يدخل فيلم Things Heard & Seen (الأشياء المسموعة والمرئية) في خانة أفلام الرعب، لكنه يروي أيضاً قصة زواج يوشك على الانهيار. يبرع هذا العمل في تقديم القسم الدرامي أكثر من مشاهد الرعب، لكن يندمج الجانبان في نهاية المطاف لتقديم فيلم ذكي على نحو مفاجئ.
يمكن تصنيف الفيلم أيضاً في خانة أفلام التشويق النادرة التي يقدمها الزوجان روبرت بولشيني وشاري سبرينغر بيرمان المعروفان بأعمالهما الانتقائية من حيث الكتابة والإخراج، بما في ذلك الفيلم اللامع American Splendor (العظمة الأميركية) والعمل شبه الكوميدي The Nanny Diaries (مذكرات المربية). قد تبدو الأجواء العامة مألوفة في هذا الفيلم أيضاً (منزل قديم ومخيف له ماضٍ قاتم ويشهد ليالي مضطربة)، لكن يستعمل بولشيني وبيرمان أسلوباً مختلفاً ومُخففاً هذه المرة.
تبدأ القصة بعرض حيلة معينة، وهي واحدة من حِيَل كثيرة نكتشفها على مر الفيلم. يقود رجل سيارته متجهاً إلى منزل ريفي خشبي وقاتم في شتاء العام 1980. حين يدخل إلى المرآب، يلاحظ سقوط مادة من السقف على زجاج سيارته الأمامي ليكتشف مندهشاً أنها دماء. يدخل إلى المنزل سريعاً ليجد ابنته الصغيرة وهي تلعب وحدها في غرفة المعيشة. لقد وقع حدث مريع، لكن ما هي تفاصيله؟
ثم نعود بالأحداث إلى فصل الربيع من السنة السابقة، فنشاهد ذلك الرجل المدعو "جورج كلير" (جيمس نورتون) وزوجته "كاثرين" (أماندا سيفرايد) وهما يحتفلان بعيد ميلاد ابنتهما "فراني" في شقتهما في "مانهاتن". يبدو الزوجان سعيدَين ظاهرياً وينتظرهما مستقبل باهر: استلم الزوج للتو وظيفة مساعد أستاذ الفنون في كلية الآداب الصغيرة والليبرالية في شمال الولاية، وتتمتع الزوجة بخبرة واسعة في مجال ترميم الأعمال الفنية وقد أقنعت نفسها بأنها ستخوض مغامرات غير مسبوقة في هذه البلدة الجديدة. لكن تتّضح المشاكل العائلية الكامنة للمرة الأولى حين تقول أم أخرى لـ"كاثرين" إنها أصبحت نحيفة جداً، ثم تأكل هذه الأخيرة قطعة صغيرة من الحلوى قبل أن تتقيأ ما تناولته.
المنزل الريفي الذي اختاره "جورج" لعائلته (بمساعدة كارين آلين بدور الوسيطة العقارية، وهي إضافة جميلة إلى الفيلم) من نوع المنازل التي تناسب أفلام الرعب: بُنِي في القرن الثامن عشر داخل وادي نهر هادسون، وهو يتّسم بأجواء جميلة ومريبة في آن ويُعتبر معزولاً رغم وجوده في بلدة صغيرة. ينجح المصور السينمائي لاري سميث في خلق أجواء مرعبة عند تصوير المكان حيث تبقى السماء رمادية اللون طوال الوقت. تتكلم سيدات البلدة في المجتمع التقليدي عن المنزل في مناسبات متكررة، ويعرض الشقيقان المقيمان في الجوار (أليكس نوستادتير وجاك غـور) المساعدة لتصليحه.
الاستقرار في هذا المكان أصعب مما توقعت "كاثرين" لأسباب عدة. تعثر في البداية على أغراض مريبة تركها أصحاب المنزل السابقون. تقدّم الممثلة أماندا سيفرايد أداءً صامتاً وتعبّر عن دهشتها الداخلية بعينيها الواسعتَين. لكن في تحوّل غير متوقع في الأحداث، يتّضح أن "كاثرين" لا تخاف من الأرواح التي تطوف حولها، بل تنبهر بها وتريد مساعدتها لاسترجاع السلام. تتقاسم سيفرايد مشهداً مع الممثل العظيم ف. موري أبراهام بدور رئيس القسم الذي يعمل فيه "جورج"، وهو من أبرز المشاهد المؤثرة في الفيلم، فتُعبّر الشخصيتان عن مخاوفهما المشتركة حول تلك الأرواح المعذبة.
على صعيد آخر، تقدّم الشخصيات الثانوية المرتبطة بشخصية "جورج" أفضل ما لديها لزيادة منسوب التشويق في هذا المكان المرعب. تؤدي الممثلة ريا سيهورن على مرّ الفيلم دور زميلة "جورج" المنطقية التي تلاحظ اضطراب زواج الثنائي أكثر منهما على الأرجح. هي أستاذة مساعِدة أيضاً، وظيفتها ممتعة ويعطي أداؤها الحيوي شحنة من الطاقة إلى الفيلم. أما جيمس أوربانياك، فهو زوجها الذي يزرع القنب ويقول عبارات مضحكة كأن يدعو زوجته للخروج وتفقّد الحيوانات قبل أخذ قيلولة. إنهما شخصيتان متحررتان ومثيرتان للاهتمام وتشكلان نقيضاً للزوجين "كلير" اللذين يعيشان علاقة على شفير الانهيار.
في النهاية، يدمج المخرجان بيرمان وبولشيني القصتين معاً ويتخذ الفيلم منحىً مريباً بمعنى الكلمة، حتى أن الأحداث قد تصبح جنونية بعض الشيء. لكنّ هذه التطورات كلّها قد تجعلنا نفكر ملياً قبل التوجه إلى أي منزل قديم ومبهر. باختصار هو فيلم مشوّق يمكنكم أن تحضروه ان كنتم من هواة أفلام الرعب الخفيفة فهو غير مقزّز ولن تجدوا فيه مشاهد دامية بشكلٍ مبالغ فيه بل حبكة مشوقة تجعلكم تتابعون كلّ تفصيل حتى النهاية!