ليا-ماريا غانم

شركات تحويل الأموال وألواح الطاقة تحتلّ الجسور والـ"بانويات"

وحدها الإنتخابات تُنعش الإعلانات

4 أيار 2023

02 : 01

منسية من العام الماضي (فضل عيتاني)

تُعدّ اللافتات الإعلانية أو اللوحات الإعلانية جزءاً لا يتجزّأ من «ديكور» الطرقات في العالم عموماً وفي لبنان خصوصاً. الفارق أن الديكور اللبناني عشوائي بامتياز، فكل المساحات المتاحة قانوناً للـ»بانويات» كانت مشغولة ويضاف إليها ما لا يتيحه القانون، فتنشر الإعلانات كحبال غسيل على الجسور من ميل إلى ميل، أو تغطي الصورة الإعلانية طول البناية وعرضها، والسطوح معروضة لمن يستثمرها بتركيب منصات وكذلك التلال الاستراتيجية. ما أبعد الأمس عن اليوم.



بعدما كان القطاع الإعلاني من أبرز القطاعات وأكثرها ازدهاراً، باتت السوق في الأعوام الخمسة الأخيرة تنتظر مواسم الانتخابات النيابية، أو البلدية كي «تقوم بحالها»، وجاء تأجيل الإنتخابات البلدية كي يضرب القطاع المضروب أصلاً الذي سجّل تراجعاً، خاصة على اللوحات المنتشرة على الطرقات، بشكل صادم وبنسبة 80 في المئة تقريباً.

غابت صور المرشحين وشعاراتهم عن الطرقات الرئيسة والفرعية، وهذا الأمر بديهي بعد حوالى السنة على إجراء الإنتخابات التي سبقتها حملات ضروس وشعارات من عيون الأدب والوعود البرّاقة. وحدها صور المرشح الطرابلسي عمر حرفوش لم تغب عن الطرقات، لا بل تجدّدت، وتحدّثت. على جادة الإمام الخميني (جادة مطار بيروت) صور حرفوش على الصفّين مع دعايات لمنتجات غذائية.

وما يلفت الإنتباه اليوم، كثافة إعلانات الـ»OMT» والـ»Western Union» على الأوتوستراد الساحلي والجسور بعد انتهاء عصر المصارف الذهبي وتبخّرت وعود الأمان والراحة. اليوم الـ»O.M.T» حدّك، ومعك، هي وابنة عمها اللدودة Wish money ، وواضحة، من خلال إعلانات الطرقات، حدّة المنافسة بين متعهّدي ألواح الطاقة الشمسية ومستورديها. إنها الطاقة البديلة عن خدمات شركة كهرباء لبنان وقاديشا وأخواتهما ودعايات مستلزمات البحر على أجساد تقول للشمس: تعالي تعالي...



عمر حرفوش على طريق المطار (فضل عيتاني)


...وليست شغلة المصارف (تصوير فضل عيتاني)


لوحة سوداء (فضل عيتاني)



إنفاق موسمي

وحول حال القطاع الإعلاني المتراجع يوضح رئيس نقابة أصحاب وكالات الدعاية والإعلان في لبنان جورج جبور عبر «نداء الوطن» الواقع بالأرقام «بلغت مداخيل قطاع الإعلانات على الطرقات في العام 2016ـ2017 نحو 40 مليون دولار، وارتفعت في العام 2018 إلى 48 مليون دولار بسبب الانتخابات النيابية، في العام 2019 ومع بداية الثورة في تشرين الأول انخفضت إلى 30 مليون دولار، وفي العام 2020 قُدّرت بـ5 ملايين دولار (بين اللولار والدولار)، ولم تتخطّ في العام 2021 المليونَي دولار لتعود وترتفع في سنة الإنتخابات إلى 11 مليون دولار».

بعد العرض الرقمي، أكد جبور أن الإعلان هو مرآة الوضع الاقتصادي، متى اهتزّ الوضع الاقتصادي، حكماً سيتزعزع وضع القطاع الإعلاني، وفي حال لم يتحسّن الوضع الاقتصادي فلن تعود العجلة إلى الدوران(...) وبالتالي إن لم تعالج المشكلة الاقتصادية بخطة إصلاحية فعلية فلن تعود عجلة قطاع الإعلانات إلى ما كانت عليه سابقاً. فمتى تتحسّن صورتنا في الواقع لتعود فوضى الإعلانات إلى سابق عزّها وترتدي اللوحات المزروعة على جانبي الطرقات ما يناسبها ويناسب المعلن وما يرضي ذوق المستهلك... الرفيع؟

الجواب مؤجّل إلى أن يمشي تران الدولة على السكة الصحيحة.




القدس حتماً


عارية على أوتستراد ضبيه


في انتظار المعلن الكريم


إنتخابات ودولارات

يبدو أنّ الحراك الإنتخابي وحده يعيد بعض الحيوية إلى هذا القطاع، وفي حديث الباحث في الدولية للمعلومات إلى «نداء الوطن» تطرّق إلى مجمل الإنفاق الإنتخابي (الإعلاني) وتبيّن من خلال الإحصاءات «أن الكلفة قُدّرت بحوالى 20 مليون دولار دفعتها الأحزاب السياسية وهذا الرقم أقل بكثير مما أُنفق في دورة الـ 2018 والذي وصل إلى 80 مليون دولار وهذا الأمر مردّه إلى الركود الاقتصادي الحاد وتراجع أسعار الإعلانات، وأنه لم يكن لدى كل الأحزاب التمويل الكافي للدفع بهذا القدر، باستثناء 4 أحزاب أساسية استأثرت بمعظم اللوحات الإعلانية». أما في ما خصّ الإنفاق خلال فترة الانتخابات النيابية على اللوحات الإعلانية، فيؤكد شمس الدين «أن قانون الانتخابات حدّد سقفاً مالياً لكل مرشح على الانتخابات النيابية لصرفه، وهو على النحو التالي: 750 مليون ليرة لكل مرشح + 750 مليون ليرة للمرشح في اللائحة وهذا الرقم متحرك بحسب عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى مضروبة بـ 50 ألف ليرة، وبعملية حسابية بسيطة يكون المجموع 20 مليار ليرة وهذا الرقم يختلف حسب كل دائرة بسبب عدد الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية الكبرى.

ما يعني أن المرشح في دائرة بيروت الثانية كان يحقّ له إنفاق التالي: 750 مليون ليرة + 750 مليون ليرة + 370 ألفاً (أي عدد الناخبينx خمسين ألف ليرة) ويكون المجموع بنحو 20 مليار ليرة. ويعطي شمس الدين مثلاً عن دائرة الجنوب الثالثة، إذ وصل مبلغ الإنفاق إلى 24 ملياراً و522 مليون ليرة، أما في دائرة الجنوب الأولى وصل إلى 7 مليارات و961 مليون ليرة، ومن ضمن هذه الأرقام يتمّ تخصيص مبلغ محدد للإعلانات على الطرقات وعبر وسائل الإعلام.

الإنتخابات النيابية، تجدّد الحياة السياسية إلى حد ما، وفي الوقت نفسه تنعش القطاع الإعلاني، ولا يعوّل العاملون في القطاع كثيراً على الإنتخابات البلدية، التي يظّل حجم الإنفاق فيها أقل والشعارات أقل والصور أقل وتلويث البيئة أقل. فماذا عن «مردود» الإنتخابات البلدية المنتظرة في خلال سنة؟

يعتبر نبيل كارا (مدير عام في إحدى شركات الإعلان) «أن الانتخابات البلدية قد تحرّك السوق بعض الشيء ولكن ليس بقدر ما تفعله الانتخابات النيابية التي تُنعش هذا القطاع بشكل كبير» ويوافقه تماماً زميله بول حنا (مدير تجاري في إحدى الشركات) فيشير إلى «أن القطاع لا ينتظر فترة الانتخابات البلدية كي ينتعش».

تخفيض الموازنات الإعلانية

في جولتنا البصرية على إعلانات ما قبل الصيف، بدت الكثير من الـ»بانويات» عارية. على الحديد إذا صح التعبير. و»إعلانات الطرقات، بحسب بول حنا، تشكّل 30 في المئة من السوق الإعلانية في أقصى حدّ جراء الأزمة الاقتصادية في لبنان. وقد سجّل القطاع تراجعاً بنسبة 80 في المئة. وتقديرات نبيل كارا ليست بعيدة إذ يعتقد أن «مداخيل السوق الإعلانية تراجعت من 80 إلى 90 في المئة».

وبخلاف سنوات العز «كل الإعلانات مسعّرة بالفريش دولار، بحسب حنا، وقد اضطرت الشركات للإكتفاء بـ40 في المئة من التعرفة التي كانت عليها سابقاً. ويتمّ تسعير اللوحة الإعلانية إستناداً إلى حجمها وإلى المنطقة. وبديهي أن تسعيرة الإعلانات في الأطراف أي في الشمال والجنوب والبقاع أقل ممّا هي عليه على الأوتستراد الساحلي من بيروت إلى جبيل على سبيل المثال».

ويضيف حنا: «تتراوح أسعار (حجوزات) اللوحات الإعلانية لمدة شهر، ما بين الـ300 دولار والـ3000 دولار تقريباً». ويؤكد أن أكثر النقاط الاستراتيجية التي يتوجّه إليها المعلنون هي من الدورة، جل الديب، الزوق، وصولاً إلى جونية وبطبيعة الحال في بيروت والـ»downtown» والأشرفية والحازمية وطريق الشام. لا أسعار موحدة للشركات. ولو تقاربت. نبيل كارا لم يشأ الخوض في تسعيرات اللوحات الإعلانية معتبراً أنها «تُسعّر بحسب حجمها والمنطقة التي سيتم وضعها بها، والمنطقة الأعلى كلفة في سوق الإعلانات هي من الكرنتينا وصولاً إلى جبيل».

الإعلانات صورة تقريبية لطبيعة النشاط الإقتصادي في بلد يعيش على الأوكسيجين وعلى إيقاعات الأزمات المالية والسياسية وما يتفرّع منهما. «ومع تراجع كل القطاعات جرّاء الأزمة الاقتصادية، ومع كل أزمة من الطبيعي أن تقوم الشركات بـ»cut budget» للإعلانات للتخفيف من الـcost على الرغم من أن هذا الأمر غير سليم على الإطلاق، لأنه في الأزمات يجب زيادة الإعلانات لأخذ مساحة كبرى في السوق وليس تخفيضها». ويرى حنا أنه «في هذا المجال، ومع اشتداد الأزمة وُلدت قطاعات جديدة وأقفلت قطاعات أخرى، فبعض المعلنين كان في الصدارة سابقاً، مثلاً في قطاع السيارات والمصارف والشركات المالية واليوم تراجع بشكل ملحوظ جداً، وزادت في المقابل شركات تحويل الأموال وجماعة الطاقة الشمسية أي كل جديد وُلد من رحم الأزمة، التي بدورها أبقت هذا القطاع صامداً ولو بالحدّ الأدنى».

ويؤكد حنا أننا نناضل باللحم الحيّ للبقاء في السوق والصمود من خلال الشركات التي ولدت والتي تطلب الإعلانات، لافتاً إلى أن أموراً كثيرة تبدّلت فالبعض استفاد من الأزمة والبعض الآخر لم يستفد.

وفي مقاربة كارا للسوق الإعلانية (على الطرقات) فهو يلاحظ تراجعاً بالنسبة نفسها التي تراجعت فيها المداخيل، «ونحن اليوم نأخذ من 10 إلى 15 في المئة ممّا كنا نجنيه ما قبل الأزمة تقريباً». ويؤكد أن غالبية الزبائن التي كنا نتعامل معها في السابق لم تعد موجودة ولم يبق إلا 20 في المئة منها، فالشركات العالمية وشركات السيارات «اختفت» من السوق اليوم. ويلفت إلى أن وضع الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي لم يؤثر على الإعلانات الموجودة على الطرقات إطلاقاً، معتبراً أنه أثر فقط على الصحف.

الشروط الفنية للّوحات الإعلانية

- الحصول على رخصة من البلدية لمختلف أنواع اللوحات الدعائية، والموافقة على تصاميم اللوحات المبدئية والألوان والمواد المستخدمة.

- إلتزام صاحب الإعلان بالصيانة الدورية وإصلاح الأعطال والتلف الناتج عن الحوادث المرورية والعوامل الطبيعية، ورفع المخلّفات الناتجة عن ذلك والتأكد من سلامة التركيبات الكهربائية.

- عدم إعاقة لوحات الإعلانات لحركة المرور أو حجب الرؤية في الطرق العامة وأرصفة المشاة.

- ألا تكون المواد التي تدخل في صناعة اللوحات الإعلانية مواد قابلة للإحتراق.

- إختيار الموقع المناسب للوحات الإعلانية، بحيث تكون بعيدة عن أماكن الخطر كقربها من المواد القابلة للإشتعال أو مناطق التخزين، وألا تُشكّل نقاط جذب للأطفال، وألا تؤثر على درجة إنتباه السائقين.

- ألا تكون اللوحات الإعلانية مصدر إزعاج صوتي أو ضوئي.

- ألا تؤثر اللوحات الإعلانية على البصر من جرّاء تركيبات الألوان وتناسقها.

- مراعاة تركيب اللوحات وإبرازها بشكل فني يضمنان تناسقها مع غيرها من اللوحات الأخرى، كما يجب ألا تؤثر اللوحة على الواجهة الحضارية للمبنى أو الشارع.

- الأخذ في الإعتبار إيجاد مساحة كافية للوحات الإعلانات عند تصميم مبنى جديد يحتوي على محلات تجارية.

- قيام البلدية بمراقبة اللوحات الإعلانية في ما يتعلق بالصيانة والنظافة.

كم لذيذة هي القوانين حين تُسنّ وما ألذّ منها سوى التطبيق على الطريقة اللبنانية!


شروط وضع الإعلانات على الطرقات

يُحظر وضع الإعلانات في المناطق اللبنانية إذا كانت:

تتعارض مع القوانين والأنظمة النافذة في الوطن.

تتعارض مع النظام العام والآداب العامة.

غير نظيفة وبحالة مهترئة.

غير مثبتة بمتانة وبطرق مأمونة في المبنى أو المنشأ أو الأرض.

ذات تأثير سلبي على السائقين، لجهة تداخلها أو تعارضها مع إشارات وعلامات المرور.


MISS 3