جوزيف الهاشم

حيّنا والكورونا ـ عين الرمانة

9 نيسان 2020

02 : 20

45752_result

لعلّ يوميّات "كورونا" تتشابه في معظم الأحياء في المناطق والبلدات اللبنانية، من "تقييد" الحركة ذاتياً، وأخْذ أقصى درجات الحيطة والحذر، مع تعليمات الحكومة أو من دونها... مع بعض الاستثناءات التي تتخطّى حدود المعقول أحياناً.

في عين الرمانة، "قلعة الصمود"، الحجْر المنزلي الطوعي هو الأساس والسائد والطاغي، مع بعض الخروقات على بعض "المحاور" المنزلية، ولكن الجميع، تقريباً، منضبط تحت سقف "البيت... وحدو بيحميك".

"حِطّ الكمّامة يا عاطف" ينده شرطي البلدية "جان" لجارنا "الخضرجي" فيردّ "تكرم عينك يا معلّم"، هكذا تعوّد و"الطبع يغلب التطبّع"، يضع الكمّامة ويُكمل طريقه ليوصل "الطلبية" إلى الجارة في الطابق الخامس.

حركة "الدليفري" كانت ولكنها صارت أكثر "بركة" وانتشاراً وشملت كل المحالّ "المسموح لها"، "عاطف" لا يهدأ ومثله جاره في الكار "روني"، و"أطيب منقوشة" أشهر فرن في المنطقة و"أخواته" في الأحياء المجاورة، وكذلك الدكاكين في كل الزواريب، و"كل واحد بياكل رزقتو". لكن "الرفيقة ريتا"، مالكة "الميني ماركت" في بنايتنا منذ 45 عاماً، لها حكاية أخرى، قصة كبيرة، "مشاريع التوصيل" عندها توسّعت إلى معظم الأحياء المجاورة ووصلت إلى التحويطة ومستشفى جبل لبنان... الإلتزام بمعايير السلامة "الكورونية" عندها عشرة على عشرة، وعلى الباب "جيل" تعقيم اليدين إلزامي و"ببلاش"... والكمّامة بـ 1500، و"ما فيك تفوت بلاها".

"يا شربل ساعِدنا، يا شربل احمينا احمينا..." تمر سيارة بمكبر للصوت بعد الظهر مثبّت عليها تمثال القديس شربل وتدور في الأحياء وترفع التراتيل، ويطلّ "الصامدون" في منازلهم على الشرفات ويرسمون شارات الصليب على صدورهم، تلك الشارة التي ما زالت تجمع أبناء عين الرمانة في الملمّات من أيام "البوسطة" الشهيرة و"حرب السنتين" المشؤومة إلى حروب "الإخوة ـ الأعداء" من الداخل والخارج... إلى أيام "الكورونا".

عند الخامسة بعد الظهر يتغيّر المشهد، الكل في عجلة من أمره، حان وقت الإقفال، الكل ملتزم، إلاّ أن مرور دورية البلدية "إلزامي" للتأكد من أن ساعات الجميع "مظبوطة"!

بين السادسة والنصف والسابعة مساء، بالتمام والكمال، يصدح صوت المايكروفون من على "جيب" البلدية "يا أهالي عين الرمانة الكرام حفاظاً على سلامتكم يُرجى الالتزام بالبقاء في منازلكم وعدم التجوّل بعد الساعة السابعة...".

إنها السابعة... يعمّ شيء أشبه بالسكون "من حي ّ لحيّ"، من سيدة المراية إلى تمثال الرصاص، من بنك الريف إلى طرمبة شكّور، وبيار الجميّل ومارون مارون وغنوم ومار جرجس والعائلة والمازدا والصنوبرة وسيدة الخلاص والعريض وكاليري زعتر وصنين... في عين الرمانة تتشابه الشوارع والأحياء من زمان... والأحياء فيها أيضاً يتشابهون، صامدون، عسى أن تمرّ "بوسطة كورونا" بسلام... من دون إصابات أو "شهداء".


MISS 3