جسم آخر يبثّ إشارات راديوية غريبة في مجرّتنا

02 : 00

قد تنذر إشارة راديوية غريبة ومنبثقة من مكان يقع على بُعد 15 ألف سنة ضوئية بوجود نوع غير مؤكد من النجوم.

يحمل هذا الجسم الكوني الغريب اسم GPM J1839-10، وقد رصده العلماء وهو يبثّ موجات راديوية كل 22 دقيقة. إنه إيقاع بطيء جداً مقارنةً بمصادر الموجات الراديوية النابضة الأخرى. كذلك، يكشف تحليل عميق لمعلومات الأرشيف أننا بدأنا نسجّل نبضه البطيء منذ أكثر من 30 سنة، لكنه بقي بعيداً عن أنظارنا حتى الآن.

وفق فريق بحثي بقيادة عالِمة الفيزياء الفلكية، ناتاشا هيرلي واكر، من جامعة «كورتين» التابعة للمركز الدولي لأبحاث الفلك الراديوي في أستراليا، قد يقع مصدره في نجم مغناطيسي ذي دوران بطيء جداً.

إذا صحّت هذه الفرضية، فستتعارض مع ما نعرفه عن تلك الكائنات النجمية الجامحة، ما يعني أن ظاهرة غريبة تحصل في الفضاء.

توضح هيرلي واكر: «هذا الجسم اللافت يتحدى معلوماتنا عن النجوم النيوترونية والمغناطيسية، وهي واحدة من أكثر الأجسام غرابة وتطرفاً في الكون».

توصّل العلماء إلى هذا الاكتشاف بعد رصد جسم مماثل في درب التبانة منذ ثلاث سنوات، استناداً إلى بيانات من الأرشيف.

حمل المصدر الراديوي اسم GLEAM-X J162759.5−523504.3، وقد سُجّلت حركته وهو يبثّ موجات راديوية طوال دقيقة تقريباً، كل 18 دقيقة، مع أنه استرجع هدوءه في العام 2018 ولم يُصدِر أي صوت منذ ذلك الحين. استناداً إلى طريقة تبدّل الأشعة، يبدو أنه كان يتّجه نحونا عبر بيئة تتمتع بدرجة عالية من التمغنط.

أراد الباحثون أن يعرفوا مدى قدرتهم على رصد أجسام أخرى ذات سلوكيات مشابهة، فسجّلوا ملاحظات في السماء الجنوبية عبر استعمال مصفوفة «مورشيسون وايدفيلد» في أستراليا لإجراء المسح. ثم اكتشفوا جسماً يبث نبضات مدتها خمس دقائق من الأشعة الراديوية، كل 22 دقيقة.

في المرحلة اللاحقة، ضبط العلماء تلسكوبات أخرى لرصد إحداثياته، وجمعوا بيانات من الأرشيف عن ذلك الموقع. سمحت لهم تلك الملاحظات بجمع تفاصيل عن الانبعاثات الراديوية، ورصدوا التحوّل الذي يشير إلى تبدّل الحقل المغناطيسي. كذلك، كشفت بيانات الأرشيف أن جسم GPM J1839-10 تمّ التقاطه وهو يبثّ النبضات منذ العام 1988 على الأقل.

تضيف هيرلي واكر: «كنتُ أبلغ خمس سنوات حين سجّلت التلسكوبات النبضات التي يبثها هذا الجسم للمرة الأولى لكن لم يلاحظه أحد، فبقي خفياً داخل البيانات طوال 33 سنة. أغفل عنه العلماء لأنهم لم يتوقعوا اكتشاف جسم بهذه الخصائص».

تشبه مواصفات تلك الأشعّة النبضات المنبثقة من النجوم المغناطيسية. إنه نوع من النجوم النيوترونية، أي بقايا النواة المنهارة من نجم ضخم دخل في مرحلة السوبرنوفا بعد الاحتراق بوقود الانصهار، وهو يتمتع بحقل مغناطيسي بالغ القوة.

لكن ترتبط قوة ذلك الحقل بمدة دوران النجوم المغناطيسية. يُفترض أن تكون قوة الحقل المغناطيسي أعلى من عتبة معينة تُسمّى «خط الموت» لإنتاج انبعاثات راديوية قوية. كان مبرراً إذاً ألا يتوقع أحد إيجاد جسم مثل GPM J1839-10.

في النهاية، تستنتج هيرلي واكر: «الجسم الذي اكتشفناه يدور بوتيرة أبطأ من أن تسمح له بإنتاج الموجات الراديوية، وهو إيقاع أقل مستوى من خط الموت. إذا افترضنا أن هذا الجسم يدخل في خانة النجوم المغناطيسية، يُفترض ألا يتمكن من إنتاج أي موجات راديوية. لكننا نشاهد هذا النوع من الموجات. نحن لا نتكلم بكل بساطة عن ومضة من الانبعاثات الراديوية، فهو يبثّ نبضاً من طاقة الأطوال الموجية الراديوية لمدة خمس دقائق ويفعل ذلك منذ 33 سنة على الأقل. تُعتبر الآلية الكامنة وراء ما يحصل استثنائية، بغض النظر عن طبيعتها».


نشرت نتائج البحث في مجلة "ناتشر".

MISS 3