مايز عبيد

طرابلس تبحث عن ألق سياسي وحضور وطني

2 حزيران 2023

02 : 00

ساحة عبد الحميد كرامي

توالت أمس بيانات السياسيين وفاعليات طرابلس التي تستذكر رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي، وهي عادة درج عليها سياسيو الشمال بخاصة الطرابلسيين. ولا يختلف اثنان في طرابلس على أنّ المدينة التي باتت اليوم المدينة الأفقر على ساحل المتوسط، قد خسرت كثيراً من دورها ومن ألقها السياسي، الذي كان يمثّله الرئيس الراحل بحضوره في المدينة، وحضوره الوطني، وكان يحرص شخصياً على حضور الكثير من المناسبات والدعوات في مدينته، والتعاطي الشخصي مع كل أبنائها، بحسب ما يؤكد العارفون والمعاصرون لتلك الفترة، مشدّدين على أن طرابلس اليوم لا تشبه طرابلس أيام رشيد كرامي الذي صنع لمدينته حضوراً سياسياً على الساحة الوطنية، لا سيّما في الفترات التي كان يترأس فيها حكومات لبنانية.

وعلى الرغم من أن عائلة آل كرامي استمرّت بمسيرتها السياسية بعد رحيله، لكن ثمّة من يعتبر أنّ من توالوا على العمل السياسي من ورثته السياسيين لم يستطيعوا أن يشكّلوا حضوراً وطنياً أبعد من نطاق طرابلس الجغرافي، على خلاف ما كان عليه الوضع زمن رشيد كرامي أو زمن والده رجل الاستقلال عبد الحميد كرامي.

أما اليوم فتعيش مدينة طرابلس واقعاً مأزوماً داخلياً ووطنياً، فلا هي خلقت لنفسها دوراً جديداً يحفظ لها اسمها كعاصمة ثانية للبنان، ولا حافظت على دورها السياسي والوطني ولم يستطع من تولّوا زمام طرابلس سياسياً، ومنهم من ترأس حكومات لبنانية، تأدية هذا الدور، ما سمح لسياسيين من خارج المدينة بأن يشكّلوا لأنفسهم حالة سياسية ضمن طرابلس، كالحريرية السياسية مثلاً في زمن الرئيسين رفيق أو سعد الحريري.

السياسي الطرابلسي الدكتور خلدون الشريف قال لـ»نداء الوطن» إنّ «طرابلس اليوم تعيش فراغاً سياسياً مطبقاً وليس هناك قوى سياسية تتكتّل لصالح لبنان أو لصالح طرابلس حتى. اليوم هناك ثمانية نواب يعملون بأسلوب فردي أو مستقلّ، ولو رأينا أن بعضهم تكتّل أخيراً في تكتلات نيابية ولكن يمكن وصف الحضور السياسي للمدينة بأنه حضور ضعيف، وأعتقد أنه آن الأوان أن تعود طرابلس إلى لبنان ويعود لبنان إلى طرابلس».

واعتبر أنّ «طرابلس خسرت كثيراً بخسارة الرشيد، والخسارة وطنية أيضاً، ولا شك أنّ رشيد كرامي كان رجل حوار ورجل انفتاح، وما كان يقطع علاقته بأحد حتى لو كان ألدّ خصومه. وبالتالي، فإنّ الحضور الوطني بات أقلّ وهجاً الآن ممّا كان عليه الوضع في أيام الرئيس رشيد كرامي».

وفي زمن البحث عن الوهج والحضور الطرابلسي، يرى مراقبون بأنّ مدينة طرابلس اليوم تبحث قبل ذلك كله، عن تشغيل مشروع واحد من مشاريعها المعطّلة، وعن تحسين نوعية الحياة والخدمات لأهلها وأبنائها، وكلها أمور كانت ستكون بديهية لو أنّ الإرادة السياسية الطرابلسية اليوم كانت أقدر على فرض حضور المدينة ضمن المشروع الوطني الأشمل.