عودة: إعلان الحقيقة في مأساة بيروت واجب على القضاء ومعاقبة الفاعلين ضرورية

12 : 35



ندّد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الاورثوذكس المطران الياس عودة باستمرار عرقلة التحقيق في تفجير مرفأ بيروت بعد ثلاث سنوات على الكارثة.



وقال في عظة القاها بعد قدّاس الأحد الذي ترأسه، بمناسبة عيد التجلي في كاتدرائية القديس جاورجيوس – بيروت: "مــا زالَ الـمـسؤولــون عــن الـكـارثـةِ يَـسـرحـونَ وربـمـا يُـخَـطِّــطــون لــعــمــلٍ وحـشـيٍّ آخــر، ومــا زالَ الـزعـمـاءُ والـمـسـؤولـونَ عــاجــزيــن عــن الـقـيـامِ بــأيَّــةِ خُــطــوةٍ إنــقــاذيَّــةٍ لــلــبــلــدِ قــد تُــفــرِجُ عــن انــتــخــابِ رئـيـسٍ يَـلـيـهِ تـشـكـيـلُ حـكـومـةٍ تـمــنــعُ تَــدَخُّــلَ الـسـيـاسـيـيـن فــي عَــمَــلِ الــقــضــاء عَـــلَّــهُ يَـــفُـــكُّ أَســرَ الـتـحــقـيـقِ ويُــطـــلِـــقُ يَـــدَ الـمـحــقِّـــقَ مِـنْ أجـلِ جَـلاءِ الـحـقــيـقـةِ وإحـقـاقِ الـعـــدالـةِ ومُــعــاقــبــةِ الـمـسؤولــيــن عــن تــفــجــيــرِ بــيــروت وقَــهْــرِ أبــنـائـهـا".



واعتبر ان "إعــلان الـحـقـيـقـةِ فــي مــأســاةِ بــيــروت واجــبٌ عــلــى الــقــضــاء، ومُــعــاقــبــة الــفــاعــلــيــن ضــروريـةٌ لـتَـكونَ درسـاً لِــمَــنْ تُــسَــوِّلُ لــهُ نــفــسُــه الــقــيــامَ بــجــريــمــةٍ مُــمــاثِــلــة".



وجاء في عظة المطران عودة: "أحـبَّـائـي، نُـعَـيِّـدُ الـيَـوْمَ لِـتَـجَـلِّـي رَبِّــنـا وإِلَـهِـنـا ومُـخَـلِّـصِـنـا يَـسـوعَ الـمَـسـيـحِ عـلـى جَـبَـلِ ثـابـورَ أَمـامَ تَـلامـيـذِهِ بُــطْــرُسَ ويَـعْــقـوبَ ويـوحَـنَّـا. لَـقَـدْ حَـدَثَ الـتَّـجَـلِّـي قَـبْـلَ آلامِ الـمَـسـيـحِ وصَـلْـبِـهِ، وكـانَ هَــدَفُـهُ تَـثـبـيـتَ الـتَّـلامـيـذِ فـي الإِيـمـانِ بِـأَنَّ يَـسـوعَ هُـوَ ابْـنُ الله، كـي لا يَــضْـعُــفـوا بِـسَـبَـبِ الأُمـورِ الَّـتـي كـانـوا مُـزْمِـعـيـنَ أَنْ يُـعـايِـنـوهـا مُــسْــتَــقْــبَــلًا.


تَـجَـلِّـي الـرَّبِّ هُـوَ حَـدَثٌ تَــتْــويـجِـيٌّ فـي حَـيـاةِ الـتَّـلامـيـذ، إِذْ عـايَــنــوا إِشْـعــاعَ أُلـوهَـةِ الـمَـسـيـح. لـقــد أظـهــرَ لـهـم يـسـوعُ ألـوهـتَــه لـكــي لا يَــشُــكّــوا بــألــوهـتِــه عـنـدمــا يــرونَــه مَـصـلــوبــاً ومُـتــألِــمــاً.

الـتـجـلّــي كــان تـهـيـئــةً لـهـم قـبـل الـصَـلْـبِ فـالـقـيـامـة. كَـلِـمَـةُ «الـتّـجَـلِّـي» تَـعــنـي تَــغَــيُّــرَ الـشَّـكـل. فَـفِـي لَـحْـظَـةٍ، كَــشَــفَ الـمَـسـيـحُ مـا كـانَ يُـخـفـيـه، أَظْـهَــرَ مَـجْـدَ أُلـوهَــتِـهِ الَّـذي كـانَـتْ طَـبـيـعَــتُـهُ الـبَــشَـرِيَّـةُ مُــتَّـحِـدَةً بِـهـا مُـنْـذُ لَـحْـظَـةِ الـحَـبَـلِ بِـهِ فـي أَحْـشـاءِ والِـدَةِ الإِلَـه. لأَجْـلِ مَـحَـبَّــتِــهِ الـعُــظْـمَـى، أَخْــفَـى الـمَـسـيـحُ مـا كـانَ لَـهُ دَوْمًـا، كَـيْ لا يَـحـتَـرِقَ الـتَّـلامـيـذُ بِـسَــبَــبِ عَــدَمِ أَهْــلِــيَّــتِــهِـم، كَــوْنَـهُـم لَـمْ يَــتَــهَــيَّـأوا بَـعـد. يَـقـولُ الـقِــدِّيـسُ يـوحَـنَّـا الـدِّمَــشْــقِـيُّ إِنَّ الـمَـسـيـحَ، فـي تِـلْـكَ الـلَّـحـظَـة، تَـجَـلَّـى «غَــيْــرَ مُــتَّـخِـذٍ مـا لَـمْ يَــكُــنْــهُ، ولا مُــتَــغَــيِّــرًا إلـى مـا لَـمْ يَـكُــنْـهُ، بَـلْ مُـظْـهِـرًا مـا كـانَ عَــلَــيْـهِ لِــتَـلامِـيـذِه». ويَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ يـوحَــنَّـا الـذَّهَــبِـيُّ الـفَـم إِنَّ الـمَـسـيـحَ لَـمْ يُــظْــهِــرْ كُـلَّ أُلـوهَـتِـه، بَـلْ أَظْـهَــرَ قُــوَّةً صَـغـيـرَةً مِـنـهـا فَـقَـطْ. لَـقَـدْ فَـعَــلَ ذَلِـكَ لِــيُـعــطِـي إشـارةً عَـمَّـا هـو مَـجْـدُ الـمَـلَــكـوتِ الإِلَـهِـيِّ، بـسـبـبِ مَـحَــبَّــتِــهِ لِـلـبَـشَـر، حَـتَّـى لا يَـخْـسَـروا حَـيـاتَـهُـم عِـنْـدَ نَــظَــرِهِـم مَـجْـدَ اللهِ الـكـامِـل. إِذًا، الـتَّـجَـلِّـي هُـوَ، فـي آنٍ، كَـشـفٌ لِـلـمَــلَـكـوت، وتَـعـبـيـرٌ عَـن مَـحَـبَّـةِ الـرَّبِّ لِـتَـلامـيـذِه.


صَـعِــدَ الـمَـسـيـحُ إلـى جَـبَـلِ ثـابـورَ لِـكَـيْ يُـظْـهِـرَ مَـجْـدَ أُلـوهِــيَّــتِـه. فَـضَّـلَ الـجَـبَـلَ، لأَنَّ الأَحْـداثَ الـمُـهِــمَّـةَ، في الأَزْمِـنَـةِ الـسَّـابِـقَـة، كـانَـتْ تَــتِــمُّ فـي أَمـاكِـنَ مُـرْتَــفِــعَــة، عـلـى الـجِـبـال، كـمـا كـان الـوَثَــنِــيُّــونَ يَــفْــعَــلـون، إِذْ كـانـوا يُــقَــدِّمـونَ تَــقْــدِمـاتِـهِـم فَـوقَ قِــمَــمِ الـجِـبـال. أَظْـهَــرَ الـمَـسـيـحُ عَــظَــمَــةَ مَـجْـدِهِ عَـلـى ثـابـور، كَــوْنَ إِظْـهـارِ مَـجْـدِ الـطَّـبـيـعَـةِ الـبَـشَـرِيَّـة هُـوَ مِـنْ أَعْــظَــمِ أَحـداثِ الـتَّـاريـخِ الـبَـشَـرِيّ. لَـقَـدْ قـالَ الـمَـسـيـحُ إِنَّـهُ أَتـى لِــيَــبْــحَـثَ عَـنِ الـخَـروفِ الـضَّـالِّ فـي الـجِـبـال. إِذًا، صَـعِـدَ الـرَّبُّ إلـى الـجَـبَـلِ لِـكَـي يُــظْــهِــرَ أَنَّـهُ وَجَــدَ الـخَـروفَ الـضَّـائِـعَ وحَـــرَّرَهُ مِـنَ الـخَـطـيـئَـةِ والـشَّـيـطـان، وأَنَّـهُ الـرَّاعـي الـصَّـالِـحُ والـحَـقــيـقـيّ، كـمـا يـقُـول الـقِــدِّيـسِ غـريـغـوريـوسَ الـلَّاهـوتـيّ. صُـعـودُ الـجَــبَــلِ يَــرْمُــزُ أَيْـضًـا إلـى أَنَّ كُـلَّ الَّـذيـنَ يُـريـدونَ رُؤيَـةَ مَـجْـدِ الأُلـوهِــيَّـةِ فـي طَـبـيـعَـةِ الـكَـلِــمَـةِ الـبَــشَــرِيَّـةِ عَـلَـيـهـم أَنْ يَــتَـخـلّــوا عــن الـدَّنـاءَةِ وعَـن الأُمـورِ الـسُّـفـلِـيَّـةِ الأَرْضِـيَّـةِ ويَـرْتَــفِــعـوا، أَيْ أَنْ يَــتَــطَــهَّـروا مِـنَ الـمـادِّيَّـاتِ الـتَّـي تُــبْــقـيـهـم مَـرْبـوطـيـنَ بِـالأَرض.

يَــكْــتُــبُ الـقِــدِّيـسُ يـوحَـنَّـا الـدِّمَــشْــقِـيُّ فـي إِحْـدَى تَـراتـيـلِـه: «يـا يَـسـوع، إِنَّ الـشَّـمْـسَ الـحِــسِّــيَّـةَ قَـد احْــتَــجَــبَــتْ مِـنْ شُـعـاعِ الـلَّاهـوت، لَـمَّـا أَبْـصَـرَتْــكَ مُــتَـجَـلِّــيًـا عـلـى طـورِ ثـابـور». لَـقَـدْ حَـصَـلَ تَـجَـلِّـي الـرَّبِّ فـي وَضَـحِ الـنَّـهـار، فَــرَأى الـتَّـلامـيـذُ الـشَّـمْـسَـيـنِ، الـحِــسِّــيَّـةَ والـعَــقْــلِــيَّـة، الأَمْـرُ الَّـذي يُـعَــبِّـرُ عَـنْـهُ الـقِـدِّيـسُ إِسـحَـقُ الـسُّـريـانِـيُّ بِـقَــوْلِـهِ إِنَّ الـتَّـلامـيـذَ رَأَوا شَـمْـسَـيْــن «واحِـدَةً فـي الـسَّـمـاءِ كَـالـعـادَة، وواحِـدَةً فَـوْقَ الـعـادَة». طَـبْـعًـا، لَـمْ يَــرَ كُـلُّ الـنَّـاسِ عـلـى الأَرْضِ مَـجْـدَ الـشَّــمْـسِ الـعَــقْــلِــيَّـة، بَـلْ وَحْـدَهُـم الــرُّسُــلُ والـنَّـبِـيَّـانِ الـلَّـذانِ ظَـهَـرا. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ غـريـغـوريـوس بـالامـاس إِنَّ كُـلَّ سُـكَّـانِ الأَرْضِ يُـمْـكِــنُـهُـم أَنْ يَـرَوا الـشَّـمْـسَ الـحِـسِّـيَّـةَ مـا عَـدا الـعُـمـيـان، أمّــا شَـمْـسُ الـبِـرِّ الـعَــقْــلِــيَّـةُ فَـلا يَـراهـا إِلَّا الـمُـسْـتَـحِــقُّــونَ والـمُـسْــتَــعِــدُّون.


تَـمـامًـا كَـمـا كُــشِــفَ الـثَّـالـوثُ الـقُــدُّوسُ عِــنْــدَ لَــحْــظَــةِ اعْــتِـمـادِ الـمَـسـيـح، كَـذَلِـكَ أُعْــلِـنَ عَـن الإِلَـهِ الـثَّـالـوثِـيِّ فـي لَـحْـظَـةِ تَـجَــلِّــيـه عـلـى ثـابـور. الأُقــنـومُ الـثَّـانـي، الَّـذي صـارَ إِنـسـانًـا، لَـمَـعَ أَمـامَ تَـلامـيـذِهِ وأَظْـهَــرَ مَـجْـدَ أُلـوهِــيَّــتِـهِ، والآبُ أَكَّــدَ أَنَّ هَـذا هُـوَ ابْــنُـهُ الـحَـبـيـب، والــرُّوحُ الــقُــدُسُ كـانَ الـسَّـحـابَـةَ الـمُـنـيـرَةَ الَّـتـي غَـطَّــتْ الـتَّـلامـيـذ. يُـظْـهِـرُ صَـوْتُ الآبِ أَنَّـه كـان عـلـى جَـبَـلِ ثـابـورَ سَـمـاعٌ ورُؤيَـة. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ سِـمـعـانُ الـلَّاهـوتِـيُّ الـحَـديـث إنَّ كُـلَّ حَـواسِّ الإِنـسـانِ تَـصـيـرُ واحِـدةً خِـلالَ رُؤيَـةِ اللهِ والإِعْـلانِ عَـنْـهُ، لِـهَـذا الـمُـعـايَــنَـةُ هِـيَ سَـمـاعٌ، والـسَّـمـاعُ هُـوَ مُـعـايَــنَـة، والـمُـعـايَــنَـةُ والـسَّـمـاعُ هُـمـا تَــذَوُّقٌ وإِحـسـاس. يَــشْــرَحُ الـقِــدِّيـسُ نـيـقـوديـمـوسُ الآثـوسِـيُّ أنَّ الـمُـعـايَـنَـةَ هِـيَ عـادَةً أَكْـثَــرُ جَـدارَةً بِـالـثِّــقَــةِ مِـنَ الـسَّـمـاع، لأَنَّ الإِنْـسـانَ يَـسْـمَـعُ الأَمْـرَ أَوَّلًا ثُـمَّ يَـمْـضـي لِــيَــنْـظُـــرَ إِلَـيْـه. هُـنـا حَـدَثَ الـعَــكْـسُ، إِذْ إِنَّ الـتَّـلامـيـذَ رَأَوا مَـجْـدَ اللهِ ثُـمَّ تَـبِـعَ ذَلِـكَ الإِثْـبـاتُ مِـنْ خِـلالِ الـسَّـمـع. الـفَــرْقُ بَـيْـنَ الـعَـهْـدَيْـنِ الـقَـديـمِ والـجَـديـدِ يَـظْـهَــرُ فـي الـتَّـجَـلِّـي. الـمَـألـوفُ فـي الـعَـهْـدِ الـقَـديـمِ هُـوَ أَنَّ الـعَــمَــلِــيَّــاتِ تَـتِـمُّ بِـالـسَّـمـعِ، فَـالأَنْـبِـيـاءُ أَظْـهَـروا الأُمـورَ الآتِـيَـةَ مِـنْ خِـلالِ الـتَّــنَــبُّــؤِ والــتَّــكَــهُّـــن، إِذْ كـانـوا يَـسْـمَـعــونَ اللهَ ثُـمَّ يَــرَوْنَ، عَـلـى حَـسـبِ مـا يَـقـولُ أَيُّـوبُ الـصِّـدِّيـق: «بِـسَـمْـعِ الأُذْنِ قَـدْ سَــمِـعْــتُ عَــنْـكَ، والآنَ رَأَتْـكَ عَــيْــنـي» (42: 5). فـي الـعَـهْـدِ الـجَـديـدِ، الأَمْـرُ مُـخـالِـف، حَـيْـثُ الـمَـألـوفُ أَنْ يَـسـبِـقَ الـنَّـظَــرُ الـسَّـمـع. فـي الـعَـهْــدِ الـقَـديـمِ كـانَ يُـعْــلَــنُ عَـنْ مَـجـيءِ الـمَـسـيـح، وعِـنْـدَمـا أَتـى ابْـنُ اللهِ الـمُــتَــجَــسِّــدُ، أصـبـحــتْ رؤيــتُــه مُـمـكـنــة. هَـذا يَـحْـدُثُ فـي الـحَـيـاةِ الـرُّوحِـيَّـة، إِذْ عِـنْـدَمـا نَـكـونُ فـي مَـرْحَـلَـةِ الـتَّــطَـهُّــر، الـمُـشـابِـهَــةِ لِـلـعَـهْـدِ الـقَـديـم، نَـسْـمَـعُ عَـن الله، الَّـذي نُـعـايِـنُـهُ عِـنْـدَمـا يَـسـتَـنـيـرُ ذِهْــنُــنـا، ونَـتَـأَلَّـهُ عَـبْـرَ الـحَـيـاةِ الأَسْـرارِيَّـةِ والاشْـتِـراكِ بِـقُـوَّةِ اللهِ الـمُـنـيـرَةِ الـمُــقَــدَّسَـة.


يــا أحـبَّـة، رجـاؤنـا أنْ تَـسـتَـنـيـرَ عــقــولُ الـسـيـاسـيـيـن والـمـسـؤولـيـن لـكـي يُـدرِكـوا مُـعـانـاةَ الـمـواطـنـيـنَ والـظُــلْـمَ الـلاحِـقَ بـهـم جَـرّاءَ إهــمـالِـهــم وابـتِــلاعِ حـقـوقِـهـم وطَـمْـسِ حـقـيـقـةِ أَكـبـرَ كـارثَـةٍ حَـلَّـتْ بـهـم فـقـضَـتْ عـلـى مـا يَـزيـدُ عــلـى الـمـئـتـيـن مِـنْ أبـنـاءِ بـيـروت لـم يـكـتـرثْ بـرحـيـلِـهـم إلاَّ ذووهــم، وأصـابـتْ الآلافَ فــي أجـسـادِهــم ومُـمـتَـلـكـاتِـهـم وهــم مـا زالـوا يَـنـتـظـرون الـعـدالـةَ أولاً، ومـحـاسـبـةَ الـفـاعــلـيـن، وهــذا مـا لــم يـحـصـلـوا عـلـيـه بـعـد، كـمـا لـم يـحـصـلـوا عـلـى الـمـسـاعـداتِ الـمَـوعــودةِ مِــنْ أجــلِ تـرمـيـمِ مـنـازِلِـهـم، مـا زادَ شِـدَّةَ ألآمِـهـم الـجـسَـديَّــةِ والــنَــفــسِــيَّــةِ ألـمـاً ومَـرارةً وخـيـبـةً، ومــا زالَ الـمـسؤولــون عــن الـكـارثـةِ يَـسـرحـونَ وربـمـا يُـخَـطِّــطــون لــعــمــلٍ وحـشـيٍّ آخــر، ومــا زالَ الـزعـمـاءُ والـمـسـؤولـونَ عــاجــزيــن عــن الـقـيـامِ بــأيَّــةِ خُــطــوةٍ إنــقــاذيَّــةٍ لــلــبــلــدِ قــد تُــفــرِجُ عــن انــتــخــابِ رئـيـسٍ يَـلـيـهِ تـشـكـيـلُ حـكـومـةٍ تـمــنــعُ تَــدَخُّــلَ الـسـيـاسـيـيـن فــي عَــمَــلِ الــقــضــاء عَـــلَّــهُ يَـــفُـــكُّ أَســرَ الـتـحــقـيـقِ ويُــطـــلِـــقُ يَـــدَ الـمـحــقِّـــقَ مِـنْ أجـلِ جَـلاءِ الـحـقــيـقـةِ وإحـقـاقِ الـعـــدالـةِ ومُــعــاقــبــةِ الـمـسؤولــيــن عــن تــفــجــيــرِ بــيــروت وقَــهْــرِ أبــنـائـهـا.


هـل كـانَ هـذا الـتـفـجـيـرُ الأبــوكــالــيــبــتــيّ قَــتْـلاً لـبـيـروتَ وأهـلِـهـا أم إغـتـيـالاً لـلـقـضاءِ بُـغـيَـةَ نَــشـرِ الـفـوضـى والإطــبـاقِ عـلـى الـبـلـد؟ وهــل يُـعْــقَــلُ أنْ يَــنــتــظِــرَ ذوو الـضـحـايـا مـع أهــلِ بـيـروت وكــلِّ الـلـبـنـانـيـيـنَ ثـلاثَ سـنـواتٍ دون نـتـيـجـة؟ ثـلاثُ سـنـواتٍ مِــنَ الألَــمِ والـصـبـرِ والـمـطــالــبَــة ولــمْ تَــنْــجَــلِ الـحـقــيـقـةُ رغــمَ بــشــاعةِ الإنــفــجــارِ وجَـسـامـةِ نـتـائِـجِـهِ. هــل هــي لامُــبــالاةٌ أم اســتــهــانــةٌ بــحــيــاةِ بَــشــرٍ أحــبّــوا لـبـنـانَ ولــمْ يَــهــجُــروه سـعـيـاً وراءَ حـيـاةٍ كـريـمـةٍ، أم هـو عَــجْــزٌ أو طَــمْــسٌ مــقــصــودٌ لــحــقــيــقــةٍ لا يُــريــدون لــهــا الـظـهــورَ خــوفــاً مــنهـا؟ وإلاَّ لِــمَ عَــرْقَــلَــةُ عَـــمَــلِ الــمُــحــقِّــق؟ وإلــى مــتــى يُــفــلِــتُ الـمُـجـرِمــونَ مِــنَ الــعــقــاب، كــلُّ الـمـجــرمــيــن الـذيـن اغــتـالــوا بــيــروت، وكــلُّ الــذيــن اغـــتــالــوا أشـخــاصــاً كــلُّ ذنـبـهــم أنَّـهــم أرادوا الـتـعـبـيـرَ عــن آرائِـهــم بـحــريَّــة، وكــلُّ الــذيــن أوصــلــوا هــذا الــبــلــدَ الـجـمـيـلَ إلـى الإنـهــيـار، وكــلُّ الـذيــن أســاءوا إلــى الـبـلــدِ وأهــلِـه واغـــتــصــبــوا حــقــوقـهــم أو تَــخــطّــوا الــقــوانــيــنَ أو تَــحَــدّوا الــدولــة أو قــامــوا بــأيّ عَــمَــلٍ سَــيّء؟ كــيــف يُــفــلِــتُ مِــنَ الـعــقــاب الــقــاتِــلــونَ والــمُــضــارِبــونَ والــمُــحْـــتَـــكِــرونَ ومُــغْــتَــصِــبــو الأطــفــالِ والــمُــتَــعَـــدّون عــلى حــيـاةِ الأبـريـاءِ بــرصــاصِــهــم الــطــائــش؟


الــعــدالــةُ ضــروريَّــةٌ لاســتــمــرارِ الــحــيــاةِ بــأمــانٍ والــشــعــورِ بالــمــســاواةِ بــيــنَ الــمــواطــنـيـن، وإعــلانُ الـحـقـيـقـةِ فــي مــأســاةِ بــيــروت واجــبٌ عــلــى الــقــضــاء، ومُــعــاقــبــةُ الــفــاعــلــيــن ضــروريـةٌ لـتَـكونَ درسـاً لِــمَــنْ تُــسَــوِّلُ لــهُ نــفــسُــه الــقــيــامَ بــجــريــمــةٍ مُــمــاثِــلــة.


دَعْــوَتُـنـا الـيَـوْمَ أَنْ نَــلْــتَــمِـسَ الاسـتِـنـارَةَ مِـنَ الـمَـسـيـحِ الـمُـتَـجَـلِّـي، شَـمْـسِ الـعَـدْلِ الـعَــقْــلِــيَّـة، وأَنْ نُـصْـبِـحَ بِـدَوْرِنـا مَـنـاراتٍ تُــرْشِـدُ الآخَـريـنَ إلـى الـنُّـورِ الـحَـقـيـقـيّ، عَـبْـرَ إِنـارَةِ دُروبِـهِـم بِـنـورِ الـمَـحَـبَّـةِ الـمُـسـتَــمَــدِّ مِـنَ اللهِ الـمُـحِـبِّ لِـلـبَـشَـر، آمـيـن". 

MISS 3