حبيب حسني

الاقتصاد اللبناني – تحديث نيسان 2020

17 نيسان 2020

04 : 10

نشهد حالياً تدهور ثلاثة مؤشرات اقتصادية:

1- ارتفاع معدل البطالة. 2- ارتفاع معدّل التضخّم. 3- انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي.

يمكننا وصف نتيجة تلك العوامل الثلاثة بأنها انهيار تضخّمي (اقتصاد راكد مع تضخّم مرتفع، عاصفة مثالية من الأخبار الاقتصادية السيئة)، وعلى واضعي السياسات أن يختاروا بين إما دعم الإصلاح الاقتصادي أو مكافحة التضخّم.

المشكلة هي أن الحكومة لا تملك مجالاً كبيراً للمناورة سوى خفض أسعار الفائدة والتخلف عن سداد سندات الخزينة. أما الأداة الأخرى المستخدمة فهي إنشاء احتياطي نقدي وهذا يزيد في معدّل التضخّم.

أصبحت المساعدة الخارجية المورد الافتراضي الوحيد للتفاوض، وهذا يعني أن الانضباط السياسي والمالي مطلوبان:

تفكيك جهاز "حزب الله" العسكري وخفض الإنفاق العام والفساد. لم تتخذ الحكومة الحالية حتى الآن القرارات الصعبة اللازمة.

تسبب فقدان الثقة في سياسة مصرف لبنان بتدفقات كبيرة للأموال إلى الخارج وانخفاض في التحويلات الخارجية أو الاستثمار الأجنبي المباشر. كما أنه يتسبب في خفض قيمة العملة المحلية بشكل لا يمكن السيطرة عليه في السوق الموازية.

الآثار الخارجية على الاقتصاد:

هناك بعض الأنباء السّارة وأيضاً الأنباء السيّئة.

الأنباء السّارة هي أسعار الفائدة المنخفضة السائدة في الأسواق المالية الدولية والتي يجب أن توفر تكاليف الاقتراض إن كنا قادرين على إعادة تمويل بعض القروض أو الحصول على قروض جديدة.

من جهة أخرى، شهدنا انخفاضاً كبيراً في أسعار الطاقة بسبب حرب الأسعار بين السعودية وروسيا. سيؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في فاتورة الاستيراد والعجز في ميزان المدفوعات.

أما الأنباء السيئة فهي أن التباطؤ في الاقتصاد العالمي سيقلّص بشكل أكبر التحويلات الخارجية مما سيؤدي إلى إلغاء الانخفاض في فاتورة الاستيراد.

مع وباء فيروس كورونا المستجدّ، سيتعين علينا أيضاً توقع أسعار أعلى لبعض السلع المستوردة المصنعة، وبالتالي ستنخفض قدرتنا على الاستيراد.

الآثار المحلية على الاقتصاد:

- زيادة عدد الشركات الصغيرة التي ستغلق أبوابها بنسبة تقدّر بـ 30 بالمئة.

- سيزيد ارتفاع نسبة التخلف عن سداد ديون الشركات من خسائر المصارف.

- ارتفاع التضخّم وانخفاض قيمة العملة التي يمكن أن تخسر مجدّداً 25 بالمئة من قيمتها.

- زيادة معدلات البطالة لتصل إلى 45 بالمئة من السكان العاملين.

- انخفاض القوة الشرائية الذي سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك الكلي وخسائر إضافية في صناعة الخدمات (التجارة والسياحة والترفيه والمطاعم والتمويل والتعليم إلخ..).

إجراءات عاجلة لتنفيذ آلية

دعم قصيرة المدى:

- التصويت بسرعة على الحزمة الجديدة للإصلاح الضريبي وقوانين مكافحة الفساد. بدء إجراءات قانونية لاسترداد الأموال العامة المسروقة.

- تعيين المجالس الإشرافية لشركة كهرباء لبنان، ومصرف لبنان، والاتصالات والجمارك إلخ... من دون إجراء أية مفاوضات مع المجموعات السياسية.

- إنشاء برنامج دعم للصناعات المحلية، والقطاع الزراعي، والشركات الصغيرة للحفاظ على التوظيف وتوسيع القدرة الإنتاجية.

- إنشاء صندوقين جديدين 1- لمعاش التقاعد الشامل لإعالة المسنين. 2- للعاطلين عن العمل لمساعدتهم حتى إيجاد وظائف جديدة.

- إرسال برنامج استثمار صناعي إلى "سيدر" للمساعدة في إنشاء صناعات ذات قيمة مضافة عالية وذات توجّه للتصدير.

إجراءات أخرى للمساعدة

على تحسين البيئة الاقتصادية:

- خفض العمالة الأجنبية بين اللاجئين السوريين والعاملين الآسيويين للحدّ من تدفّق الأموال.

- تطبيق ضوابط الحدود عن كثب للحدّ من التهريب والتهرّب الضريبي.

- إعادة هيكلة النظام المالي باستهلاك الدين عبر توزيع الخسائر المتكبدة بالتساوي بين القطاعين العام والخاص.

- بدء عملية دمج البنوك لخفض تكاليف التشغيل وخفض الخسائر المحتملة المتراكمة. محاولة تشكيل ما لا يزيد عن أربع إلى خمس مجموعات مصرفية رئيسية مع مجالس إدارة جديدة مستقلة تتمتع بحوكمة ومساءلة سليمتين.

الخاتمة: التأخير

في تنفيذ الحلول

لقد شهدنا تدهوراً تدريجياً في الوضع الاقتصادي في السنوات الثلاث الأخيرة.

لماذا لم تبدأ الحكومة الجديدة بتنفيذ الخطوات الأولى لبرنامج الإصلاح الذي سبق أن طلبه مؤتمر "سيدر"؟ إن التأخير في إعداد الخطط اللازمة وبدء مناقشات جادة مع صندوق النقد الدولي أضاع وقتاً ثميناً وتسبب في ازدياد الوضع سوءاً وبتكاليف إصلاحات أعلى. لا يزال لبنان يتمتع بسمعة جيدة بفضل العديد من الأشخاص المؤهلين وذوي النيّة الحسنة. لم يعد هناك وقت نضيعه ولا حاجة إلى المناقشات العامة حول الحلول المعروفة.

يضيّع الافتقار إلى اتخاذ القرار الوقت الثمين ويسبب المزيد من الضرر على الاقتصاد.