جاد حداد

Chupa... يفتقر إلى التميّز

16 أيار 2023

02 : 01

يُعتبر المخلوق الأسطوري "تشوباكابرا" من الأفكار المبتكرة القليلة في الفيلم العائلي Chupa للمخرج جوناس كوارون. يلجأ هذا الفيلم إلى تقنية الصور المنشأة بالحاسوب لخلق جزء من الشخصيات، ويتحول سريعاً إلى قصة تستوحي معظم أفكارها من أعمال سابقة ومألوفة، وبالكاد يقدّم أي محتوى جديد أو مميز.

يكتشف الفتى "أليكس" (إيفان ويتن) في البداية الكائن السحري الذي يتمحور حوله الفيلم وتبحث عنه القوى الرأسمالية والأوساط العلمية في كل مكان. هو فتى وحيد يتعرض للتنمر طوال الوقت من رفاقه البيض في الصف، في مدينة "كانساس". ترسله والدته إلى المكسيك لتمضية الوقت مع جدّه، المصارع السابق (ديميان بشير)، ونسيبَيه "ميمو" (نيكولاس فيردوغو) و"لونا" (أشلي كيارا). كان والده قد مات بعد إصابته بالسرطان، ويُعتبر هذا الحدث جزءاً مؤثراً من الحبكة. يفضّل "أليكس" تمضية الوقت مع رفيقه الجديد في اللعب، لكنّ الحاجز اللغوي يثنيه عن فعل ذلك. على مر مشاهد خفيفة وممتعة، يُقنعه مضيفوه تدريجاً بتجربة الطعام المكسيكي، وإجراء التجارب على الألعاب النارية، أو حتى تعلّم المصارعة كما فعل والده يوماً.

سرعان ما يظهر كائن "تشوبا" الذي يشعر بالوحدة أيضاً ويبحث عن مكان ينتمي إليه فيما يطارده صياد عدائي (كريستيان سلايتر). ثم تكشف الحوارات النموذجية التي تتخذ طابعاً تفسيرياً واضحاً أن "تشوبا" يحمل قيمة اقتصادية هائلة بعد القبض عليه. في مرحلة معينة، يشقّ "تشوبا" طريقه نحو مزرعة العائلة ويجد الصديق الذي يبحث عنه في شخص "أليكس". في لحظة مؤثرة، يتقاسم "تشوبا" طعامه مع "أليكس" ويكون عبارة عن فأر مسحوق. يسرّع وجود "تشوبا" قصة "أليكس" العاطفية، فيتعلم هذان الدخيلان مع مرور الوقت أن يدافعا عن نفسَيهما بدعمٍ من العائلة القوية التي تستضيفهما.

قد يتعلق جزء من أجواء القصة التي يُفترض أن تكون ساحرة بأحداثها المتوقعة، إذ يبدو أن المخرج لم يميّز بين الأفكار المألوفة واللحظات المرحة والدافئة. في هذا النوع من الأفلام، من الأفضل على الأرجح أن يفكّر صانعو العمل بمشاهد لم تقدّمها المغامرات الأخرى التي تجمع بين البشر والحيوانات. لا وجود لأي مشاهد حيث يساعد "تشوبا" رفيقه الجديد على هزم من يتنمرون عليه مثلاً، أو حيث يمارس التزلج على اللوح، أو يرقص في مطعم "ماكدونالدز". لكن تطرح هذه القائمة مشكلة مختلفة، إذ تعجز القصة المبسّطة أكثر من اللزوم عن تقديم المشاهد العاطفية التي تؤكد مستوى الترابط بين الشخصيات. بعبارة أخرى، لن يتسنى للمشاهدين أن يشعروا بتقارب تلك الشخصيات أو التعرّف على "تشوبا" بطريقة عميقة. قد تكون هذه الشخصية ظريفة، لكن يبقى جانبها العاطفي سطحياً.

على صعيد آخر، يتعامل كوارون مع مشاهد بسيطة ومتواضعة جداً في هذا الفيلم، ويبدو طاقم التمثيل المحدود جيداً بما يكفي وهو يحاول إعطاء مصداقية للمشاهد التي تشمل شخصية "تشوبا". يستفيد المخرج تحديداً من أداء الممثل ديميان بشير الذي يملأ المشاهد العاطفية المألوفة ولحظات التشويق الضعيفة بأكبر قدر ممكن من العاطفة والانفعال. هو يرسم على وجهه ابتسامة صادقة حين يتكلم عن ماضيه كمصارع، ثم يقرع على صدره عندما يحين وقت المواجهة وإيجاد الحلول. يقدّم بشير أداءً أفضل من سلايتر الذي يكتفي بتجسيد دور الشرير البغيض على مر أحداثٍ يسهل توقعها في جميع مراحل القصة.

من المؤسف أن يكون هذا الفيلم الذي يحمل رسالة إيجابية مألوفاً لهذه الدرجة، مع أن المخرج كوارون ومدير التصوير نيكو أغيلار يستعملان أساليب لافتة ومثيرة للاهتمام. هما يقدمان عدداً كبيراً من اللقطات السلسة عبر تحريك الكاميرا من دون تقطيع المشاهد، ما يسمح بتمرير الحوارات بين اللقطات المقرّبة والبعيدة دفعةً واحدة. إنها مقاربة ذكية لجذب اهتمام المشاهدين حتى نهاية الفيلم، رغم المشاهد التي تشمل حوارات تزعم أن الأولاد يعجزون عن فهم الفرق بين مختلف المعاني. أخيراً، يشمل العمل تكريماً معيّناً للقطة شهيرة من فيلم Wings (الأجنحة) من العام 1927، لكن يعجز هذا النوع من الحِيَل الاستعراضية المصغّرة عن إعطاء الأثر المنشود.


MISS 3