وليد شقير

بطاقة حمراء أو صفراء... حيال التطبيع مع الأسد؟

15 أيار 2023

02 : 05

خرق اقتراح القانون الأميركي الذي تقدّم به بعض النواب الأميركيين بفرض عقوبات على الدول التي تطبّع العلاقة مع نظام الرئيس بشار الأسد أجواء الانفراجات التي سادت خلال الأسبوع الماضي، والناجمة عن قرار الجامعة العربية المتّخذ يوم 7 أيار القاضي باستئناف سوريا حضورها اجتماعات الجامعة والذي أعقبته دعوة بشار الأسد إلى القمة العربية بعد خمسة أيام في جدة.

بات السؤال: كيف سيتأثر لبنان بهذا التطور لا سيما من زاوية حسابات الفرقاء للإفادة من التسويات الإقليمية لإنهاء الفراغ الرئاسي؟ وهل يزيد الاعتراض الأميركي على التطبيع مع الأسد الأمور تعقيداً في البلد، أم يعجّل في مساعي الاتفاق الداخلي على انتخاب رئيس، للنأي بالبلد عن موجات التأزيم؟ وكيف ينعكس هذا الاقتراح على العلاقة الأميركية السعودية؟

الأسد يتّجه إلى الاستعاضة عن حضور القمة العربية بزيارة خلال اليومين المقبلين إلى المملكة العربية السعودية، على أن يوفد وزير خارجيته لتمثيل دمشق في القمة وفق أوساط مواكبة لمستجدات العلاقة بين دمشق والرياض. بذلك يتفادى أي إحراج للسعودية، التي كانت أخذت على عاتقها تسريع استعادة سوريا مقعدها في الجامعة بهدف إنجاح قيادتها القمة، إذا ظهر أي موقف سلبي حياله من دولة تتحفظ على حضوره مثل قطر. كما أنّ هذا الخيار ينسجم مع تفضيله العلاقة الثنائية مع كل من الدول العربية، على العضوية في الجامعة العربية.

في وقت أشارت المعطيات إلى أنّ تسريع التطبيع مع الأسد كان إحدى نتائج اتفاق بكين بين المملكة وإيران، وبتمنٍّ من الأخيرة، مقابل تسهيل طهران مسار الحل السياسي في اليمن، بدا أنّ لواشنطن موقفاً متعدّد الأوجه حيال الخطوة. من جهة تبلّغ بعض المسؤولين العرب أنّها (ودول الغرب) تترك للدول الساعية إلى التطبيع مع الأسد أن تحاول الحصول على تنازلات منه، طالما الانفتاح عليه يجري على أساس تطبيق القرار الدولي 2254 الذي ينصّ على الحل السياسي للأزمة السورية، بقيام حكم انتقالي تشترك فيه المعارضة، مع شكوكها في أن تنجح في ذلك.

ومن جهة ثانية تجري اتصالات أميركية مع النظام السوري في عُمان حول مساعٍ لكشف مصير الصحافي الأميركي المختفي منذ 2012 في دمشق أوستن تايس، وغيره. وتسلّحت الدول العربية الساعية إلى التطبيع مع الأسد بحجة وجود هذه الاتصالات التي لم تخلُ من التداول في العلاقة السياسية. فلماذا يُمنع على الدول العربية ما تقوم به الولايات المتحدة؟ ومن جهة ثالثة تعلن وزارة الخارجية الأميركية رفضها التطبيع مع النظام...

وفي وقت تدين الأوساط اللبنانية والعربية المتعاطفة مع فصائل المعارضة السورية الساعية لتغيير المعادلة في بلاد الشام، التخلّي الغربي والأميركي عن الشعب السوري منذ إدارة الرئيس باراك أوباما، وترى أنّ واشنطن غير جادة في موقفها ضد نظام الأسد ومستعدة لتسوية معه ومع إيران، فإنّ اقتراح القانون الجديد في الكونغرس يشكّل بالنسبة إلى هذه الأوساط، تلويحاً أميركياً برفع البطاقة الصفراء لفرملة بعض الخطوات، تمهيداً للبطاقة الحمراء، حيال الانفتاح العربي على الأسد في سياق الخلافات الأميركية العربية ولا سيما السعودية، وليس لمصلحة الشعب السوري أو المعارضة.

كما أنّ مسار اقتراح القانون هذا ما زال أمامه مشوار طويل لإقراره في الكونغرس، ولن يسبق خطوات التطبيع الجارية... فهو ينص على بدء الإدارة في تطبيق الإجراءات ضد التطبيع، بعد 6 أشهر من صدوره.

في المقابل تلفت أوساط مراقبة إلى أنّ اقتراح القانون يهيّئ، في خمس فقرات منه، لتدابير بعيدة المدى ضد التطبيع مع الأسد، تمتدّ لخمس سنوات، وتستند أيضاً إلى قانون قيصر المتشدد في العقوبات على التعامل مع نظام الأسد، خاصة التعاملات في شأن إعادة الإعمار في مناطق سيطرة النظام. الجديد فيه أنّه يعدّد هذه المرة بالاسم، الدول التي على الإدارة الأميركية تقديم تقرير عن تعاملها ليس فقط المالي والاقتصادي مع النظام، بل الدبلوماسي والسياسي أيضاً. فهو يطلب من الإدارة «لائحة كاملة بكافة الاجتماعات الدبلوماسية على مستوى سفير فما فوق بين نظام الأسد وأي ممثل عن حكومات الإمارات، والبحرين، والسعودية، وتركيا، والعراق، والأردن، وعمان، وتونس، والجزائر، والمغرب، وليبيا، ولبنان»، ولائحة أخرى بـ»الاستثمارات والمنح والعقود والهبات والقروض التي تتجاوز مبلغ 50 ألف دولار، في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام».

وزع الاقتراح مجالات استثماره على الصعيد السياسي، فاستثنى قطر والكويت ومصر من قائمة الدول العربية التي يُخضعها للمراقبة، وشمل معها تركيا، فيما تضمنت اسم لبنان الذي يطمح كثر فيه إلى دور في إعادة الإعمار، فضلاً عن توبيخ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي المسؤولين فيه، لتأخرهم وتردّدهم في التواصل على المستوى السياسي مع الحكم في دمشق. وخصّ روسيا وإيران بفقرة تتعلّق بـ»انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي»...