روي أبو زيد

بيتي توتل عن مسرحيّتها "كولوار الفرج": لو عرضناها قبل ثلاثة أشهر لاعتقدوا أنّني أتنبّأ بالأحداث!

2 آذار 2020

09 : 00

تمكّنت بيتي توتل من اختراق المحظور ومعالجة الوضع الصّحي للبنان بكلّ حنكة وجرأة وذكاء في مسرحيّتها الأخيرة "كولوار الفرج" التي تُعرض على مسرح "دوّار الشمس" في الطيّونة.

كتبت توتل وأخرجت نصّاً مسرحيّاً من رحم معاناتها أثناء المكوث مع والدتها في المستشفى، فأرادت أن توصل الوجع كما هو في إطار تراجيدي وكوميدي يضع الإصبع على الجرح، فلا تعلم أثناء مشاهدتك المسرحيّة إن كنت تضحك لمرارة الواقع أو تبكي لعيشك في System معطّل يُقال عنه "بلد الأرز".

تدور أحداث المسرحيّة في الطابق الثاني من مستشفى "الفرج" حيث أهالي المرضى والطاقم الطبّي والممرّضات يعيشون في نظام "حوار الطرشان" المعطّل لتبقى "العترة على الّلي بيروح".

جسّدت توتل لبنان في طابق من مستشفى ينتظر الفرج، فلعبت على الكلمات. رمت "قنابل" ظاهرها مُضحك وباطنها يحمل رسائل إنسانيّة ووطنيّة قاسية، فوضعت الإصبع على الجرح وحدّدت أطر الفساد والرشاوى التي تفتك بجسد الوطن المريض فتهلكه وتجعل من أهله "لاحقين له" لعيشهم في دوّامة الفساد المستشري مع غياب الأطبّاء الساهرين على صحة الوطن والسماح لعابري السبيل بالتلاعب به، فتتراكم الأخطاء والفضائح مع غياب التواصل بين أعضاء جسد الوطن المهترئ!



ما يميّز المسرحيّة ترابط فقراتها ومشاهدها، الدقّة في الأداء ولغة الجسد الصحيحة عند الممثّلين، فضلاً عن الديكور المميّز الذي يعدّل بسهولة بين مشهد وآخر، تماماً كما أصبح لبنان ديكوراً بوسع أيّ كان تغييره متى أراد.

الحوار مميّز وصادق، خالٍ من الفلسفة والوجدانيّات ويمسّ أفئدة الحاضرين ببساطته وواقعيّته.

وتشير توتل في حديث لـ"نداء الوطن" الى أنّ هذا العمل المسرحي دلالة على أنّ لبنان "واقف ع صوص ونقطة" متأرجحاً بين الحياة والموت كحال مرضى المستشفيات". "نظام البلد معطّل ويجب إعادة تشغيله بأسرع وقت ممكن" تقول، وتلفت الى أنّ "العرض تأجّل من 31 تشرين الأوّل حتى الآن بسبب الأوضاع التي مرّت بها البلاد أخيراً" قائلةً: "لو عرضنا المسرحية قبل ثلاثة اشهر لاعتقد الناس أنّني أتنبّأ بالأحداث!". وأضافت: "بدأت الكتابة في بداية العام الفائت بعد سلسلة الإضرابات في الجامعة اللبنانية والحديث عن تخفيض الرواتب، حرمان المتقاعدين حقوقهم وتردّي الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد أكثر فأكثر". وتشدّد على أنّ "المصيبة جمعت بين أهالي المرضى، ما ولّد علاقة حميمة في ما بينهم، إذ حاولوا الهرب من واقعهم المعطّل كلٌّ منهم على طريقته الخاصّة". المعلومات الواردة في العمل المسرحي صحيحة ودقيقة، نتيجة مراقبتها أوضاع المرضى، أهاليهم، الأطبّاء وشركات التأمين اثناء وجودها قرب والدتها المريضة في المستشفى.ولدى سؤالنا عن دمج مقاطع فيديو بالمسرح، رأت توتل أنّنا "أصبحنا نعيش في عصر "السوشيل ميديا" وبالتالي لا يمكن فصل مقاطع الفيديو عن العمل المسرحي لإيصال الرسائل بكلّ وضوح ونقل المُشاهد من حالة الى أخرى". كذلك توجّهت بالشكر الى الإعلاميّين ريما كركي وزافين كيومجيان اللذين شاركا في المقاطع المصوّرة من المسرحيّة.





يقفل المشهد الأخير من المسرحيّة على تناقضٍ بين الموت والولادة في الحياة، ما يدفعنا الى التفكير بهدف رسالتنا كبشر في وطن يفقد منظومته شيئاً فشيئاً!

* "كولوار الفرج" مستمرّة على مسرح "دوّار الشمس" حتى 21 آذار.

للاستعلام: 03248978.


MISS 3