مايا الخوري

برناديت حديب: هذه المرّة أنا الجلاّد

1 نيسان 2023

02 : 01

صحيح أن إطلالاتها عبر الشاشة الفضيّة محدودة وإنتقائية، لكنها حين تختار شخصية، تعتني بتفاصيلها حتى يعشقها الجمهور. فاختارت هذه المرة وعلى غير عادة، أن تكون شخصية مافياوية مستفزّة هي "المدام" في المسلسل الرمضاني "وأخيراً"( تأليف أسامة عبيد الناصر وورشة الصباح للكتابة وإخراج أسامة عبيد الناصر وإنتاج شركة "الصباح"). الممثلة برناديت حديب تتحدث إلى "نداء الوطن" عن شخصيتها والدراما والمسرح.

ما سبب ابتعادك عن الشاشة الفضيّة؟

ليس في الأمر ابتعاد، بل قرار بعدم تكرار الشخصيات التي قدّمتها سابقاً، لأن من شأن ذلك أن يُفقدني رهجة الإطلالة على الجمهور. أنا إنتقائية بأدواري، وحين يعرضون عليّ أدواراً ضعيفة أو نصّاً ركيكاً أو شخصيات لا تشبهني أو مكرّرة، أفضّل الإبتعاد في انتظار دور مناسب أشعر من خلاله أنني أقدّم شخصية تمتّع الجمهور وتكون على مقدار طموحاتي كفنانة تسعى للتطوّر والتقدّم والإضافة إلى رصيدها. فضلاً عن أن عدم التزلّف لمنتجين ومخرجين وكتّاب يجعلني مبتعدة أو مستبعدة عن الأعمال الفضية. وطالما أنني خارج الكليكات في الساحة الفنية، وغير منضوية تحت عباءة أي ممثل وممثلة ممكن أن يطرحا إسمي في الأعمال، سأبقى بعيدة عن الشاشة الفضية.

تقدّمين شخصية "مافياوية" في المسلسل، ما مواصفاتها؟

"المدام" شخصية واضحة المعالم، تتميّز بقساوتها، التي اكتسبتها بسبب معاناتها في الحياة، فعكست هذه القساوة على الآخرين إنتقاماً ممّا عاشته. حلّلت ماضيها لبناء الشخصية. أراها مستبدّة وظالمة تنفّذ أجندة مرسومة لها، لذا لا تستطيع في أي لحظة من اللحظات، إظهار ضعفها أو مشاعرها. إستمتعت كثيراً في أدائها.

يُقال إن الممثل يستحضر أحاسيسه من مشاهداته اليومية لبناء الشخصية، فهل تعتمدين هذه الطريقة؟

لا أستحضرها بهذه الطريقة، لأن الإنسان بحد ذاته كتلة أحاسيس متناقضة لا تشبه بعضها البعض، فيأتي الإحساس بحسب الموقف والفعل وردّ الفعل. وبالتالي لا حاجة للإستحضار، يكفي المراقبة الجيّدة للمجتمع ورؤية الشخصيات من حولنا كيف تتصرّف وتتعامل مع المواقف، لنستطيع بناء الشخصية وفقها، والإستيحاء منها لتقديمها بطريقة مختلفة عن أداء أي ممثل آخر. على كلٍ، يكفي مراقبة المشهد السياسي في لبنان والسياسيين واللاسياسيين، لتكوين شخصية مماثلة لـ"المدام".





ما التحديات التي واجهتك في الأداء؟

لم أواجه تحديات لأنني استمتعت بكل لحظة، خصوصاً أنني أؤدي للمرة الأولى دور الجلاّد المستبدّ لا الضحية. كما استمتعت لأنني لم أقدّم بعد مثل هذه الشخصية التي لا تشبهني أبداً. رغبت دائماً في الإطلالة على الجمهور بشخصية صادمة مختلفة، وقد تلقيت ردود فعل كثيرة تعبّر عن مفاجأته بها.

هل تابعت الأعمال الرمضانية هذا العام؟

لا أتابع المسلسلات التي تُعرض في رمضان أو خارج السباق الرمضاني، لأن وقتي ضيّق. رأيت بعض المشاهد عبر مواقع التواصل، بعضها جيّد أو جيّد جداً لكنني لن أذكر الأسماء.

ما النقطة الإيجابية التي تُحسب لرمضان المنصّات هذا العام؟

النقطة الأهم هي مساهمتها في الإنتاجات، وهذا أمر يدفع بالمنتجين إلى السخاء على الأعمال. أمّا بالنسبة إلى المشاهدات، فبعض المشاهدين لا يستطيع دفع كلفة الإشتراك الشهري بالمنصّات لمتابعة الحلقات كعرض أوّل، فينتظر عرضها عبر التلفزيون.

تعرّفين عن نفسك دائماً بممثلة مسرحية، ما الميزة التي يمنحها المسرح للممثل؟

المسرح حياة قائمة بحد ذاتها، لا تشبه التلفزيون ولا السينما. هو وسيلة تعبير مختلفة لها قيمتها ووزنها. يتحمّل الممثل المسرحي مسؤولية كبيرة تجاه الجمهور الذي قام بمجهود خاص لريادة المسرح ومشاهدته. فضلاً عن تمتّعه بحرية الإنتقاء الكامل لدوره وللشخصية وكيفية أدائها بتنسيق مع الممثلين الآخرين ومع المخرج. المسرح متنفّس مختلف جداً، يُشعر الممثل بالحرية وبأنه سيّد قرار هذا الصرح. يمكن لأي ممثل مسرحي أداء أي شيء، في التلفزيون أو السينما أو مواقع التواصل الاجتماعي، إنما لا يمكن لأي ممثل تلفزيوني الوقوف على الخشبة التي هي الأساس والقوة والحياة بنظري، لذلك أعرّف عن نفسي بكل فخر وإعتزاز بممثلة مسرح.

إلى ذلك يصبح الممثل المسرحي متمكنّاً من ناحية التعبيرين الجسدي والصوتي ومن ناحية الإلقاء والتعبير في الوجه، ومتمّلكاً كل الأدوات الممكنة لتصل الأحاسيس الدقيقة جداً للجمهور بكل تفاصيلها الحقيقية، لأن الغلط ممنوع على الخشبة فيما هو بديهي وعادي أمام الكاميرا. وعندما نتحدث عن هذه الإمتيازات، نقصد الممثل الحقيقي والقدير والمتمكّن على الخشبة، لا الممثل الهزيل الذي نراه أحياناً في بعض الأعمال الأخيرة.





كيف تحافظين على إيجابيتك مقابل الوضع التعيس الذي نعيشه في لبنان؟

صحيح أن الوضع مأسوي على الصعد كافة، الإجتماعية والإقتصادية والمعيشية إنما يمنحني الأمل إيجابية وإيماناً بغد أفضل، وبأن وراء كل هبوط، صعود، ما يجعلني أرى النصف الملآن من الحياة، خصوصاً عندما أستيقظ صباحاً وأرى أن الله قد منحني يوماً جديداً لأعيشه، ومنحني الصحة التي هي أهم شيء في لبنان حالياً.

أشعر بإيجابية حينما أرسم إبتسامة على وجه الناس المخنوقين من الوضع في لبنان، وحينما أتلقى كمية من الرسائل والتعليقات ما يزيدني إصراراً على نشر الأخبار الإيجابية فحسب، رغم أن لكل منّا ظروفاً معيّنة، لكنني أحتفظ بها لنفسي.

كأحد أعضاء لجنة "الزمن الجميل" التي تكرم نجوماً وفنانين لبنانيين وعرباً، ما المفاجآت التي ستحملها دورة 2023؟

تسير التحضيرات بشكل جيّد، لا أستطيع الإفصاح عنها لكننا سعداء بإنضمام شخصيات لديها قيمة فنيّة وثقافية مهمة للجنة مثل السيدة سعاد قاروط العشي، والشاعر والكاتب والمقدّم زاهي وهبي. وقد شارك الراحل مروان نجار في اجتماع واحد قبل أن توافيه المنيّة. ستكون الأسماء المكرّمة مفاجأة للجمهور الذي اعتاد اختيارنا من يتمتع بقيمة فنية وثقافية مهمّة جداً وبعمله الدؤوب من أجل تقديم أشياء مهمة للناس. إن المهرجان فسحة أمل وبلسمة وفرح حتى نثبت للقريب والبعيد بأن هذا البلد، لن يموت وشعبه لن يختنق ولن يفسح في المجال أمام الشامتين، لأن لديه طاقة وإيجابية وإصراراً لعيش حياة جميلة يستحقّها. مهما حاول السياسيون واللاسياسيون تحطيمنا، ومهما حاولت الدول المحيطة خنقنا، سنثبت بأنهم غير قادرين على ذلك.

ما هي مشاريعك المقبلة؟

إستراحة قصيرة بعد انتهاء تصوير "وأخيراً" وتحضير عرض مسرحي مع المخرج عصام بو خالد من المرتقب إنطلاقه في مستهل العام 2024.


MISS 3