مراكز مفتوحة ووحداتٌ نقّالة تجول على البلدات خدمات "منظمة مالطا" تتحدّى "كورونا"

05 : 30

"الوضع سيئ جداً، وأنا مخنوق منه. منذ اصبحت عاطلاً من العمل بفعل الأزمة الاقتصادية ثم أزمة فيروس كورونا، بالكاد أستطيع أن أشتري لأولادي الثلاثة ربطة خبز. لم أعد قادراً على دفع بدل إيجار بيتي، ولا حتى على تسديد ما يتوجب عليّ للبقالة. أنا ممتنّ لمنظمة مالطا في لبنان لتأمينها أدويتي مجاناً". هكذا يلخّص صالح (42 عاماً) حاله، وهو يتسلّم كيس أدويته من الوحدة الطبيّة النقّالة التابعة لمنظمة مالطا في بلدته البقاعية جبولي. ومِثلَه، تعوّل راوية (39 عاماً)، على دعم المنظمة، لتحصل على أدويتها وأدوية والدتها المريضة منذ أن خسرت وظيفتها قبل نحو ستة أشهر، ولم تعد قادرة على تأمين مصروفها.

صالح وراوية نموذجان من آلاف المعوزين الذين تمدّ لهم منظمة مالطا يد العون، في الأيام العادية وفي أصعب الظروف، كتلك التي يشهدها لبنان اليوم. فعلى رغم هذه الظروف، لم تتوقّف المنظمة عن تأدية مهمتها ورسالتها المتمثلة في الوقوف إلى جانب كل انسان محتاج ومريض ومعذّب في كل المناطق اللبنانية ومن دون أي تمييز، من خلال الاستمرار في تأمين المعاينات الطبية وتلبية احتياجات المرضى من الأدوية.

وفي هذا الإطار، لا تزال مراكز الرعاية الصحية العشرة التابعة للمنظمة تعمل كالمعتاد، ولم تنقطع خدماتها في أماكن انتشارها التي تتوزع على كل المناطق اللبنانية. وإذا كان العمل جمّد موقتاً في الخدمات شبه الطبية وفي خدمات طب الأسنان في هذه المراكز، فإن كل المعاينات مستمرة، وخصوصاً في المجالات الأكثر إلحاحاً، كالأمراض النسائية وطب الأطفال وأمراض القلب. وتشجيعاً للناس على البقاء معزولين في هذه المرحلة، تم استحداث خط ساخن لكل مركز، يتيح التواصل مع الأطباء المعاينين، وعند الإمكان، تجرى المعاينة بواسطة تطبيق "واتساب".

أما المضطرون إلى مقابلة الطبيب، أو من لا يستطيعون التواصل معه هاتفياً، فيمكنهم التوجه إلى المراكز، وهي مفتوحة ومجهزة بحسب المواصفات المحددة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.



الوحدات الطبية النقالة

أما الوحدات الطبية النقالة، والتي يبلغ عددها حالياً أربعة، على أن يرتفع إلى سبعة بنهاية السنة الجارية، فتوقفت قسرياً عن التنقّل في الأيام الأولى لتطبيق إجراءات العزل، وكان المراجعون يقصدونها في النقاط الثابتة التي تتمركز فيها، لكنّها ما لبثت أن عاودت جولاتها على البلدات لتطبيب الناس في أماكن إقامتهم. وتتوقف الوحدات النقّالة في القرى بالتنسيق الوثيق مع بلدياتها، لتنظيم المعاينات وفق أفضل شروط السلامة. وينتظر المرضى خارج الوحدة، ويجلسون بعيدين مسافة مترين الواحد عن الآخر، وفي انتظار دورهم يتابعون شروح توعية عن فيروس كورونا وطريقة انتقاله والوقاية منه. وفيما هم خارج الوحدة، يتم فحصهم وأخذ حرارة أجسامهم، وإذا تم الاشتباه بأنهم مصابون بفيروس "كورونا"، لا يدخلون إلى الوحدة، بل يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويلهم إلى الجهات المختصة بإجراء فحص "كوفيد 19". أما الباقون، فإذا لم تكن ثمة ضرورة لدخولهم إلى الوحدة، يتم إعطاؤهم دواءهم ويغادرون، في حين أن الذين يحتاجون إلى الدخول للمعاينة، يتم تعقيم أيديهم، ويضعون الكمامات. كذلك يكون فريق العمل مزوداً بكامل مستلزمات الوقاية.

ووفق إحصاءات المنظمة، تستقبل كل وحدة نقالة يومياً ما معدله نحو 120 مريضاً، 80 في المئة منهم يعانون أمراضاً مزمنة، والبقية يراجعون في شأن الأمراض العادية، ولم تسجل حتى الآن أية حالات "كورونا" بينهم.

ويجدر التذكير بأن خدمات المعاينة والأدوية والتحويل على اختصاصي والفحوص المخبرية وفحوص الأشعة تقدم مجاناً من خلال برنامج الوحدات النقالة، وفي حال الحاجة إلى الاستشفاء لغير فيروس "كورونا"، يتولى البرنامج تغطية الكلفة جزئياً. أما بالنسبة إلى كبار السنّ الذين تتولى المنظمة رعايتهم، فتوقف العمل موقتاً في مراكز الرعاية النهارية الثلاثة المخصصة لهم، مع استحالة استضافتهم فيها بسبب عزلة "كورونا". لكنّ المنظمة تحرص على ألاّ تتركهم في هذه الظروف، فعوضاً عن مجيئهم إلى المراكز، تتصل المنظمة بجميع كبار السنّ المسجلين في لوائحها للإطمئنان عليهم أولاً، وإشعارهم بأن ثمة من يقف إلى جانبهم، وتتكفل توصيل الأدوية إليهم في منازلهم، وخصوصاً لاصحاب الأمراض المزمنة، لأن وضعهم هو الأكثر دقّة، وهم معرّضون أكثر من غيرهم للخطر.


MISS 3