طوني فرنسيس

20 سنة على "قرنة شهوان" هل تولد مجدداً في بيت عنيا؟

6 نيسان 2023

02 : 00

لن يُقاس لقاء بيت عنيا بنتائجه الروحية، فالروحانيات ومسائل الإيمان تبقى خاصة بالأفراد، يترجمها كلّ واحد على طريقته، صلواتٍ وسلوكيات. سيُقاس اللقاء بنتائجه وأثرها على الحياة السياسية العامة. فعند الانتخاب لم يكن وارداً لدى الهيئات الناخبة أن تكون الخلوات الروحية جزءاً من مهام النائب المقبل، ولا كان في برامج المرشحين، ولا في وعودهم، عقد مثل هذه اللقاءات.

ينتظر الناخبون 4 سنوات لتجديد خياراتهم السياسية أو تثبيتها، وفي الانتخابات الأخيرة كانت أزمات الوطن والمواطنين مطروحة بقضها وقضيضها على الطاولة. وعندما قرر الناخبون الاتيان بالسادة الـ53 الذين قاموا بسياحتهم الدينية المشتركة في باص بكركي، كانوا يأملون، كل على طريقته، بحلولٍ للأزمات المتراكمة منذ ثلاث سنوات وباستعادة دور الدولة ومؤسساتها ودور القضاء الحاسم، وتجديد معنى لبنان بلد كل الاديان الذي يقدم نموذجاً عالمياً يُحتذى عن التعايش والتعاون والشراكة.

إلى أي حدّ وُفّقَ الناخبون في خياراتهم؟ هذا سؤال جوابه لدى النواب المنتخبين في ما فعلوه من أجل تحقيق تلك الأهداف، من موقعهم العام كنواب للأمة وصفتهم الخاصة كممثلين للشريحة المسيحية من الجمهور اللبناني، علماً أنّ تمثيلهم لا يقتصر على هذا الجمهور، فنسبة معتبرة منهم وصلت إلى المجلس النيابي بأصوات الطوائف الأخرى، وفي تأملاتها الروحية عليها أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، كمدخل لتذكيرها بمسؤوليتها الوطنية الشاملة.

لم يكتفِ البطريرك الراعي بالتوجيهات الروحية الأخلاقية العامة عندما تحدث إلى الذين لبوا دعوته، فذكّرهم بمسؤوليتهم تجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية كمفتاح للخروج من دوامة الانحلال والتحلل السياسي. والواضح أنّ انتقال النواب وكتلهم إلى التصدي بمسؤولية إلى مهمة الإسراع في الاتفاق على انتخاب الرئيس هي مهمة عامة، إلا أنّ مسؤولية الكتل المسيحية أساسية وجوهرية، انطلاقاً من دورهم التاريخي في قيام الدولة وتقدمها وازدهارها واستقرارها.

قبل 22 سنة أنتجت مواقف البطريركية المارونية نهجاً سياسياً سعى إلى استعادة دولة الاستقلال والدستور، فكان «لقاء قرنة شهوان» الذي تمكّن من الإسهام في خلق مساحات مشتركة مع قوى متناقضة ستقود البلد إلى التخلص من الوصاية السورية. واليوم، في شهر نيسان بالذات الذي شهد ولادة اللقاء عام 2001، يطرح السؤال عن إمكانية ولادة مثل هذا اللقاء مجدداً، ليحاول ترجمة المبادئ والعناوين الوطنية إلى سياسات عامة على المستوى الوطني. بخطوة من هذا النوع ستنتفي الحاجة إلى اجتماعات نيابية واسعة من دون جدوى، وتستعيد الخلوات الروحية موقعها ودورها الديني والأخلاقي.


MISS 3