دعكم من الفدرالية، كنظام سياسي مرذول راود القادة الموارنة الكبار، وما زال، فطرحوه أرضاً على بساط البحث وعلى طاولات الحوار، مرة كخيار استراتيجي ومرة كخيار «تكتي» للزكزكة أو لحشر الآخرين.
دعكم من هواجس مسيحيي الأطراف وخوف دروز الجبل ومقاومة شيعة الجنوب وعروبة سنّة الشمال.
دعكم من الفدرالية الصريحة والمقنّعة واللابسة لبوس اللامركزية الإنمائية الإدارية والمالية الإكسترا لارج.
دعكم من الفدرالية النقيضة للوحدة اللبنانية العظيمة ولمفهوم المواطنة البعيدة من الطائفية البغيضة. المواطنة يفهمها ابن البازورية بطريقة وابن «حبوب المنحبّة» بطريقة وابن بقاع صفرين بطريقة وابن صفاريه بطريقتين.
دعكم من الفدرالية وإليكم الأدهى. فلتكن الجمهورية جمهوريتين: واحدة تعيش، كما كانت لثلاثين سنة، على «السياحة والفرفشة» كما ردّد الشيخ نامي الخازن طوال عمره، وتعيش على الانفتاح والموسيقى و»الشخلعة» والحريات العامة والديمقراطية والتنوّع وعلى كازينو لبنان وعلى البحر ومسابقات الجمال، من مس بيكيني وطلوع، وتعيش على الثقافة التي تتّسع للغوى وللقوى وعلى الجامعات والمستشفيات وشغل الـ»كلودات» والموضة والتجارة وصنع السعادة. والثانية تعيش على الجهاد بكل تنويعاته ومستوياته العقائدية والزراعية والعسكرية والصناعية والقرض الحسن، وتعيش على الغضب، وعلى التعبئة وعلى الحشد وعلى العصبية الدينية وعلى قضية فلسطين وهمّ تحرير المقدسات، وعلى نبذ الشطآن غير المحتشمة، وتعيش لدعم المستضعفين والمحرومين والمشحّرين، وتعيش لتلقن العدو دروساً خصوصية مكلفة.
اليوم أكثر من أي يوم مضى، يتألف لبنان من جمهوريتين متداخلتين على أرض واحدة.
الجمهورية اللبنانية الليبرالية وعاصمتها «أسواق بيروت» والجمهورية الإسلامية اللبنانية وعاصمتها بير العبد.
دعكم من الفدرالية واذهبوا إلى المباشر.
قبرص اثنتان. ثلث بثلثين.
تيمور تيموران: شرقية وغربية.
كوريا كوريتان: شمالية مدعومة من دكتاتوريات العالم تعبد ثلاثة آلهة الجد والأب وكيم جونغ أون الحفيد، وجنوبية هي قبلة العالم الحر والتجارة الحرة وحرية العبادة.
الصين صينان: واحدة بعبع والثانية تايبه.
ليست آخر الدنيا أن تتحول الدويلة دولة تنال اعتراف الجمهورية الإسلامية وسورية ونصف اليمن وكل أفغانستان. وليسعد فيها من ينشد السعادة مع الحواري.
ولا آخر الدنيا، أن يحيا اللبنانيون في جمهورية كاملة المواصفات.
موريشوس، ومساحتها 20% من مساحة لبنان عائشة وهانئة وتنافسها ليختنشتاين. يطول عمر الإنسان في تلك الإمارة إلى ما فوق الأربعة والثمانين عاماً كمتوسط عام، ونحن ينقصف عمرنا كلما قرر المرشد الأعلى أن الأوان آن لإشعال الجبهة.
دعكم من الفدرالية ومنظّريها وراسمي خرائطها.
ودعكم من المؤمنين أن لبنان هو هذا المركب الغريب العجيب: شعب وجيش ومقاومة يرفضها ثلثا الشعب وثلثا الجيش والمقاومون الأوائل.
