الاتحاد الأوروبي: سنخرج أقوى من "أزمة كورونا"

روما تُطالب بروكسل بأن تكون أكثر "وحدة وشجاعة"!

04 : 25

وعدت بروكسل بـ"خطّة مارشال" أوروبّية عبر موازنة الاتحاد الأوروبي لإنهاض الاقتصاد بعد الأزمة (أ ف ب)

بينما دعا رئيس الحكومة الإيطاليّة جوسيبي كونتي بالأمس الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أكثر "وحدة وشجاعة وطموحاً" في مواجهة وباء "كوفيد- 19"، وذلك في إطار ردّه على رئيسة المفوضيّة الأوروبّية أورسولا فون دير لايين التي اعتذرت أمس الأوّل من روما عن التأخّر في المساعدة، عبّرت الأخيرة بالأمس عن اقتناعها بأن الاتحاد الأوروبي سيخرج "أقوى" من الأزمة.

وكتب كونتي في صحيفة "لاريبوبليكا" التي نشرت الخميس مقالة فون دير لايين: "إنّه زمن إبداء المزيد من الطموح والوحدة والشجاعة"، إذ كانت رئيسة المفوضيّة الأوروبّية قد قدّمت اعتذاراتها لإيطاليا في تلك المقالة، معترفةً بأنّ "أوروبا تتحرّك اليوم وتقف إلى جانب إيطاليا، لكن الوضع لم يكن دائماً كذلك". وأقرّت بأنّه "في بداية الأزمة حيال الحاجة لردّ أوروبي مشترك، لم يُفكّر كثيرون إلّا بمشكلاتهم الوطنيّة". واختتمت رسالتها بمبادرات اتخذها الاتحاد الأوروبي لمساعدة الدول الأكثر تضرّراً، خصوصاً إيطاليا.

وردّ كونتي قائلاً: "نحن مدعوون إلى القيام بقفزة نوعيّة تُتيح أن نُطلق على أنفسنا تسمية اتحاد سياسي واجتماعي وليس فقط اقتصاديّاً". ورأى أن "التضامن يجب أن يكون الحبر الذي نكتب فيه صفحة التاريخ هذه". وبعدما وصف مشروع "تخصيص ما يصل إلى 100 مليار يورو للدول الأكثر تضرّراً بدءاً بإيطاليا للتعويض عن تراجع مداخيل من سيعملون ساعات أقلّ"، الذي تطرّقت إليه رئيسة المفوضيّة، بأنّه "ايجابي"، اعتبر كونتي أنّه "يجب المضي أبعد" من هذا الرقم.

وتطرّق مجدّداً إلى مسألة "سندات كورونا" التي يُفضّل أن يُسمّيها "السندات الأوروبّية للانعاش والنهوض"، اللازمة بحدّ قوله "لتمويل الجهود الاستثنائيّة التي يُفترض أن تبذلها أوروبا لاعادة بناء نسيجها الاقتصادي والاجتماعي". وكرّر التأكيد أنّه من غير الوارد تقاسم الدين القديم للدول المعنيّة، إذ إن إيطاليا تحتلّ المرتبة الثانية بعد اليونان للدول الأكثر مديونيّة للاتحاد الأوروبي، "ولا حتّى فرض دفع يورو واحد على مواطني بعض الدول للديون المستقبليّة لدول أخرى".

كما أوضح كونتي أن مثل هذه الخطوات يجب أن تُتيح في المقابل "استخدام "قوّة النار" الفعليّة للأوروبّيين بالكامل"، لإنشاء "برنامج مشترك وتقاسم الدعم وانعاش اقتصادنا وضمان مستقبل لائق لعائلاتنا والشركات والعمّال ولجميع أولادنا". وخلص إلى القول: "في مواجهة عاصفة مثل "كوفيد- 19" تؤثّر علينا جميعاً، ليست هناك حاجة إلى سترة نجاة لإيطاليا، ولكن إلى قارب نجاة أوروبي قوي يأخذ دولنا الموحّدة إلى برّ الأمان".

من ناحيتها، قالت رئيسة المفوضيّة الأوروبّية لإذاعة "أوروب 1" الفرنسيّة: "أنا مقتنعة بأنّ أوروبا ستخرج أقوى من هذه الأزمة"، على الرغم من التساؤلات الحاليّة حول التضامن بين الدول الـ27 الأعضاء". وأشارت إلى أنّها تتفهّم "صرخة الإنذار" التي وجّهها رئيس المفوضيّة الأسبق الفرنسي جاك ديلور، الذي اعتبر أن نقص التضامن بين الأوروبّيين يتسبّب "بخطر قاتل" للاتحاد. ورأت فون دير لايين متحدّثة بالفرنسيّة أن "الخطر كبير لكن هناك فرنسي آخر عظيم هو جان مونيه الذي قال: "أوروبا تصهر نفسها في الأزمات". أحبّ هذه العبارة وأعتقد أنّه أمر صحيح". وتابعت: "كثيراً ما توقّعنا "موت أوروبا"، اليوم لا نزال هنا... لقد خرجنا دائماً من هذه الأزمات أقوياء". كما اعتبرت أن الدول الـ27 الأعضاء لن تتمكّن من العمل "عبر الاكتفاء الذاتي" ولن تتمكّن من هزم الفيروس وحدها، وانّما "يجب العمل معاً"، مؤكدةً أن "هذا الأمر قد لا يعمل بشكل كامل، لكنّه بالتأكيد أفضل من أن يعمل كلّ بمفرده".

كذلك، أقرّت رئيسة المفوضيّة بأنّه في بداية الأزمة الصحّية "لم تُفكّر بعض الدول الأعضاء إلّا في مشكلاتها الخاصة"، معبّرةً عن أسفها بشكل خاص لإغلاق الحدود الداخليّة أو حظر تصدير المواد الطبّية. لكنّها أضافت: "عملنا بجدّ لتغيير هذه الذهنيّات. اليوم اختفت هذه المشكلات ونرى الكثير من إشارات التضامن". ووعدت بـ"خطّة مارشال" أوروبّية عبر موازنة الاتحاد الأوروبي لإنهاض الاقتصاد بعد الأزمة، لافتةً إلى أنّه سيُتّخذ قرار بعد عيد الفصح في شأن إعادة فتح الحدود الخارجيّة للاتحاد الأوروبي أم لا.

وفي السياق عينه، أبدى نائب رئيسة المفوضيّة الأوروبّية فالديس دومبروفسكيس، الذي كان يؤيّد حتّى الآن الالتزام باحترام ضوابط الموازنة الأوروبّية بدقة، انفتاحه ازاء فكرة إصدار "سندات أوروبّية"، والتي تُثير ارتياب بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفي مقدّمها ألمانيا وهولندا. وردّاً على أسئلة صحيفة "لاريبوبليكا" حول ما إذا كان يؤيّد الاقتراح، أجاب: "المفوضيّة قالت بوضوح: نحن منفتحون على أي خيار ونحن بحاجة لردّ واعد ومنسّق وفعّال لمواجهة الأزمة... ومستعدّون لتسهيل هذا العمل".


MISS 3