جنى جبّور

"الطريق بأصحابه" ينطلق بأكثر من 100 لوحة

الفنان مجد كردية: ما يُؤرق الفنّان يظهر في إنتاجه

7 حزيران 2023

02 : 05

افتتح الفنان مجد كردية أمس معرضه الأول في بيروت في مبنى جريدة "السفير" بالتعاون مع "فن - Fann À Porter" و"ذات"، مقدماً من خلاله تجربته الفنية خلال الأعوام التسعة السابقة. وتحت عنوان "الطريق بأصحابه"، غاص متذوقو الفن في أكثر من 100 لوحة من مجموعات مختلفة، أراد مجد من خلالها عرض انتاج عقد كامل من الزمن، وجمع الكثير من الاصدقاء تحت سقف واحد.



ولد مجد في مدينة حلب السورية العام 1985، ويعيش ويعمل اليوم في لبنان وتحديداً في عمشيت، الّا أنه لم يتمكن من تنظيم معرض اول له في بيروت قبل الأمس، لان "الفنون العالية دائماً صعبة الحركة، فهي ليست حالة تجارية بحتة"، يقول مجد ويتابع: "أتصور كان التأخير إلى أن وجدنا الفضاء المناسب الذي يتماشى مع روح الأعمال في مبنى"السفير".

على جدران المعرض تأسرك المجموعات المختلفة التي انجزها مجد بريشته. للوهلة الأولى، تبدو أعماله بسيطة وشبيهة بالرسوم المتحركة، الا أنها تحمل في مضمونها عالماً معقداً تمكّن من تبسيطه بما يشبه البراءة الطفولية.

يرسم شخصيات مرحة ومتكررة تروي قصصاً. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، ابتكر "طاقماً من الشخصيات"، أبرزها الفصاعين (أو "صغار الحجم"). والقصص المروية من خلال تمثيل هذه الشخصيات ليست قصصاً محددة يتخيلها، بل هي قصص يمكن أن تنطبق على أي منا، مما يترك مجالاً للتأويل الشخصي.

ومن خلال ريشته أيضاً تمكن من دمج الرسم والأدب معاً باستخدام شخصيات تتكرر وتقف لتروي قصة، وعادة ما تحمل تعزيزاً أخلاقياً وإيجابياً قوياً. ففي لوحاته الطفولية تقنيات أدبية وروائية قوية، يقول إنه نجح في مزجها انطلاقاً من نظرته الى الفن، ويضيف أنّ: "الأدب والموسيقى وسائر الفنون ما هي إلا فروع لشجرة واحدة. أما الشخصيات فهي حالة تقنية بحتة تعتمد على التضاد بين الأشياء. وباستخدامها تبرز الأفكار والصور بشكل أكبر. فكما يقولون من نقائضها تُعرف الأشياء".





مجموعات متنوعة على جدران "السفير"

من أعماله (تصوير رمزي الحاج)

من أجواء المعرض (تصوير رمزي الحاج)

من أعماله (تصوير رمزي الحاج)


مجموعات متنوعة

في المعرض الكثير من اللوحات، لم يعدّها الفنان "حتى لا تذهب البركة، كما تقول جدته"، على حدّ قوله، وتتوزع ضمن مجموعات مختلفة منها "الأرض لازمها كوي" (2014-2016) التي تجسّد رسائل سلمية، استخدم مجد ريشته كسلاح على امتداد أكثر من عقد من الحروب المدمرة ليسلط الضوء على الانقسامات التي خلقتها النزاعات السياسية، والعودة إلى ما تبقى من البراءة لدى "سمش" و"الفصاعين" لتعبيد الطريق نحو الغد الأفضل، ثم مجموعة "سرقة الأحزان" (2017-2018)، حيث تحلّ "عصابة الفراشة المخيفة جدن" محل الحزن بريشات من الأمل، مجموعة "استسلم للمحبة" (2018) تتخلص شخصيات مجد من أشكالها ومظاهرها لتسلم روحها لأعظم قوة يمكن أن تتجسد من خلالها "الحب"، مجموعة "تمسّك بالوردة" (2019) وهي مرسومة بالحبر الأسود على الورق الأبيض بنمط هزلي مبسط، مجموعة "نستمر في رفع راية الشمس" (2020) التي برزت شخصية "الصبارة"، وقد جسدها مجد في مشاهد متعددة نابضة بالحياة ومنجزة بالألوان المائية.

وفي الجماليات المليئة بالشغب مجموعة "سلام بطيخي" (2021) يواجه من خلالها ارتفاع منسوب القلق والاضطراب الإنساني بتصوير الحب الذي لا يتزعزع والإيمان واكتشاف السلام الداخلي.

ويأتي الحب في طليعة مجموعة "الجرح واحد الابتسامة واحدة" (2022) التي تقارب العواطف البشرية المعقدة في التناقض الموجود بين الجرح والابتسامة. فيظهر الحزن بحجم الحوت والأسى بشكل الموج المتكسر، ويشبه القلب سمكة تجد مكاناً لها في المحيط الشاسع لهذا العالم.

أمّا في مجموعته الجديدة "جناح الحلم" (2023) فنلحظ تحولاً لدى الفنان عن أعماله السابقة نحو تمثيل أكثر واقعية للعصافير. فمن خلال استخدامه للألوان والأنماط المختلفة يخلق جواً يشبه الحلم يضيع فيه الحد الفاصل بين الواقع والخيال.

في اعماله، تبرز نظرته الى التجربة الانسانية ايضاً، ويشير في هذا السياق الى أنّ "الفن في جوهره وفي كل تفرعاته يدور في فلك الإنسان. ربما كانت اللوحة عن الشجرة لكن المعني بها هو الإنسان، وللوحتي طرق خفية كثيرة وكلها سحرية صعبة التوصيف، لكن في المجمل ما يؤرق الفنان يظهر في انتاجه، وأتصور أن ما يؤرقنا كلنا هو الحالة الإنسانية التي نعيشها".

لا يخفي مجد حماسه وقلقه على حد سواء تجاه معرضه الأول ويلفت الى أنّ "المعرض للجميع... لانّ الفن للجميع"، داعياً من يرغب بزيارته للتمتع والغوص في أعماله.


MISS 3