جوزيفين حبشي

"وأخيراً"... خلطة من"2020" وQueen of the South"

30 آذار 2023

02 : 01

وأخيراً، هلّ هلال شهر رمضان، وهلّت معه المسلسلات الدرامية الخاصة بهذا الموسم. عادة نفضل انتظار مرحلة تحوّل هلال هذه المسلسلات بدراً (منتصف الشهر تقريباً)، قبل أن نتناولها، ولذلك سنتطرق الى مسلسل "وأخيراً" كونه مؤلفاً من 15 حلقة فقط، وشارف على الانتصاف.



على أحر من جمر، انتظرنا هذا المسلسل لاعتبارات كثيرة، فهو أولاً من انتاج شركة "الصبّاح اخوان" التي عودتنا على اقوى الانتاجات وأضخمها وأتقنها (نصاً واخراجاً وتمثيلاً وامكانات)، وثانياً من بطولة الثنائي الناري نادين نسيب نجيم وقصي الخولي، اللذين اثبتا نجاحهما الكبير معاً في السابق (خمسة ونص و2020) نظراً للكاريزما العالية التي يتمتعان بها، والكيمياء الكبيرة والمشرقطة بينهما. هذا من دون أن ننسى انهما غابا في الموسم الرمضاني السابق، وعودتهما معاً كانت منتظرة بشوق، خصوصاً بعد النجاح الساحق الذي حققه مسلسلهما "2020"، والذي بسببه، ربما، لم يتمكن "وأخيراً" أن يحقق علامة 20 على 20 كما كان يأمل فريق العمل.

شركة "الصبّاح" رغبت بشدة باستعادة نجاح "2020" وهذا حقها طبعاً، ولكن التنفيذ لم يكن 20 على 20. أولاً، إستعانت الشركة بورشة كتابة تدخّلت في مجريات احداث القصة التي ذُكر انها لبلال شحادات (شارك ندين جابر كتابة 2020)، ثم أصبح التأليف والسيناريو والحوار لمخرج العمل أسامة عبيد الناصر، مع مساهمات وتعديلات لبطلي العمل وخصوصاً نادين نجيم. وهنا تكمن ابرز مشكلات "وأخيراً"، فالمثل يقول "كثرة الطباخين تُحرق الطبخة"، وتخلخل اساسات البناء الدرامي وتماسكه. على اية حال، فكرة الورشة الكتابية بحد ذاتها غير منصفة للكاتب المؤلف، خصوصاً انها تتدخّل في عمله وفكره ومخيلته وتركيبته للشخصيات والاحداث. طبعاً من حق شركة الإنتاج ابداء رأيها وملاحظاتها، ومن حق الكاتب الأخذ بها او لا. وهنا يستحضرنا توقّف المسلسل الذي كانت تكتبه كارين رزق الله لشركة الصبّاح (من بطولتها ومعتصم النهار)، بعد عدم الاتفاق بينها وبين الورشة على وجهات النظر.






هذه الرغبة في استعادة نجاح "2020" تظهر أيضاً وبوضوح من خلال اعادة بناء اجواء سبق ان شاهدناها في "2020"، إضافة الى تأثر واضح ايضاً ببعض اجواء سلسلة queen of the south على منصة "نتفليكس". لقد عمد كل من وضع يده في القصة والاحداث، الى تركيب خلطة عالم مشابهة نوعاً ما لسلسلة "نتفليكس" ولمسلسل "2020"، بالمناخ والبيئة والشخصيات والإطار العام والديكورات والاحياء الشعبية، من دون نسيان الفتيات المحتجزات واللواتي يعملن بالخفاء في الممنوعات. بدوره النص، جاء ضعيفاً، والأحداث بطيئة، والأجواء كئيبة معظم الوقت في زمن يختنق فيه اللبنانيون من واقع سوداوي. أما الاعتماد على نجومية الثنائي الناري نادين نجيم وقصيّ الخولي وشرقطتهما معاً والكيمياء بينهما فلم تكن كافية وحدها لسد الثغرات الكثيرة. والغريب فعلاً تبرير نادين نجيم عن عدم رضاها عن العمل، إذ تمّ إقتطاع الكثير من "كلوزاتها" (اللقطات القريبة لها) و"الرياكشنات" (ردود فعلها)، حسبما أعلنت على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بها. تبرير غير موفّق، لأن نجاح أي عمل لا يعتمد على اطلالة البطلة فقط وسحرها وكلوزاتها وانفعالاتها والتركيز على مهاراتها القتالية و"الاكشنية" الخارقة، بل على قصة جيدة ومقنعة ومحبوكة بإتقان وموضوعات جديدة، وإخراج متمكن، وأدوار كثيرة لشخصيات عديدة، لكل منها مساحته، تتكامل في ما بينها لتشكّل بناءً صلباً. على أية حال البطولة المطلقة والحصرية لم تعد "على الموضة"، بدليل نجاح سلسلة "للموت" بأجزائها الثلاثة مثلاً، فهي تعتمد على بطولة جماعية، ونص متمكّن لكاتبة هي المسؤولة الوحيدة عن خلق الاحداث والشخصيات والخطوط الأساسية للحبكة وربطها ببعضها، وإخراج مبهر، وامكانات مادية موظّفة بشكل سليم.

وأخيراً، أختم بالقول إن الإخفاق مرة لا يعني الفشل، بل يجب أن يكون حافزاً لمزيد من نجاحات مستقبلية لشركة الصبّاح الرائدة في صناعة الدراما، في حال تم الأخذ في الاعتبار كافة الملاحظات المقدمة بكثير من الحب والرغبة في لمعان شركة لم تعوّدنا سوى على اللمعان.


MISS 3