شربل داغر

بين القصيدة واللوحة

13 حزيران 2022

02 : 00

ينتهي مهرجان كان السينمائي من دون فضيحة أو ضجيج... يسعى أحد زوّار متحف اللوفر إلى تشويه لوحة "الموناليزا"... يتم توجيه الاتهام إلى رئيس المتحف الشهير بـ"تبييض الأموال" من جرّاء سرقة آثار عربية...

هذه أخبار سريعة في الأسبوع المنصرم ممّا حدث في فرنسا وحدها. ويمكن زيادة غيرها في البلد نفسه وغيره بالطبع... من دون أن يعتبر الأديب العربي أو الناقد أنها تشمله وتعنيه، وأن له أن يفكر فيها، في معانيها.

ذلك أن هذا الناقد، أو الأديب، مشغولٌ بقضايا يعتبرها هي الأجدر بمتابعته، وبكون "الأدب" أرفع من أن يلتفت إلى هذه "الصغائر" في سوق التداول.

هذا الأديب، أو الناقد، لا يزال يرجع (بشكل تلقائي واقعا) إلى ما هو "إرث" و"تقليد" من دون تبصّر، أو مراجعة.

لا يزال يعتقد أن "الأدب" هو عالي الإبداع؛ وأن ليس له أن يلتفت إلى ما عداه، إلى ما يجاورُه، ويتأثر به (من دون وعي، واقعا).

هذا الأديب، أو الناقد، لا يَعرف حقيقة الانقلاب الجاري، وهو أن الصورة... "أكلت" كل شيء، وقلبتْ شروط التداول، عدا أنها باتت تحدد معايير الجمالية.

وهو انقلاب أكيد منذ المنتصف الثاني للقرن التاسع عشر، حيث التقت تجربة التجديد الشعري مع تجربة التجديد التشكيلي.

وهو ما عنى ابتعاداً عن "غنائية" القصيدة (المرتبطة بحاجات حوارية في البلاط والمجالس، بعد الأناشيد)، صوب مشهدية تعبيرية كفيلة بنفسها، من دون "سَيَلان" العواطف المائعة والمكرورة.

هذه المشهدية البصرية معدودة، ضعيفة الحضور في القصيدة العربية الحديثة، حيث إن تضاؤل الصورة القديم في الثقافة الإسلامية لا يزال يَفعل (من دون وعي في غالب الأحوال) فعلَه في الثقافة العربية المسمّاة حديثة من دون ثقافة الصورة.

هذا لا يعني أن بناء اللقطة (السينمائية)، أو المشهد (المسرحي)، او التعيين السردي، وغيرها تَغيب في حاضر الشعر العربي الساري.

وإنما يعني أن هذا الشعر لا يزال يميل إلى "الدندنات" الطَّرَبية، ومكرورِ المبثوث السياسي والإيديولوجي، والغناء العاطفي البليد (دون مقاربة الشهوة في القصيدة)...

هذا ما يُبقي الشعر... تقليدياً، ومشدود الصلة باجتماعية رتيبة، راسخة البنيان، على الرغم من الصراخ عن الهامشية والتمرد والصعلكة وغيرها.

كتب جان كوكتو : "السينما كاميرا في رأس شاعر" : أيصحّ هذا في بعض الشعراء العرب؟


MISS 3