ريتا ابراهيم فريد

ماذا لو عاد الآباء من السماء... ليومٍ واحد؟

21 حزيران 2023

02 : 03

ماذا لو توقّفنا قليلاً في حضرة عيد الأب، وأقمنا هدنة صغيرة مع القدر؟

ماذا لو حاولنا تعديل دساتير الحياة، وإعادة خلط الأوراق حول ما يسمّى حقيقة مطلقة؟ ماذا لو نجحنا في إعادة الآباء الذين رحلوا؟

قد تبدو هذه الفكرة خيالية، أو مقتبسة من قصص الأطفال.

فكرة تشبه أمنياتنا الطفولية الصغيرة في اختراع هاتف يصلنا مباشرة بالسماء، نستعين به للتواصل مع من نحبّ، بحثاً عن أصوات دافئة نختبئ في أحضانها حين ترهقنا متاعب الحياة.

حين تخسر والدك في عمر صغير، تطاردك أسئلة لا تنتهي، وانكسار يعصر قلبك مهما كنت تنبض بالقوة. انكسار قد يستنفد طاقتك أثناء البحث عن عاطفة أبوية بين كلّ ما يحيط بك.

لكنّه في المقابل، قد يتحوّل أيضاً الى ثورة تطال كلّ شيء من حولك... نحو سلام ذاتيّ ينبع من داخلك، وصولاً الى عالمٍ أكثر عدلاً.

أعرف شابة خسرت والدها قبل ولادتها بأشهر قليلة. إذ قُتِل حين كانت والدتها حاملاً بها. لم تسمع صوته يوماً، ولم تحظ بفرصة التقاط صورة معه. فحاولت أن تصنع بنفسها ذكريات على مقياس أحلامها بلقاء يجمعهما، وأن تبتكر أشكالاً لنبرة صوته، لابتسامته، وحتى لأنواع غضبه.

كيف يمكن لرصاصة صغيرة أن تحدث فراغاً لا تملأه كلّ أضواء الكون؟

أمضت طفولتها تبحث عنه في جميع العيون الخضراء التي تشبه عينيه، حتى بات اللون الأخضر بالنسبة لها... سماوياً.

لماذا يرحل الآباء وقد وُجدوا في هذه العالم خصّيصاً كي يكونوا لنا السند؟

إذا كانت أبواب السماء موصدة بيننا وبينهم، وأبواب الأرض لا تتّسع لحضورهم. فلنلتقِ بهم إذاً على أرضٍ محايدة، حيث لا حواجز تفصلنا... فليكن ذلك على مرمى قدر من معانقتهم، ولو كان ذلك للحظة واحدة.

فلنحاول إعادتهم ليوم واحد. سيكون ذلك كافياً. سنعتني بكلّ لحظة نقف فيها أمامهم. بل نحن سوف نقدّس تلك اللحظة ونخلّد ذكراها.

لو عادوا، سيكون كل شيء أجمل.

على الأقلّ، قد يتركون بصماتهم على جدران الذاكرة. وقد يعيدون ترتيب القضاء والقدر.

وربّما... ستكون مناسبة لمصالحة حقيقية بيننا وبين الحياة.


MISS 3