضرار التي سبّبها، حتى لو لم تكن مقصودة. فيما يتجادل البشر حول ما يجب فعله بالفيل، سيدرك المشاهدون أن القرار النهائي لن يتحدد بحسب رغبتهم.

غالباً ما تشدد قصص الأطفال على قيمة الشجاعة، أو العمل الجماعي، أو التصالح مع الذات، أو تحقيق الأحلام، وأهمية العائلة والأصدقاء. لكن يضيف هذا الفيلم قيمة نادرة في الأفلام التي تستهدف جميع الفئات العمرية: كيفية التعامل مع المشاكل. بدءاً من اللقاء مع العرّافة التي تُوجّه "بيتر" بأسلوب لطيف لجعله يطرح السؤال المناسب ويجد الجواب الذي يستطيع مساعدته، وصولاً إلى الدروس التي يستخلصها عن تقبّل المساعدة، والتعلّم من الفشل، وطرح الفرضيات عن ما يمكن أن يحصل لإعادة صياغة السؤال الأساسي وتحديد حاجات الآخرين، سنشاهد جميع العناصر التي تسمح بإيجاد الحلول المنشودة، حتى لو لم تكن تلك الحلول تتماشى مع ما يتوقعه المشاهدون. يتّضح هذا التوجه في الخيارات التي تقوم بها الشخصيات الأخرى أيضاً، وهذا ما يجعل نهاية القصة مُرضِية لها وللجمهور في آن.


MISS 3