القطط... هل تنقل الكورونا؟

05 : 05

تكشف دراسة أولية أن القطط قد تنقل فيروس كورونا الجديد، لكن ظهرت هذه النتيجة في ظروف اصطناعية حيث أعطى العلماء جرعات مرتفعة من الفيروس إلى الحيوانات. لم يتمكن البحث من إثبات قدرة القطط على نقل الفيروس في ما بينها أو إلى البشر بطريقة مقنعة.

خلال أزمة "كوفيد - 19"، لم يستطع العلماء أن يجيبوا بطريقة وافية على السؤال المحوري التالي: هل تنقل الحيوانات الأليفة الفيروس الذي يحمل المرض المُعدي؟ وإذا كانت تنقله، ما هي الحيوانات الأكثر عرضة للخطر وهل تستطيع نقل العدوى إلى البشر وحيوانات أخرى؟

ذكر تقرير من هونغ كونغ أن كلباً من فصيلة البوميراني سجّل نتيجة "إيجابية ضعيفة" في فحص الكشف عن فيروس كورونا. تكشف النتائج أن العدوى انتقلت في هذه الحالة من البشر إلى الحيوان، وقد وضع الخبراء الكلب في الحجر الصحي لبضعة أيام بعد إجراء الفحص، مع أن أي أعراض لم تظهر عليه. في النهاية، نفق الكلب الذي كان عمره 17 عاماً، لكن لا شيء يؤكد بعد على ارتباط نفوقه بالفيروس.

منذ ذلك الحين، تأكدت إصابة كلب آخر في هونغ كونغ، من فصيلة الراعي الألماني هذه المرة، مع أنه لم يواجه أي أعراض. ثم أصيبت قطة في بلجيكا بأعراض تنفسية وهضمية وجاءت نتيجة فحصها إيجابية أيضاً. لكن في هذه الحالة، شكّك البعض بإصابتها بفيروس كورونا الجديد وبارتباط أعراضها بهذه العدوى.

نتائج متفاوتة بين مختلف الحيوانات

أمام هذا الكم الهائل من المعلومات المتناقضة حول احتمال تناقل الفيروس عبر الحيوانات الأليفة، قرر باحثون من الصين التعمق في هذه المسألة.

يعمل هؤلاء الباحثون في "معهد هاربين للأبحاث البيطرية" في "الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية"، وفي "المختبر الوطني عالي الاحتواء لمكافحة أمراض الحيوان والوقاية منها" في "هاربين"، الصين.

لم تخضع دراستهم بعد لتقييم خبراء آخرين ولم تُنشر نتائجها في أي مجلة علمية، لكنهم طرحوا استنتاجاتهم على شبكة الإنترنت.

حلل الباحثون في دراستهم مدى قدرة فيروس كورونا الجديد على إصابة مجموعة من الحيوانات الأليفة، بما في ذلك القطط والكلاب والنمس والدجاج والبط والخنازير.

تبيّن أن القطط وحيوانات النمس هي الأكثر عرضة لالتقاط العدوى، ولم تتكرر هذه النتيجة بشكلٍ واضح لدى الكلاب والخنازير والدجاج والبط. مع ذلك، لم يتّضح بعد مسار انتقال الفيروس من القطط والنمس لأن العلماء استعملوا في تجربتهم طريقة اصطناعية لنقل العدوى.

القطط تلقّت كمية كبيرة من الحمل الفيروسي!

أعطى الباحثون جرعة مرتفعة من الفيروس إلى خمس قطط عمرها 8 أشهر، وقد ضخّوها مباشرةً في أنوفها. بعد مرور ستة أيام، استعملوا طريقة الموت الرحيم مع قطتَين لجمع عينات من مختلف أعضائهما والتحقق من الحمض النووي الريبي الفيروسي لديهما. ثم جمع الباحثون عينات برازية من القطط المتبقية وحللوها.

فاكتشفوا أن القطتَين النافقتَين حملتا الحمض النووي الريبي الفيروسي في الأنف والفم واللوزتين. وحملت إحداهما أيضاً آثار الفيروس في القصبة الهوائية، والأخرى في الأمعاء الدقيقة. لكن لم يظهر أي أثر للحمض النووي الريبي الفيروسي في الرئتين.

أما آثار الفيروس المعدية والقابلة للانتشار، فلم يرصدها الباحثون إلا في الأنف والفم واللوزتين والقصبة الهوائية لدى القطتَين. في ما يخص مجموعة القطط الثلاث المتبقية، يكتب جيانتشونغ شي وزملاؤه: "رُصد الحمض النووي الريبي الفيروسي في براز قطتَين في سن المراهقة في اليوم الثالث بعد التقاط العدوى، ولدى القطط الثلاثة كلها في اليوم الخامس".

ثم جعل الباحثون قطة صغيرة سادسة تحتك بالقطط الثلاث التي تحمل الفيروس أصلاً، فالتقطت العدوى بدورها. رصـد العلماء آثار الحمض النووي الريبي الفــــيروسي في برازها في اليوم الثالث بعد احتكاكها بالحيوانات الأخرى. وحين أجرى الباحثون تجارب أخرى على صغار القطط، تتراوح أعمارها بين 70 و100 يوم، توصلوا إلى استنتاج مماثل: "تكشف هذه النتائج أن فيروس كورونا الجديد قادر على التكاثر لدى القطط، وتكون الحيوانات الأصغر سناً أكثر عرضة للخطر. والأهم من ذلك هو أن الفيروس قد ينتقل بين القطط عبر الإفرازات التنفسية".

أدلة غير كافية

يصعب أن تحتك تلك القطط كلها، أو أي حيوانات أخرى، بهذه الكميات الهائلة من الفيروس. كذلك، أجرى الباحثون تجربتهم على عدد صغير من الحيوانات ولم يختبروا العدوى إلا عبر تعريض قطة واحدة لها. بعبارة أخرى، من المستبعد أن تتكرر هذه النتائج على أرض الواقع.

يبدو أن الفيروس ليس قابلاً للانتقال بين القطط بدرجة كبيرة إذاً! إنه رأي الخبيرة المرموقة في علم الفيروسات، ليندا سيف، من جامعة ولاية "أوهايو" في "ووستر"، في مجلة "الطبيعة".

وفي بحث سابق عن فيروس "سارس"، تبيّن أن القطط تستطيع التقاط فيروس كورونا ونقله إلى قطط أخرى. ينطبق هذا الاستنتاج أيضاً على النمس.

لكن تضيف سيف: "لم يبرز أي مؤشر خلال وباء "سارس" على انتشار الفيروس بين القطط المنزلية أو انتقاله من القطط إلى البشر".

ونظراً إلى قلة الأدلة القوية على تناقل فيروس كورونا الجديد بين القطط وغياب الأدلة على انتقاله من القطط إلى البشر، يدعو الخبراء إلى إجراء دراسات إضافية عن هذا الموضوع.

لكن صدرت تقارير عن نزعة أصحاب الحيوانات الأليفة إلى تغيير مكان إقامة قططهم بسبب خوفهم من التقاط فيروس كورونا الجديد، مع أن "الرابطة العالمية البيطرية للحيوانات الصغيرة" تشدد حتى الآن على غياب الأدلة الدامغة في هذا المجال.

كتب المسؤولون في تلك الرابطة في أحدث منشور لهم في 26 آذار 2020: "حتى اليوم، نؤكد على عدم وجود أي معلومات تثبت انتقال فيروس كورونا الجديد من كلب أو قطة إلى حيوانات أخرى أو إلى البشر". تعليقاً على الموضوع، يقول البروفسور ديرك فايفر، خبير في علم الأوبئة في جامعة هونغ كونغ، في مجلة "الطبيعة": "للسيطرة على "كوفيد - 19"، يجب أن يصبّ التركيز حتماً على تخفيض مخاطر تناقل العدوى بين البشر".


MISS 3