مسعود محمد

"كورونا"... أردوغان يُساعد الخارج ويتجاهل الداخل!

14 نيسان 2020

05 : 06

أردوغان يستخدم أزمة الوباء لتلميع صورته أمام العالم (أ ف ب)

يُصرّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على لعب دور السلطان، حتّى ولو كان ذلك على حساب شعبه. فأمر بتقديم المساعدات للدول التي تضرّرت بجائحة "كوفيد-19"، بحيث أرسلت تركيا الأحد دفعة ثانية من المساعدات الطبّية إلى بريطانيا من أجل استخدامها في مكافحة تفشّي الوباء القاتل. كما كانت تركيا قد أرسلت الجمعة مساعدات طبّية إلى بريطانيا لدعمها في مواجهة الفيروس، إذ هبطت طائرة شحن عسكريّة تركيّة في العاصمة لندن محمّلة بمستلزمات طبّية. وفي إطار ما سمّاه مساعي تركيا الرامية إلى مساعدة الدول في مواجهة "كورونا"، أرسلت تركيا خلال الأيّام الماضية مساعدات طبّية إلى كلّ من إيطاليا وإسبانيا وشمال مقدونيا والجبل الأسود وصربيا والبوسنة والهرسك وكوسوفا وغيرها من الدول بما فيها إسرائيل، حيث أوضح المتحدّث باسم الرئاسة التركيّة إبراهيم قالين أن بلاده أرسلت وستُرسل مساعدات طبّية لدول عدّة حول العالم لمكافحة "كورونا"، مضيفاً: "تلقينا طلباً من إسرائيل لتزويدها بمستلزمات طبّية، أعتقد أن الشحنة ستكون جاهزة في غضون أيّام، وسنُرسل بالتزامن مع ذلك مساعدات إلى فلسطين أيضاً".

وكان لافتاً عدم إعطاء تركيا، التي تحتلّ المرتبة التاسعة عالميّاً في لائحة الدول الأكثر تضرّراً بالوباء من حيث عدد الإصابات والتي سجّلت أكثر من 57 ألف حالة مؤكدة، نفس الإهتمام لشعبها الذي يستشعر بكارثة قد تضرب البلاد إذا ما انتشرت الجائحة وتفشّت في المدن التركيّة المكتظّة بالسكّان واللاجئين. وتركيا تعيش هذه الأيّام سجالات قويّة بين الحكومة والمعارضة إزاء التعامل مع انتشار الفيروس الخطر، شملت العديد من السياسات والإجراءات المتخذة في البلاد لمواجهة الوباء. وامتدّ السجال ليطال مشروع القناة البحريّة الموازية لمضيق البوسفور، ونظام منع التجوّل، وحملات التبرّع التي أطلقتها البلديّات، والطرق المؤدية إلى مشروع مستشفى مدينة باشاك شهير في إسطنبول.

وفي هذا الإطار، وجّه رئيس بلديّة إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حزب "الشعب الجمهوري" المعارض)، انتقادات لاذعة للحكومة على خلفيّة عدم إيقاف استجلاب عروض إنشائيّة متعلّقة بشق قناة اسطنبول البحريّة الموازية لمضيق البوسفور، في ظلّ خطورة تفشّي الوباء وحاجة الدولة لتسخير كافة إمكاناتها لمواجهته، وعدم فرض حظر التجوّل والحجر الصحي على المواطنين الأتراك للتقليل من إمكانيّة انتشار الجائحة، ما أجبر أردوغان إلى اتخاذ خطوة فاجأت زعيم المعارضة أكرم إمام أوغلو بحيث فرض منع التجوّل على مدينته اسطنبول من دون علمه.

كذلك، أعلن الخبر قبل ساعتَيْن من سريانه، ما تسبّب بحالة من الفوضى العارمة في المدينة، حيث خرج السكّان بكثافة للتسوّق قبل سريان منع التجوّل، وأدّى ذلك إلى التدافع والازدحام وانتشار حالة من الغضب في ما بين سكّان المدينة. وعلى اثر ذلك، أعلن وزير الداخليّة سليمان صويلو استقالته الأحد، متسبّباً بهزّة في الساحة السياسيّة، بينما تحمّل "المسؤوليّة كاملةً عن تطبيق هذا الإجراء". لكن بعد ساعات، أكد الرئيس التركي في تطوّر غير متوقّع، رفضه الاستقالة، وأعلنت الرئاسة التركيّة في بيان: "استقالة وزير داخليّتنا رُفِضَت. سيُواصل أداء وظيفته".

وحزمة التحفيز التي قدّمتها الحكومة التركيّة والبالغة 15.4 مليار دولار لتخفيف الآثار الاقتصاديّة لوباء "كورونا"، تُساعد على دعم الشركات لكنّها لا تُلبّي احتياجات المواطنين العاديين، إذ إنّها تُساعد أصحاب العمل على التعافي من التباطؤ المتوقع والناجم عن الفيروس. وتعتقد أوساط المعارضة التركيّة أنّه من الضروري ضمان توفير الدخل والضخّ المباشر للنقود للأسر لتلبية احتياجاتهم، وعدم تجاهل المواطن العادي. كما ترى الأوساط المعارضة أن أردوغان يستخدم هذه الأزمة لتلميع صورته التي تضرّرت كثيراً أمام المجتمع الدولي بسبب أزمة اللاجئين واحتلاله لأراض سوريّة. وبينما فرض "كورونا" نفسه في وقت سيّئ للغاية بالنسبة إلى الاقتصاد التركي الذي يُعاني بالفعل، تُشير المعارضة التركيّة إلى أن حزمة التحفيز الاقتصادي تصبّ في صالح أصحاب العمل فقط، وتُضيف أن مثل هذه الحوافز ليست عقلانيّة في ضوء الديناميكيّات على الأرض.


MISS 3