جنى جبّور وجورج بوعبدو

سامي خياط... المسرح الفكاهي في حداد

27 نيسان 2023

02 : 01

بعد مسيرة زاخرة بالعطاء، رسم خلالها البسمة على وجوه كثيرة، خسر المسرح الفكاهي في لبنان أمس، أحد روّاده المخرج والكاتب والممثل المسرحي سامي خيّاط، الذي نشر طيلة الستين عاماً، الطرافة والسخرية منتقداً أخطاء ترتكب بحق الوطن برسائل مباشرة ومبطنة واضعاً إصبعه على جرح ينزف. هو المثقف الذي لم يدرس المسرح، وبحوزته ست إجازات في الحقوق والعلوم السياسية وفي الأدب الفرنسي المعاصر والألسنية، وهو المدافع الشرس عن حقوق الحيوانات، كونه ترأس جمعية تناهض الانتهاكات التي تتعرّض لها الحيوانات، والطريف الذي لم يتسخف يوماً بذوق جمهوره العام، فتمسك بتقديم الاعمال الساخرة الرصينة البعيدة عن العبارات النابية او المعاني المسيئة، مقدماً أكثر من 55 مسرحية لجمهوره الواسع ذي الغالبية الفرنكوفونية.

ولد في عائلة لا تجيد الا الفرح والابتسامة؛ والده ألبير خياط كان يشغل وظيفة مدير عام شركة مياه بيروت ويتميز بحس رفيع من الدعابة، فمده بأساليب إخراجية بدائية، منذ كان يقيم له مغارة الميلاد، مجسداً أصوات الرعد، مستعيناً بالتنك والأضواء لتجسيد البرق. والدته من دلبتا الكسروانية، وكانت تنظم مع جدته حفلات رقص وفرح دائم في "بيت العائلة". 





شارك منذ صغره في مسرحيات المدرسة، ووقف لأول مرة على الخشبة، أمام الأهالي، في سن الرابعة عشرة من عمره وتحديداً في العام 1959.

بعيداً عن الفن، كان اول عمل له في قسم المعلومات في بنك الصناعة والعمل؛ وزاوله لست سنوات دخل بعدها الى وزارة الخارجية حيث عُين مدير علاقات عامة وإعلام في قسم المغتربين ليعود ويهرب بعد ثلاث سنوات الى احضان عشقه الاول اي الكوميديا والمسرح. كتب خياط في وسائل إعلامية باللغة الفرنسية، في "الأوريان" وفي "الماغازين" و"روفو دو ليبان".

دخل تلفزيون لبنان، القناة الفرنسية، العام 1960 مع ايفيت سرسق وعمل معها في برنامج "ايفيت تستقبل" Evette Recois. وفي 1985، قدم "سمكة شو" أول عمل فكاهي على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال.

في المسرح

من الشاشة الصغيرة، الى ملعبه الذي يعشق، نفذ الراحل اكثر من 55 مسرحية، الاولى كانت العام 1960، تحت عنوان "موليه أوغو وسوفوكول"، بعدها كرت السبحة بأعمال كثيرة أبرزها: "أبو كليبس"، "الياس فور الياس"، و"مسرح الساعة العاشرة"، "بعبدا بوم"، "كوما سافا"، "ستار إيبيديمي"، "مين دريان"، "قرف"...

تميّز باستخدام اللغة الفرنسية بطلاقة، وكانت ترافقه في مسرحياته زوجته نايلة خياط، التي كان ينتظرها الجمهور بأدوار عدّة، أبرزها يتمحور حول اداء أغنيات داليدا، وتقليدها لشخصية شارلي شابلن. كثيرة هي الأسماء التي انطلقت مع سامي خياط او تعاملت معه من طوني أبو جودة الى بيار شماسيان وفؤاد عواد وليلى حداد وكميل سلامة الذي كان يتنقل بين مسرح ريمون جبارة ومسرح خياط.




جوائز وتكريمات

تسلم الراحل الكثير من الأوسمة والجوائز المحلية والدولية عن مسيرته الفنية أبرزها وسام الفنون والآداب برتبة ضابط من الدولة الفرنسية، تكريم من "مؤسسة جبران تويني" و"مؤسسة فخر الدين الثاني"، جائزة عن أفضل مسرحية إنتاجية في العام 1990، وعن أفضل مخرج سينمائي في 1992، كما كُرّم من اتحاد الفنانين اللبنانيين عن أعماله المسرحية بالفرنسية.





فور انتشار خبر وفاته، نعاه الفنانون عبر «نداء الوطن» مستحضرين ما طبعه في ذاكرتهم الفنية:

جورج خباز

سامي خياط رمز من رموز المسرح الذي ينتقد الحياة الإجتماعية والسياسية ببراعة مركباً كلمات جديدة على أغانٍ مشهورة بأسلوب معروف بالـChansonniers انطلق أساساً من فرنسا فاستحضره الى لبنان تاركاً بصمة كبيرة فيه. خسرنا أحد رواد هذا المسرح العريق فقد تمكن الراحل من تكوين مسرح خاص به فجّر من خلاله طاقته التي تميز بها. رحمه الله لقد أضحكنا كثيراً وكان هوية بحد ذاتها تجمع بين العربية والفرنكفونية في قالب مميز ونادر.

نعيم حلاوي

عرف خياط كيف يملأ الدنيا ومسارحها بالثقافة والصخب والضحكة والاحتفاليات. هو إنسان كبير زرع الابتسامة وأثرى المكتبة الثقافية والمسرحية الكوميدية اليومية. غادرنا بصمت من دون أن يشارك العالم وضعه الصحي أو معاناته المرضية تفادياً للحزن والشفقة. الرحمة لروحه والصبر لعائلته، علّ الزمن يعوّض لبنان برجالات من نوع سامي خياط النادر والتابع لزمن العطاء الجميل والأصالة العميقة.

طوني أبو جودة

سامي هو البداية بالنسبة الي، معه بدأت مشواري عندما كنت في العشرين وعلى مقاعد الدراسة، علّمني الكثير في المسرح وأصوله... الخبر نزل عليّ كالصاعقة عن شخص أعطى الكثير للبنان والمسرح. ما يعزّيني رغم حزني العميق هو ادراكي التام بأنه عرف كيف يعيش حياةً مثاليةً كممثل وأب وأستاذ جامعي. كان مصدر وحي لجيل بأكمله وأنا واحد منهم، رحمه الله ولن ننساه أبداً.

ماريو باسيل

كان صديقاً وشخصاً قريباً بالنسبة الي، عملنا سوياً في «مهرجانات الأرز» وجرت العادة أن أكون أول الموجودين بين الحضور في كل مسرحية له. التقيته مراراً في فاريا بينما كان يمارس رياضة التزلج وتفاجأت بكمية الطاقة التي يختزنها إلى جانب الفن الشامل الذي كان يقدمه لنا من رقص وغناء وتمثيل ساخر.

رحيله خسارة لنا وللبنان. عجيب هذا البلد كيف يخسر خيرة شبابه ومعلميه ولا يبقى معمِّراً فيه إلا الفاسد.

بيار شماسيان

سامي كان أستاذي في التمثيل والمسرح ومدرسة واسعة. أشعر بحزن عميق لانني فقدت رفيق درب واكبني في مسيرتي وشاركني الابتسامة وحرفة الاضحاك، رحمه الله.

نقيب الممثلين المحترفين نعمة بدوي

هو يوم حزين جداً على الوسط الفني في لبنان، فالمسرح عموماً والمسرح الكوميدي خصوصاً فقد عنصراً مهماً وشخصية مثقفة ومرحة.

سامي خياط الذي نذر نفسه لاسعاد الجمهور وزرع الابتسامة، كان ظاهرة فريدة من نوعها بأدائه وتعابيره وأكسسواراته ونصوصه. لروحك الرحمة، وباسمي وباسم نقابة الممثلين ننعيك فقيداً كبيراً ونتقدم بأحر التعازي لعائلتك ومحبيك.

هشام حداد

سامي خياط الملك، الذي تأثرت به منذ طفولتي إلى جانب بيار شماسيان، فكنت أتابع بحماسة أعمالهما ومسرحياتهما بالكامل وتعلّمت أولى تقنيات المسرح والنص الكوميدي منهما. سامي هو أساس كل ما عشناه حتى اليوم في تاريخ المسرح الكوميدي، وكانت لي مقابلات تلفزيونية معه، ولكنني اليوم ومع خبر وفاته أتمنى لو تشاركنا عملاً مسرحياً قبل رحيله. انه خبر مؤلم.

شادي مارون

رحل المعلّم؛ رحل كبيرنا الذي على فنّه تربينا، فهو من أسّس مسرح الشانسونييه وعمل من دون كلل لمدة تزيد عن الـ50 عاماً وأعطى الكثير. برحيله خسر لبنان أحد صنّاع الكوميديا لروحه الرحمة وتعازيّ الحارة لعائلته.

جوزيان بولس

برحيل سامي فقدت صديقاً عزيزاً فالأيام التي عشناها سوياً لا تتكرر وكانت مغمورة بحب الحياة والمرح، فمنذ نعومة أظفاري وسامي موجود في حياتي حتى في أسوأ أيام الحرب كنا نرتاد مسرحه؛ وكان في كل مرّة يدخل البهجة الى قلوبنا ناهيك عن طيبة قلبه وتقليده شخصيّات كثيرة... كان صديقاً عزيزاً فعلاً. كنت على علم بمرضه في الآونة الأخيرة ولكنني لم أدرك يوماً أنه سيتركنا بهذا الشكل المفاجئ. لم يمض وقت طويل على توقيع كتابه الأخير في جامعة اليسوعيّة الرحمة لروحه وعزائي لعائلته.

غابي حويك

تعاملت مع الراحل في «مهرجانات الأرز» وكانت تجربة مميزة. سامي خياط مرجع في فن الـشانسونييه، تميز بطاقته الفريدة والإيجابية التي رافقته حتى آخر أيامه، وعرف بنشاطه الوافر الذي أثمر إنتاجاً متواصلاً وغزيراً. شخص مثقف عرف كيف وماذا يقدم في مسرحه.

سامي الله يرحمك واسمح لي أن أشكرك على كل الفرح الذي قدمته لنا.











MISS 3