رنى سعرتي

قطاع السيارات في حالة ضياع بسبب الرسوم الجمركية

السيارات الفارهة سيرتفع ثمنها كثيراً

فوضى عارمة تعمّ قطاع استيراد السيارات الجديدة والمستعملة بسبب القرارات التي تصدر شهرياً لتحدد سعر صرف الدولار الجمركي، والذي اعلنت وزارة المالية مؤخراً انه سيصبح على سعر صرف منصة صيرفة. المعنيون في قطاع السيارات في حالة ضياع تام، بانتظار نشرة مصرف لبنان التي تصدر اواخر الاسبوع الحالي والتي تحدد سعر الصرف الذي يجب اعتماده لاستيفاء الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة، وفقاً لما اكدته مصادر في نقابة مستوردي السيارات الجديدة، والتي اوضحت انه لغاية اليوم تسدد الرسوم الجمركية على السيارات الجديدة المستوردة والتي سبق ان وصلت الى لبنان على سعر صرف الـ15 الف ليرة، مشيرة الى انه اتخذ قرار برفعه الى 45 الف ليرة «إلا اننا ننتظر قرار مصرف لبنان هذا الاسبوع للتأكد من ذلك ، ولمعرفة إذا كان سيتم اعتماد سعر صيرفة اواخر الشهر الحالي».

حسب الشطور

وأشارت المصادر لـ»نداء الوطن» ان مسألة احتساب الرسوم الجمركية بعد انهيار سعر صرف الليرة باتت معقدة، إذ ان الرسوم الجمركية محددة بنسبة 20 في المئة من قيمة السيارات الجديدة في حال لم تتعد قيمتها الشطر الاول المحدد سابقاً بـ20 مليون ليرة اي 13300 دولار(على سعر صرف الـ1500 ليرة). بالاضافة الى 50 في المئة اضافية على الشطر الثاني في حال تعدت قيمة السيارة الـ20 مليون ليرة. ولفتت المصادر الى انه بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، لم يعد منطقياً الابقاء على القيمة القديمة للشطر الاول، وتسديد الرسوم الجمركية على سعر صرف الـ45 الف ليرة او اكثر. وبالتالي، هناك توجه لتعديل قيمة الشطر الاول حسب سعر الصرف الذي سيتم اعتماده للرسوم الجمركية. اي انه في حال اصبح سعر الصرف 45 الف ليرة، يصبح الشطر الاول 600 مليون ليرة بدلا من 20 مليوناً ( أي 30 ضعفاً) ويتم تسديد رسوم جمركية بنسبة 20 في المئة على السيارات التي لا تتعدى قيمتها الـ600 مليون ليرة. كذلك الامر في حال تم رفع الدولار الجمركي الى سعر صرف منصة صيرفة تتم مضاعفة قيمة الشطر الاول بالنسبة نفسها التي ارتفع فيها سعر الدولار من 1500 الى 86 الف ليرة على سبيل المثال، اي بحوالى 60 ضعفاً لتصبح ملياراً و200 مليون ليرة).

ضربة قاضية

في المقابل، يعتبر مستوردو السيارات المستعملة ان قرار اعتماد الدولار الجمركي على سعر صرف صيرفة هو ضربة قاضية لقطاع السيارات المستعملة وإبادة جماعية له، لانه سيرفع اسعار السيارات بنسب خيالية ويجعلها خارج قدرة غالبية المستهلكين. وقد اوضح نقيب مستوردي السيارات المستعملة وليد فرنسيس لـ»نداء الوطن» ان الرسم الجمركي سيزيد حوالى 60 ضعفاً في حال اعتماد سعر صيرفة اواخر الشهر الحالي (من 1500 الى حوالى 90 الف ليرة)! شارحاً ان الرسوم الجمركية على السيارات المستعملة تبلغ حوالى 55 في المئة من قيمة السيارة (رسم جمركي + رسم استهلاك + الضريبة على القيمة المضافة) سيتم دفعها على دولار صيرفة في حال اعتماده، «أي ان السيارة التي كانت تبلغ رسومها الجمركية 2000 دولار سترتفع رسومها الى حوالى 20 الف دولار. وقد تصل الرسوم الجمركية على بعض السيارات الفاخرة الى 10 مليارات ليرة! مع العلم ان هذه الرسوم مطلوب تسديدها نقداً». وبالتالي فان سيارة Grand Cherokee التي يبلغ سعرها 22 الف دولار، سيصبح 38 الفاً!

تحسّبا لهذا القرار، اكد فرنسيس ان مستوردي السيارات حوّلوا الشحنات المستوردة التي لم تصل بعد الى لبنان نحو دبي، او يعمدون الى اعادة تصدير الشحنات التي ستصل قريباً الى دبي، «لان لا قدرة لهم على تحمّل كلفة رسومها الجمركية ولا قدرة لهم على تحمّل خسائر مالية بهذا القدر، نظراً الى ان اسعار السيارات وفقاً للرسم الجمركي الجديد ستصبح خيالية وغير منطقية ولن تجد من يشتريها!».

إستيراد الصغيرة فقط

وشرح انه نتيجة لهذا القرار، سيفقد تجار السيارات أي مصلحة في الاستيراد، وسيقتصر استيراد السيارات المستعملة على السيارات الصغيرة التي لا تتعدى قيمتها 10 الى 15 الف دولار، وستنقرض السيارات الفاخرة. مع الاشارة الى ان جزءاً كبيراً من معارض السيارات سيقفل ابوابه ليضاف الى نسبة الـ65 في المئة التي اقفلت في السابق. مشدداً على ان القضاء على هذا القطاع سيكبد الخزينة خسائر مالية كبيرة كون الايرادات المتأتية من هذا القطاع تشكل حوالى 40 في المئة من العائدات الجمركية.

وسأل في الاطار: كيف ستسدد الدولة رواتب واجور القطاع العام عندما تتراجع ايراداتها 40 في المئة؟

كما لفت فرنسيس الى ان إعدام هذا القطاع له تداعيات ايضاً على قطاعات اخرى مرتبطة به ستتعرض بدورها للانهيار، مثل قطاع التأمين، شركات الشحن، وكلاء السيارات الجديدة، وكافة القطاعات المرتبطة بصيانة واصلاح السيارات (قطع غيار، دواليب، كاراجات ميكانيك، صيانة...).

وقال ان قرار الغاء رسم الاستهلاك البالغة نسبته 45 في المئة من قيمة السيارات المستوردة، والمفروض أساساً على شكل «نصب واحتيال»، يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء ومجلس النواب، مؤكداً ان المراجعات التي قام بها المستوردون للوزراء المعنيّين حول تداعيات رفع الدولار الجمركي والابقاء على رسم الاستهلاك، لم تلق جواباً سوى: «صندوق النقد الدولي أوعز برفع سعر الصرف!».

في الختام، أكد فرنسيس ان السيارات المستعملة التي سبق ان تم استيرادها وسددت رسومها الجمركية سابقاً، لن تتأثر اسعارها برفع الدولار الجمركي لاحقاً.