هل كانت الديناصورات ترى العالم بعيون الآخرين؟

02 : 00

يشير مفهوم «المنظور البصري» إلى رؤية الأمور من وجهة نظر شخص آخر، ما يعني أن نتابع نظرته لمعرفة ما لَفَت انتباهه، حتى أننا قد نحاول اكتشاف ما يراه الطرف الآخر عند إعاقة نظرنا.



تتحدى دراسة جديدة، أجراها خبراء في علم الحيوان المعرفي من جامعة «لوند» في السويد، الفكرة القائلة إن الثدييات كانت أول الكائنات التي طوّرت هذه القدرات المعرفية المتقدمة.

تكشف ملاحظات الباحثين المتعلقة بالتماسيح والطيور أن المنظور البصري الذي يتعلمه البشر في عمر السنتين تقريباً ربما ظهر في الأصل مع الديناصورات قبل 60 مليون سنة.

تَقِلّ الأجناس الأخرى التي تحمل هذا المنظور البصري، أبرزها الرئيسيات، والقرود، والذئاب، والكلاب، وبعض أنواع الطيور.

يظن الباحثون أن دراستهم هي الأولى من نوعها، فقد قارنوا الطيور التي تحمل أدمغة مثل أسلافها الديناصورات بالتمساحيات، وهي أقرب كائنات حية إلى الطيور.

يوضح ستيفن ريبر، خبير في العلم المعرفي من جامعة «لوند»: «تُعتبر التمساحيات نماذج مثالية لدراسة الأصول التطورية للقدرات المعرفية لدى الطيور. كانت القواسم المشتركة موجودة لدى أسلاف الديناصورات والتمساحيات على الأرجح. وإذا كانت التمساحيات تفتقر إلى قدرة تتمتع بها الطيور، فقد تطورت على الأرجح في سلالة الديناصورات بعد انقسامها. تسمح لنا هذه المقاربة بدراسة الجانب المعرفي لدى فصيلة منقرضة».

اختبرت تجارب متابعة النظرات قدرة الحيوانات على التحديق بغيرها بشكلٍ جانبي وبطريقة هندسية وراء أحد الحواجز. شملت التجارب أحياناً فصيلة أخرى استُعمِلت كمجموعة مرجعية يُفترض أن تلاحق الحيوانات نظراتها أو لا تفعل، وقد خضعت للاختبار مع أو من دون حافز على شكل كرة مطاطية زرقاء أو نقطة ليزر.

لم تحمل التماسيح أي مؤشرات على المنظور البصري، مع أنها تابعت نظرات الحيوانات المرجعية وصولاً إلى الأماكن التي تستطيع رؤيتها. في المقابل، أثبتت جميع أجناس الطيور الخاضعة للاختبار أنها تحمل ميزة المنظور البصري عبر قدرتها على تجاوز حاجز للتحديق بالحافز من منظور الطيور المرجعية في محيطها.

تقول المشرفة الأولى على الدراسة وخبيرة علم الحيوان المعرفي في جامعة «لوند»، كلوديا زيتراغ: «يغفل الكثيرون عن مهارات الطيور المعرفية بشكل عام. تكشف نتائجنا الآن أنها لا تتمتع بمهارات معرفية توازي مهارات القرود فحسب، بل إن أسلافها كانت تحمل هذه المهارات على الأرجح قبل تطورها وتحوّلها إلى ثدييات بفترة طويلة».

نظراً إلى نقاط التشابه الدماغية بين هذه الطيور وأسلافها المنتمية إلى فصيلة أخرى، يظن العلماء أن مهارة المنظور البصري ربما تطورت في سلالة الديناصورات في مرحلة سابقة. لكن يتراجع احتمال أن تكون هذه الظاهرة موجودة لدى أول الديناصورات، فقد كانت أدمغتها أقرب إلى التماسيح.

لاحظ الباحثون أيضاً أن فصيلة الطيور تعود إلى الوراء للنظر في عيون الحيوانات المرجعية و»إعادة التحقق» من نظراتها عند غياب أي حافز، ما يعني أن يتوقع المراقب النظر في اتجاه معيّن ثم يتفاجأ بعدم إيجاد شيء هناك. بقي هذا السلوك محصوراً وسط البشر والقرود والرئيسيات في الأبحاث السابقة. وإذا كان المنظور البصري قد ظهر فعلاً في حقبة أبكر من عصر الديناصورات، قد يفسّر هذا الاستنتاج القدرات البصرية المتقدمة لدى الطيور، بما في ذلك اتكالها التطوري على النظر، مقارنةً بالثدييات الأخرى.

قد تكشف أبحاث إضافية أن هذه القدرة على التحديق بالآخرين هي أكثر شيوعاً مما نظن راهناً وسط الثدييات. مع ذلك، كانت الديناصورات تتفوق علينا على الأرجح من حيث قدرتها على تبنّي وجهة نظر الآخرين.

نُشِرت نتائج البحث في مجلة «ساينس أدفانسيس».


MISS 3