جاد حداد

Rise Of Empires: Ottoman... مشروع ناجح عن محمد الفاتح!

2 نيسان 2020

05 : 21

يتمحور مسلسل Rise Of Empires: Ottoman (بزوغ الإمبراطورية: العثمانيون) حول رجل يُعرَف باسم "محمد الفاتح". تدور القصة عند غزو مدينة القسطنطينية الأسطورية، ويجمع المسلسل بين سرد الأحداث وتحليل الخبراء ونفحات درامية أُعيد تمثيلها ويسهل أن يرصدها كل من شاهد The Last Czars (آخر القياصرة) في السنة الماضية. يضاعف المسلسل الجديد تركيزه على مشاهد الحروب والتخطيط الاستراتيجي للمعارك، ويشكّل عملاً تثقيفياً مبهراً، ويتبنى مقاربة ذكية حين يختار عرض مشاهد حركة إضافية إلى جانب سرد الأحداث.

يتألف المسلسل من ست حلقات ويبدأ بوصول "محمد" إلى العرش بعد والده، فيتوق إلى إثبات نفسه وتهدئة الجماعات التي تطلق بعض حركات التمرد في السلطنة. لتحقيق هذا الهدف، يضع نصب عينيه مدينة القسطنطينية التي تُعتبر بوابة فاصلة بين آسيا وأوروبا وتخضع للحكم الروماني. انطلاقاً من هذه المرحلة، تتطور أحداث المسلسل بوتيرة تصاعدية وصولاً إلى هذه المعركة، وتعرض مشاكل أخرى اضطر "محمد الفاتح" للتعامل معها على أرض المعركة وفي حياته الشخصية.

بدءاً من مشاهد التنقل العبقرية وسط غابات مليئة بالجواسيس، وصولاً إلى قصف أسوار المدينة بالمدفعيات النارية (أو "بازيليكا" بطول 8 أمتار كما تذكر الحلقة الأولى)، تكثر المعلومات الثقافية التي يقدمها العمل. وعلى غرار Hannibal & The Punic Wars (حنبعل والحروب البونية)، يقدم هذا المسلسل درساً في الحروب العسكرية ويعكس هذه الأجواء على مر حلقاته بأسلوب متقن.





في عمق هذه الحكاية، تكمن مجموعة من الرواة المتحمسين الذين يقدمون أداءً ممتازاً في مختلف المشاهد ويوضحون خلفية الأحداث المعروضة. هذا الجانب من العمل يشبه مسلسل Last Czars الآنف ذكره، فتُقطَع المشاهد من وقتٍ لآخر للانتقال إلى مقابلات مباشرة. يسطع نجم جلال جينغال بشكل خاص، فيقدم أداءً بارزاً ويتّسم بحماسة قوية ويستعمل لغة عامية تساعد المشاهدين على فهم حقيقة ما يحصل. لا يعني ذلك أن الآخرين ليسوا بارعين، لكن سيصبح جينغال المفضّل لدى الكثيرين بعد انتهاء الحلقات الست. على صعيد آخر، تُستعمل كمية كبيرة من التقنيات المصوّرة والنصوص التفسيرية والرسوم البيانية لرسم صورة واضحة عن بطل القصة، وتمتلئ الشاشة أيضاً بظلال الدماء الحمراء التي ترمز بأسلوب ساخر ووحشي إلى حجم سفك الدماء الذي ترافق مع غزو هذه المدينة. يطرح المسلسل أيضاً دليلاً غنياً بالمعلومات عن خطط العثمانيين لتحقيق هذا الإنجاز. تتمحور معظم الحلقات حول هذه المعركة الملحمية، مع أنها تشمل أيضاً جزءاً من تاريخ "محمد الفاتح".

لا يمكن اعتبار المسلسل مثالياً على جميع المستويات، بل تُفسِد لحظات معينة الأجواء العامة. يبدو المشهد الأخير من الحلقة الأولى مستخرجاً من فيلم Gladiator (المصارع)، فيركض "محمد الفاتح" ويمرر يديه بين حقول الذرة. وفي الحلقة الأخيرة، ينظر "محمد" إلى الكاميرا مباشرةً ويبتسم قبل أن يقول عبارة "الآن يبدأ كل شيء"! إنها طريقة مبتذلة لإنهاء القصة، لا سيما بعد عرض تفسير ملحمي لأهمية هذا النصر. تبدو طريقة السرد وجهاً لوجه مقنعة، مع أن أسلوب المصوّر في تفويت اللقطات في ثلاث أو أربع مناسبات للانتقال إلى أجزاء مختلفة من وجوه المتكلمين يشتت الانتباه.

بشكل عام، يبقى المسلسل مدهشاً وتثقيفياً، على عكس The Last Czars. وتتماشى الإضافات الدرامية مع سير المعركة ومشاهد الحركة في معظم فترات العرض. تصبّ هذه المزايا في مصلحة العمل، على أمل أن يصبح هذا النوع من المسلسلات رائجاً على شبكة "نتفلكس" في المراحل المقبلة. لا يخلو المسلسل من الشوائب إذاً، لكنه يتفوق على The Last Czars كونه يُركّز على المعارك ويقدم ست حلقات مشوّقة ويشكّل إضافة قيّمة إلى مكتبة الدراما الوثائقية المتوسّعة على "نتفلكس".


MISS 3