اليانا بدران

4 آب: مصير لجنة تقصّي الحقائق الدولية قريب

3 آب 2023

15 : 29

في بلد يَحكم فيه المجرم وتُحاكم الضحيّة، في بلد نُهب وسُرق على مدى سنوات، وبدل زجّ كل من له صلة في هذه الصفقات والجرائم النكراء في السجن يتمايلون على وقع قرع الطبول وعزف المزمار والزغاريد.


في بلدٍ يعاني من فائض حبّ الحياة أو لعلّها حالة نكران شاملة للواقع إذ دُمّرت عاصمة بأكملها وتيتّمت عائلاتها وتفتّت أرزاق أهاليها وتبخّر جنى أعمار سكانها، وها هي تعود اليوم مدينة الرقص والسهر والمسرح والغناء والثقافة، وفي أروقتها ما زالت تفوح رائحة الموت، وصور الدمار مغروزة في ذاكرتها.


وقد يَصُحُّ في أهلها قول: "نرقص على الأحزان".



هي الذكرى الثالثة لتفجير مرفأ بيروت. الأرقام لم يعد لها أي تأثير على الأذهان، لن ننسى طبعاً ذاك اليوم المشؤوم وسنظلّ نستذكره ولكن الى متى ستبقى هذه القضيّة حيّة؟ ومن أين يأتي أهالي الضحايا بالقوّة والأمل للاستمرار في معركة الوصول الى الحقيقة والعدالة لمن أصبحوا تحت التراب، فيما القتلة يتنعّمون بالحياة؟


ايلي جبرين، شقيق الضحية جاكلين جبرين، وهي ممرّضة في مستشفى حداد، لم يكن في لبنان وعاد منذ مدّة بعدما استفزّه تجاهل المسؤولين لهذه القضية وكأنّ شيئاً لم يكن.



تواصل مع ويليم نون، شقيق الضحية جو نون، وهو اليوم يدخل المعركة نحو الحقيقة الى جانب الأهالي.



وفي حديث لموقع "نداء الوطن" الالكتروني قال: "الأمل يأتي من عدالة السماء، لا يمكن أن يترك الله 212 شخصاً قتلوا غدراً من دون أن يحاسب الفعلة". وهو يشدّد على رفضه القاطع لتسميتهم شهداء إذ أنهم لم يختاروا الموت بل قتلوا غدراً.


فماذا في المسار القضائي للجريمة؟


القضية داخلياً أمام نوعين من العراقيل القانونية، كما يوضح المحامي رالف طنوس لموقعنا، وهي في إطار المماطلة، كما قال.


ويشرح عن العراقيل بالقول إنّ "الأولى تكمن في التحقيق مع القاضي طارق البيطار، فبعد تكليف القاضي حبيب رزق الله بالتحقيق مع البيطار بادعاء النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات عليه باغتصاب السلطة منذ حوالي الثلاثة أشهر، لا نتائج حتّى الساعة في هذا الخصوص.



والثانية في البتّ في طلبات الردّ، فمجلس القضاء الأعلى لم ينتدب قضاةً للهيئة العليا لمحكمة التمييز للبتّ في هذه الطلبات المقدّمة بحقّ القاضي البيطار ليتبيّن ما إذا كانت الطلبات محقّة أم لا، ليصار الى استكمال التحقيق".



لجنة تقصّي الحقائق الدولية لم تعد متأخّرة



دولياً، كشف طنّوس لموقعنا عن اقتراب موعد مناقشة الأمم المتّحدة طلب الأهالي بإنشاء لجنة تقصّي حقائق دولية بالقضية، الى جانب صدور القسم الثاني من الحكم من المحكمة البريطانية الذي يحمّل شركة "سافارو" مسؤولية في القضية، واليوم ينتظر المحامون وأهالي الضحايا تسلّم مسار التحقيق من القضاء البريطاني أو محاضر التحقيق السرّية والتي ستكشف المزيد من الحقائق بالأرقام والتوقيت حول ضلوع أطراف معيّنة بالقضية.



وليم نون: توقيف المتّهمين ليس مستحيلاً والظروف ستتغيّر



بالعودة الى التاريخ السياسي للبنان، لحظ ويليم نون، أنّ "لكلّ حقبة زمنية حاكماً يبدأ قوياً ويضعف ليأخذ مكانه آخر".


وعلى هذه الظروف يراهن أهالي الضحايا. من هنا، أشار نون في حديث لموقع "نداء الوطن" الى أن المطلوبين كافّة في القضية لديهم حماية سياسية ونيابية وحزبية، ومستعدّون لإشعال حرب أهلية من أجل حماية أنفسهم، إلا أنّنا نقوم بواجبنا داخلياً ومع المجتمع الدولي بانتظار الظروف المؤاتية للقضية لإحقاق الحق والعدالة.


ولفت الى أنه و"إن صدرت بعض الأحكام القضائية بحق أشخاص هم اليوم يتنعّمون بالحرية، لكن ليس مستحيلاً توقيفهم وزجّهم في السجن والحجز على أملاكهم والظروف ستصبح لمصلحة القضية عاجلاً أم آجلاً".


بعد ثلاث سنوات، لا يزال الحزن هو هو، لا بل أعمق، ولكنّ القوّة والعزم مضاعفان، والى ضحايا تفجير 4 آب يقول نون: "لن نستسلم! نقوم بما يمكننا القيام به مهما عاكستنا الظروف".



جريمة بهذا الحجم لا تمحيها سنوات، ولا بدّ للعدالة أن تأتي... فجنودها على الأرض وضحاياها ملائكة في السماء.




من الارشيف