جاد حداد

كيف يستفيد الأطفال من أسرةٍ ثنائية اللغة؟

12 آذار 2020

12 : 32

تكشف دراسة جديدة أن الطفل الرضيع في أسرة ثنائية اللغة يركّز على المعلومات الجديدة بوتيرة أسرع من الأطفال الآخرين.

لم يصدر أي حكم نهائي بعد عن آثار تعلّم لغتَين في المنزل. لطالما أشاد الناس بمنافع ثنائية اللغة على مستوى القدرات المعرفية على المدى الطويل، مع أن بعض الأبحاث يشكك بوجود تلك المنافع أصلاً. لكن رصد الباحثون الآن جزءاً من المنافع المزعومة لدى أطفال لم يتعلموا النطق بعد.

استناداً إلى نتائج دراستهم الجديدة، استنتجوا أن العيش في منزل ثنائي اللغة يساعد الأولاد على تطوير مرونة إضافية لاكتساب معلومات جديدة، حتى قبل أن يتعلموا النطق.

أجرت جامعة "أنغليا روسكين" في "كامبريدج"، بريطانيا، الدراسة الجديدة ونُشرت نتائجها في مجلة "المجتمع الملكي للعلوم المفتوحة".

تتعلق الفرضية الخاضعة للدراسة بقدرة البيئة اللغوية الأكثر تعقيداً في منزل ثنائي اللغة على تمكين الطفل من تحويل انتباهه بين مختلف الحوافز بوتيرة أسرع.

كان دين دسوزا، وهو محاضر مرموق في جامعة "أنغليا روسكين"، المشرف الرئيس على الدراسة.يكتب دسوزا وزملاؤه في تقريرهم: "نفترض أن التعرض لبيئات لغوية أكثر تنوعاً وأقل توقعاً يدفع الطفل إلى تحليل عوامل إضافية عبر تخفيف التركيز على المعلومات المألوفة استعداداً للتوجه نحو حافز جديد واستكشافه في مرحلة مبكرة".


اختبار الانتباه

يوضح دسوزا: "نعرف أن الطفل يستطيع تعلم لغات متعددة بسهولة، لذا أردنا استكشاف طريقة تحكّمه بها. يكشف بحثنا أن الطفل في أسرة ثنائية اللغة يتكيّف مع بيئته الأكثر تعقيداً عبر البحث عن معلومات إضافية".

حلل الباحثون بيانات تعقب العين لدى أطفال رضع بين الشهر السابع والتاسع بلغ عددهم 102. كان نصف أولئك الأطفال ينتمون إلى أُسَر ثنائية اللغة. تكون الأسرة ثنائية اللغة وفق تصنيف الباحثين إذا كان الطفل يستعمل لغتين أو أكثر يومياً ويسمع لغته الأم في 75% من المرات كحد أقصى. تألفت المجموعة المرجعية من 51 طفلاً آخر.

عرض الباحثون على كل طفل سلسلة صور وراقبوا محور تركيزه باستعمال كاميرا وجهاز تعقب العين عن بُعد Tobii Pro TX300.

أجرى العلماء أربع تجارب مع كل طفل:

تجربة التبديل: تتعقب هذه المهمة ميل المشاهد إلى توقّع ظهور صور جديدة بعد رؤية نمط متكرر من الصور المختلفة.

تجربة الذاكرة البصرية: تؤكد هذه المهمة على ملاحظة المشارك للاختلافات الدقيقة بين صورتين وتغيير محور تركيزه نتيجةً لذلك.

التجربة التمثيلية: إنها مهمة معاكسة، ما يعني أنها تُقيّم طريقة تجاوب المشارك مع اختلافات أقل تفصيلاً.تجربة تداخل الفجوات: تقيس هذه المهمة قدرة الشخص على التخلي عن حافز معيّن وتحويل انتباهه سريعاً إلى حافز آخر.


نتائج التجارب

أثبتت نتائج تجارب الصور أن الأطفال الرضع في الأسر ثنائية اللغة كانوا يحوّلون تركيزهم أكثر من الأطفال في المجموعة المرجعية، ما يعني أن بيئتهم المنزلية جعلتهم أكثر قدرة على التعامل مع الحوافز المتبدّلة سريعاً.

كشفت الدراسة أيضاً أن هؤلاء الأطفال كانوا أسرع من المجموعة المرجعية في التخلي عن صورة معينة وتجديد تركيزهم على صورة جديدة.

في النهاية، يستنتج دسوزا: "يبدو أن العيش في بيئة ثنائية اللغة يكفي لاكتساب هذه المنافع. وبما أن الطفل الرضيع لا يتعلّم النطق في هذه المرحلة، سيكون التعرّض للغة ثانية كافياً لرصد فرق واضح. يحصل ذلك على الأرجح لأن البيئات ثنائية اللغة تُعتبر أكثر تنوعاً وأقل توقعاً من البيئات أحادية اللغة، ما يعني أن التعلم فيها يطرح تحديات إضافية. يستفيد الأطفال على مستويات عدة من تفقّد محيطهم بوتيرة سريعة ومتكررة. حين يحوّل الطفل انتباهه مثلاً من لعبة إلى فم المتحدث، قد يتعلم مطابقة أصوات الكلام مع حركات الفم".

لهذا السبب، يعتبر الباحثون أن قدرات المشاركين في تجاربهم تعكس استجابة تكيّفية مع بيئة معينة وليست جزءاً من منافع عامة تمنحها لهم ثنائية اللغة.


أبحاث مرتقبة

في المرحلة المقبلة، ينوي الباحثون استكشاف مدى تأثير قدرات تحويل الانتباه في مرحلة مبكرة من الحياة على مسار نمو الأطفال مع مرور الوقت. حتى أن بعض الدراسات يفترض أن النشوء في بيئة ثنائية اللغة قد يؤخّر ظهور أمراض الزهايمر والخرف لدى الراشدين في عمر متقدم.


MISS 3