الصوم المتقطّع آمنٌ لكبار السن؟

05 : 20

الصوم المتقطع مقاربة غذائية شائعة تخضع لدراسات متواصلة في المختبرات وتُطبَّق في مطابخ كثيرة حول العالم. هذا الخيار ليس مجرّد نزعة عابرة، فقد يترافق حصر حجم السعرات الحرارية أو الوجبات المستهلكة مع منافع كثيرة، منها فقدان الوزن وتراجع مخاطر الإصابة بأمراض متنوعة. لكن لا تزال الأدلة التي تثبت مفعول الصوم المتقطع على صحة كبار السن قليلة.

ما معنى الصوم المتقطع؟

يفرض الصوم المتقطع ضوابط على توقيت الأكل أو كمية الطعام أو الاثنين معاً. تتعدد المقاربات لتطبيقه.

الصوم كل يومين: يمكنك أن تأكل بطريقة طبيعية كل يومين. في يوم الصوم، اكتفِ بتناول 25% من حاجاتك اليومية إلى السعرات. إذا كنت تستهلك مثلاً 1800 سعرة في أيام الإثنين والأربعاء والجمعة، يمكنك أن تتناول وجبة من 450 سعرة فقط في أيام الثلاثاء والخميس والسبت.

مقاربة 5:2: يمكنك أن تأكل بشكلٍ طبيعي طوال خمسة أيام متلاحقة. ثم اكتفِ بـ400 أو 500 سعرة يومياً طوال يومين متلاحقين.

مقاربة 16:8: تكون جميع الأيام متشابهة. يجب أن تمتنع عن الأكل طوال 16 ساعة متواصلة ثم تأكل بشكلٍ طبيعي طوال 8 ساعات، بين التاسعة صباحاً والخامسة بعد الظهر مثلاً.

المنافع المتوقعة

يبدو أن منافع الصوم المتقطع تنعكس على جوانب صحية متعددة. نظرياً، تنجم هذه المنافع عن تشغيل عملية أيضية مفيدة.

تقول خبيرة التغذية كاثي ماكمانوس، مديرة قسم التغذية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "يؤدي الصوم إلى تراجع مستويات الغلوكوز. في هذه الحالة، يستعمل الجسم الدهون بدل الغلوكوز كمصدر للطاقة بعد تحويل الدهون إلى كيتونات". هذا الانتقال من الغلوكوز إلى الكيتونات كمصدر للطاقة يغيّر كيمياء الجسم بطرقٍ صحية أيضاً.

يرتبط الصوم المنتظم لدى الحيوانات بفقدان الوزن، فضلاً عن تراجع ضغط الدم وإيقاع ضربات القلب ومقاومة الأنسولين والالتهابات وانخفاض مستويات الكولسترول السيء مقابل ارتفاع معدل الكولسترول الجيد. اكتشفت الدراسات أيضاً أن أداء الذاكرة يتحسّن. كذلك، يرتبط الصوم المتقطع بإطالة العمر، لدى الحيوانات على الأقل، لأنه قد يسمح للمتقدرات المسؤولة عن إنتاج الطاقة في كل خلية بتحسين أدائها والحفاظ على شبابها.

يوضح الدكتور ويليام ماير، باحث وأستاذ مساعد في علم الوراثة والأمراض المعقدة في كلية "تي إتش تشان" للصحة العامة التابعة لجامعة "هارفارد": "حين تأكل نهاراً، لن تزيد أعباء المتقدرات ليلاً، أي حين يُفترض أن تتولى مهاماً أخرى. لكن تكثر الأسئلة العالقة حتى الآن".





المخاطر المحتملة

يبدو الصوم المتقطع واعداً، لكن ما من أدلة جازمة بعد على منافعه أو تأثيره على كبار السن. لطالما ركزت الدراسات البشرية على مجموعات صغيرة من الراشدين في شبابهم أو في منتصف العمر، واقتصرت على فترات قصيرة. لكننا نعرف أن الصوم المتقطع قد يكون شائكاً في بعض الحالات. تضيف ماكمانوس: "إذا كان وزنك طبيعياً أصلاً، قد تخسر الوزن أكثر مما ينبغي، ما يؤثر على عظامك ومناعتك وطاقتك عموماً". تعبّر الدكتورة سوزان سالامون، رئيسة قسم علم الشيخوخة في مركز "بيث ديكونيس" الطبي التابع لجامعة "هارفارد"، عن مخاوف أخرى فتقول: "قد لا يكون الصوم مناسباً لكل من يحتاج إلى أخذ أدويته مع الطعام لتجنب الغثيان أو اضطراب المعدة. كذلك، قد يصبح الشخص الذي يأخذ أدوية قلب أو ضغط أكثر عرضة لاختلالات خطيرة في معدلات البوتاسيوم والصوديوم بسبب الصوم". على صعيد آخر، قد يكون الصوم المتقطع مؤذياً لك إذا كنت مصاباً بمرض السكري وتحتاج إلى الطعام في أوقات محددة أو تأخذ دواءً يؤثر على سكر الدم.

هل تريد تجربته في مطلق الأحوال؟

إذا كنت تفكر بتجربة الصوم المتقطع رغم إصابتك بمشاكل صحية مثل السكري أو أمراض القلب، استشر طبيبك. توصي ماكمانوس بتطبيق هذه الحمية تدريجاً، أي تقليص مدة الأكل ببطء، على مر أشهر عدة.

كذلك، يجب أن تتابع أخذ أدويتك بالشكل الذي وصفه الطبيب. يقول الدكتور ألكسندر سوكاس، اختصاصي في أمراض الغدد الصماء وعلم الوراثة الجزيئي في مستشفى "ماساتشوستس" العام التابع لجامعة "هارفارد": "أخذ الأدوية لا يكسر الصوم ولا حتى تناول المشروبات الخالية من السعرات الحرارية، مثل الماء أو القهوة السوداء". إذا كنت تحتاج إلى الأكل مع الدواء، حاول أن تطبّق مقاربة مُعدّلة من الصوم. يُفترض أن تعطي هذه الطريقة المنافع أيضاً لأصحاب الوزن الزائد. في مطلق الأحوال، تعاون مع طبيبك لوضع خطة صحية لا تحمل أي مخاطر.