أسامة القادري

"العمل الشيوعي"... نحو جبهة معارضة

23 تموز 2019

09 : 16

من حفل عشاء المنظمة السنوي في البقاع الآوسط

في سابقة هي الأولى من نوعها في الحياة الحزبية اللبنانية، أن يقف فصيل سياسي لبناني ليعلن على الملأ، بجرأة قل نظيرها، إعتذاره من جميع اللبنانيين على استسهال ركوب التغيير بواسطة الحرب الأهلية. وهذا ما تجرأت عليه "منظمة العمل الشيوعي" في لبنان، خلافاً لجميع الأحزاب والقوى.



مارست "المنظمة" في ظل الوجود السوري في لبنان سياسة الإنكفاء عن الحياة السياسية العلنية، ودخلت في سياسة النقد والنقد الذاتي ضمن إطار مراجعة فكرية وسياسية ناقدة، وضعت فيها الفكر الشيوعي على طاولة التشريح الدقيق وأسباب فشل المنظومة الشيوعية، خلافاً لما يشيعه الشيوعيون عن أن المشكلة ليست بالفكر انما بالممارسة، وخرجت إلى نتيجة مفادها أن المشكلة في الجمود الفكري وانعكاسه على الممارسة، ولم تكتف "المنظمة" في مؤتمرها الأخير بالإعتذار عن انخراطها في الحرب الأهلية رغم أنها أول حزب سياسي يخرج من الحرب الأهلية، بل قالت إنها حرب عبثية. وخلال مؤتمريها الثالث والرابع قدمت المنظمة وثائق سياسية وفكرية وآخرها صدر عن مؤتمرها الرابع، معلنة أنها بصدد تغيير اسمها في المؤتمر الخامس.



وبحسب مصادر في المنظمة ان المؤتمر الخامس سيعقد في بدايات العام 2020، وسيتم تغيير اسم "المنظمة" لأنها لم تعد شيوعية وسيتم اعتماد اسم من وحي الاشتراكية والعلمانية والديموقراطية، وقالت: "التجدد الذي تتميز به المنظمة واستقلاليتها يجعلانها قادرة على الانتقاد وطرح الأمور بشفافية لذا لن تجد أي مشكلة في تغيير الإسم لأن هذا العمل يعتبر من أرقى الأعمال السياسية".



وكان حفل عشاء المنظمة السنوي في مطعم وادي شمسين في البقاع الأوسط، وفي الذكرى الـ 48 لتأسيسها مميزاً، إذ استطاعت أن تحشد اكثر من ألف شخص في عشاء مناطقي وليس مركزياً، مما أعطى انطباعاً لدى متابعين، أن نواة حركة يسارية بدأت تطل بها "منظمة العمل الشيوعي" من خلال نشاطاتها وحضورها في الساحات النضالية المطلبية، وتكثيف حركتها، بعد اعتمادها سياسة الإنكفاء، واذ بها تواظب على عقد مؤتمراتها بشكل دوري، قدمت فيها "المنظمة" وثائق سياسية وفكرية لم يتجرأ أي فصيل يساري على خوض النقاش فيها. وبحسب شخصية يسارية فإن لا يسار من دون "الحزب الشيوعي"، ونقول لا حركة يسارية معارضة من دون "منظمة العمل"، لأنها الوحيدة التي قدمت نقداً عن كل التجربة السابقة، كما قدمت نقداً فكرياً وسياسياً جريئاً، عجز "الحزب الشيوعي" عن ان يصل الى هذه المرحلة من النقد، وبالتالي فشلت جميع محاولات "لمّ الشمل اليساري"، تحت عنوان جبهة معارضة تأخذ مصالح الناس طرفاً لها.



ويرى متابعون في واقع اليسار وأزمته، أن الفشل يتحمل مسؤوليته "الحزب الشيوعي" كونه يعتبر "أم الصبي" لليسار، ولأنه ابتعد عن طرح أزمته بشفافية، إستفحلت أزمة اليسار حين هربت الغالبية الى سياسة وضع الرؤوس في الرمال، وكذلك مكاشفة اليساريين عن انعكاس أزمة "الشيوعي" على باقي اليسار، من هنا يعوّل يساريون على أن تنهض "المنظمة" بما أنتجته من مراجعة ومن استقلالية كاملة، لخلق جبهة معارضة ديموقراطية وطنية، كونها تجاهر في انتقاد "حزب الله" وسلاحه من موقعها الوطني، وموقفها من استبداد الانظمة العربية تجاه شعوبها وانتفاضات الشعوب العربية. فهل تنجح "المنظمة" في تأسيس حركة معارضة؟


MISS 3