روي أبو زيد

هل تنبّأ "نوستراداموس" بالكورونا؟

25 آذار 2020

09 : 30

ليست المرّة الأولى التي يجتاح العالم فيروس فتّاك يضع البشر في حيرة ويفتح كتاب ذاكرتهم الجماعيّة، إذ ضربت الإنسانية سلسلة من الأوبئة على مرّ التاريخ.

وتسبّب الطاعون الرملي أو كما يسمّى بالموت الأسود الذي ضرب أوروبا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، بموت 50 بالمئة من سكان القارة العجوز، ونحو 200 مليون من سكان العالم.

وعند نهاية الحرب العالمية الأولى، تسبّبت الإنفلونزا الإسبانية بـ 50 مليون ضحية، وإصابة نصف مليار نسمة، في وقت لم تكن البشرية تتجاوز الثلاثة مليارات نسمة. وظهرت الكوليرا والأيدز، الحمى الشوكية، الإيبولا، وإنفلونزا الخنازير وغيرها. لكنّ الغريب بموضوع أحاجي الأوبئة فكرة التنبؤ بها، وظهور مستبصرين توقّعوا انتشارها. لكن، كيف تمكّنوا من ذلك؟ وهل يمكن لبعض الناس استشراف المستقبل ورؤية أحداثه؟

تضجّ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً بتوقعات الطبيب الفرنسي والمُنجّم الفرنسي الشهير "نوستراداموس"، الذي ألّف كتاباً بعنوان "النبوءات"، وفيه ألف نبوءة تتناول مصير البشرية وما ستؤول اليه. لكن هل تنبّأ "نوستراداموس" بفيروس "كوفيد - 19" منذ 500 سنة؟


نوستراداموس


تكشف النبوءتان 53 و54 من الكتاب عن "تفشيّ وباء قاتل متوقع تقشعّر له الأبدان"، ليتم ربط ذلك بفيروس "كورونا" المستجد.

وتشير النبوءة رقم 53 التي حملت عنوان: "تفشي وباء قاتل متوقع تقشعر له الأبدان"، الى أنّ "الطاعون الكبير من المدينة البحرية لم يتوقف حتى يتم الانتقام لموت الدم العادل، المدان بثمن دون جريمة، من السيدة العظيمـة التي أغضبها التظاهر".وتستكمل النبوءة 54 الفكرة موضحةً أنه "بسبب أُناس غريبة، وبعيدة عن الرومان، مدينتهم العظيمة المضطربة بعد الماء، مبان بلا فائدة، مجال مختلف جداً، اتخذ رئيسها وهو طفل لم يتم التقاطه.. من لم يعرفه الطاعون ولا الفولاذ كيف ينتهي".

وتلفت صحيفة "إكسبريس البريطانية" الى أنّ المقصود بالطاعون الكبير في النبوءة 53 هو "فيروس كورونا" المنتشر بسرعة في العالم أجمع، و"المدينة البحرية" مقصود بها المدينة الصينية المطلة على البحر، أوهونج كونج باعتبارها تطل على البحر بالكامل. وتشير عبارة "السيدة العظيمة" إلى وزيرة الصحة الصينية السابقة التي تم تعيينها مع ظهور فيروس سارس عام 2003، باعتبار أنّ COVID-19 من المجموعة نفسها لكنّه متحول جينيّاً.

ويستهلّ "نوستراداموس" النبوءة 54 بالقول: "أُناس غريبة، وبعيدة عن الرومان"، فُسِّرت بأنها الصين، باعتبارها بعيدة عن بلاد الروم. أما عبارة "مدينتهم العظيمة بعد الماء" قد ترمز إلى مدينة هونج كونج، بالمباني الخارقة التي تتميز بها، أو مدينة ووهان الصينية لأنها تضم 11 مليون نسمة. وتستكمل النبوءة بعبارة "مبان بلا فائدة ومجال مختلف جداً"، ما يشير الى حالة المدن بعد انتشار الكورونا، إذ أضحت فارغة بسبب الحجر الصحي وغير نابضة بالحياة. فهل تمكّن نوستراداموس فعلاً من رؤية هذا الواقع الأليم؟



البلغارية فانغا


لفت مقال نُشِر في إذاعة كندا الدولية الأسبوع الفائت الى أنّ " العالم الفرنسي لم يتوقع ظهور كورونا"، مشدّداً على أنّ "النبوءتين 53 و54 لم تردا في كتابه، بعدما تحقّق بعض الخبراء من مضامين النبوءات الواردة فيه".

من نوستراداموس الى فانغا!

اسم آخر ارتبط القرن الماضي بقراءات إستشرافية عدة وتنبؤات مستقبلية، إنها البلغارية "فانغيليا بانديفاغوشيروفا" الشهيرة باسم فانغا. وتنبأت بأحداث عدة، كانهيار الاتحاد السوفياتي، وانفجار مفاعل تشرنوبيل، وأحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة الأميركية. وتصدّرت فانغا "السوشيل ميديا" بعد أن نُسِبت إليها تنبؤات تكشف عن تفشي فيروس خطير في روما عام 2020. واضافت أنّ " البشرية ستكون في تحدّ كبير، خصوصاً وأنّ هذا المرض ليس له علاج"، وقد ذكرت هذا الموضوع قبل وفاتها عام 1996.

لم تترك فانغا منشورات سجّلت فيها نبوءاتها، بل خلّفت بعض الأحاديث التي دوّنها بعض المقرّبين منها، وقد زعمت أن نهاية العالم ستحصل عام 5079.

... وللأميركية براون حصّة من التنبؤاتمن القارة العجوز الى الولايات المتحدة الأميركية، حيث توقّعت المستبصرة سيلفيا براون أنه بحلول عام 2020 سيظهر مرض "شبيه بالالتهاب الرئوي يقاوم المضادات المعروفة ويجول في كوكب الأرض".

ومن يقرأ كتاب براون "نهاية الأيام: توقعات وتنبؤات حول نهاية العالم "، يلاحظ وكأنها تصف كورونا ومؤشراته، كارتفاع الحرارة، السعال، أوجاع الرأس وغيرها.

وتتوقع براون في كتابها "اختفاء المرض فجأة ومعاودة ظهوره بعدها بعشر سنوات".



الأميركية سيلفيا براون



رأي علم النفس الاجتماعي


يشير المتخصص بعلم النفس الإجتماعي البروفيسور ميشال سبع في حديث إلى "نداء الوطن" الى أنّه "منذ القدم ويلجأ الناس الى العرّافين والمستبصرين لمعرفة ما يخبّأ لهم في المستقبل، خصوصاً في الأوقات الأشدّ خطراً".

ويضيف أنّ البشر يحاولون الهروب من الواقع والتمسّك بـ"حبال الهواء" لعلّهم يجدون الراحة والأمان. ويكمل سبع بالقول "فقد البعض ثقتهم بأنفسهم ولم يعد يدرك كيفيّة خلاص نفسه من الواقع الذي يعيش فيه. فيفتّش عن الماورائيات لإيجاد بعض الحلول".

ويؤكّد سبع أنّ "هذه ليست المرّة الأولى التي تُصاب بها الأرض بالأوبئة"، معتبراً أنّ "للطبيعة حكمة معيّنة فهي تجدّد نفسها من وقت الى آخر".

ويختم سبع أنّ "التهويل تعبير إنساني عن مكنونات نفسه، لكنّ وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام لم تزد من تفاقمه، إذ لكلّ حقبة أساليب تخويف وتهويل مختلفة عن الأخرى".

يقول الكتاب المقدّس في عهده القديم على لسان إرميا النبي: "بالكذب يتنبّأ الأنبياء باسمي. لم أُرسلهم، ولا أمرتهم، ولا كلّمتهم برؤيا كاذبة وعرافة وباطل ومكر قلوبهم هم يتنبّأونَ لكم".

قد يكذب المنجّمون أو يصدقوا، لكنّ البشرية جمعاء عليها التذكّر أنّ فيروساً واحداً يُرى بالعين المجرّدة أوقف حياتهم وحجرهم رغماً عنهم في منازلهم. لذا بدل الهروب فلنواجه الواقع لاتّخاذ التدابير اللازمة، تخطّي هذه الظروف الصعبة لتطبيق الإنسانية وعَيش حياتنا بطريقة أفضل!


MISS 3