الأبيض: لخطة وطنية تعالج العبء المتزايد لمرض السرطان

17 : 14

عقد بعد ظهر اليوم الثلثاء، في قاعة المؤتمرات في "بيت المحامي" ببيروت، مؤتمر عن الوقاية من السرطان، بدعوة من المركز الصحي في نقابة المحامين في بيروت، برعاية وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، ومشاركة نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار ونقيب الأطباء السابق جورج افتيموس، امين سر نقابة المحامين في بيروت سعدالدين الخطيب وأمين الصندوق وأعضاء مجلس النقابة والتقاعد الحاليين والسابقين وعدد من ممثلي الجمعيات الصحية وأصحاب المستشفيات.


وقال كسبار: "عندما درسنا في مجلس نقابة المحامين في بيروت ملف إنشاء مركز صحي في النقابة، لم نكن نعلم أن هذا المركز سوف يتطوّر بجهود القيمين عليه ليصل إلى ما وصل إليه اليوم من جميع النواحي، إن لجهة عدد الطاقم الطبي من مختلف الاختصاصات أو لجهة أنواع الأدوية وكمياتها".


أضاف: "اليوم قرّر رئيس المركز الأستاذ جهاد شدياق والأعضاء عقد هذا المؤتمر الناجح حول الوقاية من السرطان، حيث سيحاضر معالي وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض وعدد من الدكاترة ومنهم نقيب الأطباء السابق البروفسور جورج افتيموس".


وتابع: "كان معالي النائب المحامي خاتشيك بابكيان يقول ان المحامي الشاطر هو الذي ينظم عقداً "مبكلا"، يحاول فيه قدر الإمكان عدم خلق مجالات للتفسير ولتقديم الدعاوى. ونحن نقول، إن الطبيب الشاطر هو الذي ينصح الإنسان الذي يزوره بتفادي الوقوع في الأمراض قدر الإمكان طبعاً. فالطب الوقائي هو المطلوب، والنصائح المفيدة هي المطلوبة، خصوصاً وأن معظم الناس يعتقدون أن المرض لن يصيبهم، وأنهم بمنأى عنه، على طريقة الفيلم الذي حضرناه جميعاً "ça n’arrive qu’aux autres" ويطبقه العديد من الناس على الطرقات. إذ ما أن نكون في زحمة سير ونرى حادثاً مفجعاً، حتى يقلع البعض بقوة، بعد مشاهدتهم لمنظر ضحايا الحادث".


وأردف: "من هنا، نشجّع وسائل الإعلام، الذين يتحفوننا ببرامج لا نفع منها على الإطلاق، على تخصيص حلقات هدفها التوعية والوقاية من السرطان ومن بقية الأمراض. فالوقاية خير من قنطار علاج. ونحن في النقابة نقيم المؤتمرات العلمية والندوات والمحاضرات حول مختلف المواضيع. وهذا الشهر لدينا تسعة عشر مؤتمراً وندوة، حول مختلف المواضيع. ولم نغفل المواضيع الطبية المفيدة لا بل شجعناها".


وتوجه الى رئيس المركز جهاد شدياق قائلا: "إذا سمعتم عبارة: سوف تنتهي ولاية النقيب كسبار ولن ينتهي عهده. فهي صادرة عن الأستاذ جهاد".


من جهته، قال وزير الصحة: "يشرفني أن أكون هنا معكم اليوم لمناقشة قضية تؤثر علينا جميعا – السرطان، فهو مرض مدمر يصيب ملايين الأشخاص حول العالم ، بمن فيهم لبنان. وهو مرض لا يميز، يصيب الناس من جميع الأعمار والأجناس والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية".


أضاف: "لقد انعكست الأزمات التي يمر بها لبنان، وبشكل خاص الأزمة الاقتصادية والمالية، على النظام الصحي ككل، وخدمات العناية بمرضى السرطان بشكل خاص. فالنقص الحاد في التمويل، بالإضافة الى سياسات مزمنة ركزت على العلاج، بدلا من التركيز على الوقاية، واستيراد الأدوية الباهظة الثمن واستعمالها من غير ضوابط علمية واضحة، وسياسات دعم ساهمت في هدر الموارد، وفساد منتشر من غير وازع، كل ذلك أدى الى ما شهدناه من تراجع في خدمات العناية بمرضى السرطان، وتأمين أدويتهم. فما هو الحل؟".


وتابع: "الحل بنظر وزارة الصحة العامة قائم على أسس ثلاثة: أولاً يتمثل أحد اهم العوامل المهمة التي تسهم في نقص أدوية السرطان التركيز على علاج السرطان بدلا من الوقاية منه. في حين تم إحراز تقدم كبير في أبحاث السرطان وعلاجه على مر السنين، يجادل العديد من الخبراء بأن التركيز الأكبر على الوقاية سيكون أكثر فعالية وأقل تكلفة على المدى الطويل. وفي لبنان، أظهرت الدراسات أن كل دولار أميركي يستثمر في الوقاية يمكن ان يوفر على الدولة اللبنانية 18 دولاراً أميركياً في العلاج. هناك العديد من الأشياء التي يمكننا القيام بها لتقليل خطر الإصابة بالسرطان، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتجنب التبغ والاستهلاك المفرط للكحول".


وقال: "على صعيد مجتمعي، وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى معالجة العوامل البيئية التي تسهم في الإصابة بالسرطان في لبنان. وتشمل تلوث الهواء، وتلوث المياه، والتعرض للسموم في مكان العمل. يجب علينا الضغط من أجل قوانين أكثر صرامة لحماية بيئتنا. ومن ثم، نحن نحتاج إلى زيادة الوعي بأهمية فحص السرطان والاكتشاف المبكر".


أضاف: "في لبنان، هناك نقص في الوعي بشأن فحوصات الكشف عن السرطان ولا يخضع الكثير من الأشخاص للفحص إلا بعد فوات الأوان، مع أن وزارة الصحة العامة توفر العديد منها مجانا في مراكز الرعاية الصحية الأولية".


وتابع: "ثانياً، لم يكن من الممكن توفير أدوية السرطان الباهظة الثمن للمواطنين، وخاصة للفئات الأكثر هشاشة، من غير سياسة دعم الدواء. لكن هذه السياسة من غير ترشيد وحسن تنفيذ، قد أدت الى هدر الكثير من المال العام. ولتجنب ذلك، قامت وزارة الصحة العامة بتصميم برنامج تتبع الأدوية لضمان وصول الأدوية إلى مرضى السرطان والأمراض المستعصية، واستخدامها بشكل مناسب".


وأشار الى أن "تنفيذ هذا البرنامج يتم من قبل وزارة الصحة العامة بالتعاون مع مختلف الجهات الضامنة، بما في ذلك الجمعيات العلمية في نقابة الأطباء، ومقدمي الرعاية الصحية والصيادلة. يعتمد البرنامج على ثلاثة تطبيقات رئيسية: Unique ID وAman وMedictrack. تعمل هذه التطبيقات معا لتتبع الأدوية من نقطة دخول الدواء الى لبنان إلى نقطة الاستعمال، مما يضمن عدم فقدان الأدوية أو سرقتها أو تحويلها للاستخدام غير القانوني".


وقال: "هذا البرنامج مكن وزارة الصحة العامة، والذي شمل في البداية 9 أدوية، ويشمل الآن أكثر من 150 دواء، ويخدم ما يزيد عن ١٥ الف مريض سرطان وأمراض مستعصية من إيصال الدواء الى مستحقيه، وجنب لبنان خسارة الملايين من الدولارات، كان ممكن إن تذهب لدعم الفساد والسرقة والتهريب، ونحن نطمح أن يكون هذا البرنامج حجر أساس ومنطلقا للمزيد من الرقمنة في وزارة الصحة العامة مما يضمن الشفافية وحسن الأداء في القطاع العام".


أضاف: "أخيراً، لا يمكن مقاربة مرض مثل السرطان من غير خطة وطنية للسرطان، تشكل استراتيجية شاملة تضعها الوزارة لمعالجة عبء السرطان على المواطنين، وتحدد أهدافا وغايات محددة للوقاية منه والكشف المبكر والعلاج والبحث، وتحدد الموارد والسياسات والشراكات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف".


وأوضح أن "الخطة الوطنية للسرطان تساعد على تنسيق الجهود عبر مختلف القطاعات والمنظمات وأصحاب المصلحة المشاركين في مكافحة السرطان. وتضمن أن الجميع يعملون من أجل نفس الأهداف ويستخدمون مواردهم بفعالية. فمن خلال تحديد القضايا الأكثر إلحاحا المتعلقة بالوقاية من السرطان والكشف المبكر والعلاج والبحث، يمكن أن تساعد الخطة الوطنية للسرطان في ضمان توجيه الموارد المحدودة نحو التدخلات الأكثر فعالية".


ولفت الى أنه "إضافة الى ذلك، تضع الخطة الوطنية للسرطان إطارا لرصد وتقييم التقدم المحرز نحو تحقيق أهدافها من خلال تتبع المؤشرات الرئيسية بانتظام وتقييم فعالية التدخلات، وكل هذا يساعد في إحراز تقدم نحو تقليل عبء مرض السرطان في المجتمع. وأخيراً، عبر التركيز على المريض واحتياجاته، يمكن أن تساعد الخطة في ضمان أن تكون خدمات رعاية السرطان محورها المريض، وان تكون خدمات رحيمة وفعالة".


وقال الأبيض: "إن وزارة الصحة العامة قد أطلقت منذ أشهر أعداد هذه الخطة الوطنية للسرطان بمشاركة الأطباء والأخصائيين الصحيين في لبنان وبالتعاون مع المراجع ومراكز السرطان المتخصصة في فرنسا، ونحن بصدد الانتهاء وإطلاق هذه الخطة في مطلع تموز. ونأمل أن تكون هذه الخطة أداة أساسية لمعالجة العبء المتزايد للسرطان وتحسين حياة الأشخاص المصابين في هذا المرض".


أضاف: "لبنان ليس أول بلد يمر في أزمات عميقة ومتشابكة، ولن يكون آخر بلد. وكما أن محاربة مرض السرطان تستوجب جهودا حثيثة ومنسقة، وحسن استعمال الموارد، فإن محاربة الفساد وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الفردية، بالإضافة الى إدارة شفافة وفاعلة، هي شروط أساسية لإعادة بناء الوطن. وكما في علاج مرض السرطان، لا نملك في إصلاح أمورنا ووطننا ترف الوقت، وللتأخير كلفة باهظة، ولعل منبر هذه النقابة، والتي ضمت عبر تاريخها الكثير من قادة المجتمع وأصحاب الرأي فيه، هو خير منبر لنطلق صرخة للمعنيين بأن الوطن ليس بخير، وان المستقبل، مستقبلنا ومستقبل أولادنا هو على المحك".

MISS 3