لم تقتصر الملوكية والأمبراطورية والزعامتية وصفات العظمة على رؤساء الدول وحكّامها. هذه الألقاب هبطت أيضاً على كبار تجّار المخدّرات بأنواعها. بعضهم سقط مع احتراق أوراقهم كـ»إمبراطور الكبتاغون» حسن دقّو. آخرون كُتب لهم البقاء، لأنّ وقوعهم قد ينزع «ورقة التين» عن قوى سياسية تحميهم كنوح زعيتر. الأخير ليس بحاجة إلى تفخيم أو تعريف. الإسم يكفي.
إنضمّ الرجلان إلى «كتاب العقوبات الأميركيّة» مع إعلان وزارة الخزانة أمس، باقة جديدة من المرتبطين بتجارة المخدرات بالإضافة إلى 4 سوريين مقرّبين من الرئيس السوري بشار الأسد. وذكرت الوزارة أن دقّو وزعيتر متّهمان أيضاً بـ»صلاتهما مع حزب الله».
فيما لا يزال «نوح» طليقاً في سفينته، وقع «ملك الرمّان» دقّو بقبضة «المعلومات» في التاسع من نيسان عام 2021، على وقع اكتشاف تهريب كميات ضخمة من حبوب الكبتاغون مهربة داخل «الرمّان»، إلى المملكة العربية السعودية وبلدان خليجية، أعلنت على أثرها وقف استيراد الخضار والفاكهة اللبنانية. وفي كانون الأوّل 2022، أصدرت محكمةُ الجنايات في بيروت، حكماً قضى بإنزال عقوبة الأشغال الشّاقة لمدّة سبع سنوات بحقّ حسن دقّو، ودانته بجرم تصنيع مادّة الكبتاغون المخدّرة وتهريبها إلى الخارج، مع تغريمه مبلغَ 100 مليون ليرة لبنانيّة.
لحسن دقّو حكايته. بنى لنفسه أمبراطورية، حاكماً لمساحة شاسعة من بلدته الطفيل. تضاربت المعلومات بشأن الجنسية التي يحملها إن كانت سورية أم لبنانية (وفق البيان الأميركي هو يحمل الجنسيتين). كما تعدّدت الروايات حول عمله قبل دخول عالم المخدّرات. بعضهم قال إنه كان «بائع كاز». آخرون أشاروا إلى أنه «عامل باطون». في كل الأحوال، يبقى الإنسان ما يحمله إلى النهايات وليس البدايات. بنى امبراطوريته على كافة أنواع التجارات، من مخدرات وشراء ذمم وعقارات وملكيات ومشاريع وهميّة.
أمّا زعيتر، الذي يُعدّ واحداً من أبرز المطلوبين بالاتجار بالمخدرات وصدرت بحقه مذكرات بحث وتحرٍ وتوقيف غيابية عدّة، فمتوارٍ عن الأنظار. جذب الرجل الإهتمامات الدولية. أجريت التحقيقات و»الريبورتاجات» عنه في الوكالات والصحف الغربية كما المحليّة. وُضع صاحب «الستيل» الأميركي على لائحة العقوبات في واشنطن. كيف لا وهو يتنقّل بشعره الطويل ويرتدي «الجينز» الضيق وجزمة رعاة البقر الأميركيين، بمسدس على وسطه محاطاً بحراسه الشخصيين الـ14 يحملون رشاشات حربية أو قاذفات صاروخية ويطلقون على أنفسهم ألقاباً منها «النمر» و»العقرب» و»بن لادن».
متزوج وأب لأربعة أولاد أكبرهم علي وأصغرهم غيفارا، ويقيم في منزل كبير شيّده في قريته الكنيسة. وأشارت تحقيقات صحفية أنّه عندما يكون «المحصول» جيداً، تصل أرباحه إلى مليون ونصف مليون دولار سنوياً تقريباً. وهو يساعد أهل قريته البالغ عددهم نحو 200 نسمة ويقيمون في منازل لا تتوافر في بعضها المياه أو الكهرباء.