شربل داغر

القصيدة لا تبالي بالذكاء الإصطناعي!

14 نيسان 2023

02 : 00

"الذكاء الاصطناعي": ما كان حلمَ الأمس، بات رعبَ اليوم، وخصوصا الغد، بصورة أكيدة وتوقعات مرعبة.

هذا ما يقوله ويرجحه من يَعملون على استكشاف طاقات، بل ممكنات هذا الذكاء: الإنسان، لا سيما الإلكتروني، يستولد آلة (في اختصار)، لكنها لن تلبث أن تهدد إدارة الإنسان لموارده وطاقاته.

قراء الغيب الإلكتروني يفحصون، ويستكشفون ما لها أن تؤول إليه الآلات الإلكترونية المصنُعة: لها أن تَدفع ملايين البشر إلى البطالة العاجلة...

هذا ليس بغريب عن تاريخ الإنسان القريب، إذ عرف القرن التاسع عشر، مع الثورة الصناعية بمسبقاتها وملحقاتها العلمية والعملية، انتقال عشرات الملايين من البشر من العهد الحِرَفي إلى العهد الصناعي، بل من العمل (ايا كان) إلى البطالة أو التهميش.

هكذا يتمُّ، منذ اليوم، الحديث عن مهن عديدة مهددة بالانتقال من العهد البشري إلى العهد الآلي. هذا ما دفع إيلون ماسك (مالك "تويتر" وغيره) إلى التوجه إلى كبار العاملين والشركات المعنية مباشرة بهذه القفزة الهائلة إلى التروي، بل إلى التوقف، ولو لستة أشهر فقط.

هذا ما أقرأ عنه بقدر واسع من التتبع والاهتمام، إذ إن النقلة لا تقاس بنقلات سابقة، حين حلت يد الآلة محل اليد العضلية، ما دامت تهدد ثورة الذكاء الاصطناعي جانباً كبيراً من مهن الإنسان...

اتابع، من دون أن أقلق في ما يخصني، على الأقل لجهة كتابتي الشعر. القصيدة ليست معنية بكل هذا الضجيج، ولا بهذا الارتياب الشديد.

بل أقول إن القصيدة عصية على هذا كله، وليست معنية به. فهي تجانب في الأساس... الذكاء، فكيف إذا كان اصطناعياً! قرأتُ بالصدفة بعض إنتاجات هذا الشعر "المصنَّع"، ووجدتٌ فيه، مع مدبري المسعى، فشلاً فنياً وجمالياً.

أتت القصائد سليمة البناء اللغوي (بعكس قصائد وقصائد "احترافية"، ومنها لشعراء معروفين)، لكنها اتت (في نظري على الأقل) من دون قوام مجازي أكيد، أو هيئة وتعالقات جمالية مستحبة ومطلوبة في الشعر في الزمن الحالي.

القصيدة تبقى- على الرغم من الحديث عن "خرسها"، وعن محدودية انتشارها - التعبير الأجلى، بين فنون الإنسان، عن حرية التعبير والانفعال والتخيل الإنساني، وعما لا يجتمع في غيرها:

القصيدة مستقبلنا.


MISS 3