ما هي كمية مشتقات الحليب المفيدة يومياً؟ وهل تكون بدائل الحليب أو مجموعة محددة من المنتجات أفضل لصحة القلب؟
يصعب اختيار مشتقات الحليب المناسبة في هذه الأيام. بالإضافة إلى منتجات حليب البقر الخالية من الدسم أو قليلة الدسم أو كاملة الدسم، تكثر بدائل الحليب النباتية المصنوعة من مختلف أنواع المكسرات والفاصوليا والبذور. حتى أقسام الألبان والأجبان في المتاجر الكبرى تشمل راهناً منتجات أخرى مثل لبن جوز الهند وجبنة الكاجو.
تعكس هذه الخيارات المتزايدة نزعة متوسّعة إلى تبنّي حميات نباتية، إذ يختارها الناس لأسباب عدة. يريد البعض تخفيف استهلاك اللحوم ومشتقات الحليب ومنتجات حيوانية أخرى أو تجنبها بالكامل لأسباب دينية أو نتيجة مخاوف مرتبطة بحماية البيئة أو الرفق بالحيوان. يدرك الباحثون عن حمية مفيدة للقلب ضرورة الابتعاد عن اللحوم الحمراء والمُصنّعة. لكن لا يسهل تطبيق هذه الخطوة مع مشتقات الحليب.
أهم التوجيهات
توصي التوجيهات الغذائية الرسمية الراشدين بتناول ثلاث حصص من مشتقات الحليب يومياً، مثل كوب حليب أو لبن أو 40 غراماً من الجبنة (بحجم أربعة مكعبات). تفضّل هذه التوجيهات، على غرار نصائح "جمعية القلب الأميركية"، الخيارات قليلة الدسم أو الخالية من الدسم.
لكن لا توافقها جميع الجهات الصحية الرأي. يقول الدكتور والتر ويليت، أستاذ في التغذية وعلم الأوبئة في كلية "تي إتش تشان للصحة العامة" التابعة لجامعة "هارفارد": "في ما يخص مشتقات الحليب، لا شيء يثبت أن الراشدين يحتاجون إلى ثلاث حصص يومية، وتبرز أسباب صحية للاكتفاء بحصة واحدة يومياً. إذا كنت تستهلك هذه الكمية، لا أهمية للدهون المشتقة من هذه المصادر. لكن إذا كنت تتناول كميات إضافية من مشتقات الحليب، من الأفضل أن تختار منتجات أقل دسماً".
نتائج الأبحاث
في العام 2016، اكتشفت دراسة أجرتها جامعة "هارفارد" وشارك فيها أكثر من 220 ألف خبير صحي أن مشتقات الحليب لا ترتبط بارتفاع مخاطر أمراض القلب، أقلّه مقارنةً بكمية مشابهة من السعرات المشتقة من الكربوهيدرات. لكنّ استبدال حوالى 5% من السعرات الموجودة في مشتقات الحليب بكمية مساوية من الدهون غير المشبعة في الخضار أو الزيت النباتي، يرتبط بتراجع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 24%. في المقابل، يبدو أن استبدال دهون مشتقات الحليب بدهون حيوانية أخرى (كتلك الموجودة في اللحوم) يرفع مخاطر أمراض القلب بدرجة بسيطة.
تشكّل الألبان والأجبان ومنتجات الحليب مصادر جيدة أيضاً للكالسيوم والبوتاسيوم، ما يسهم في السيطرة على ضغط الدم. هذه الآثار قد تعزز نجاح حمية "داش" التي تشمل كمية صغيرة أو معدومة من مشتقات الحليب. تسهم هذه الحمية في تخفيض ضغط الدم وسكر الدم والكولسترول وفق دراسات من فترة التسعينات.
أخيراً، تُلمِح الأبحاث إلى تراجع احتمال اكتساب الوزن عند تناول مشتقات حليب كاملة الدسم. ربما يتعلق السبب بقدرة الدهون في هذا الحليب أو في شرائح الجبنة على إعطاء شعور بالشبع التام. لكن لا تزال الأدلة غير جازمة في هذا المجال.
عدّل المنتجات بحسب ذوقك
في ما يخص نوع المنتجات المناسبة، قد يكون اللبن العادي أفضل خيار. تحتوي مشتقات الحليب المخمّرة، مثل الألبان، على جراثيم مفيدة تُعرَف بالمحفزات الحيوية، وقد تسهم في تخفيض ضغط الدم وترتبط بتحسّن صحة القلب والأوعية الدموية. إذا كنت لا تحب هذا اللبن، أضف إليه الفاكهة أو المكسرات أو كمية صغيرة من العسل أو المربّى لتحسين نكهته.
بــــــدائــــــل أخــــــرى
في حالات كثيرة، يعني تخفيف استهلاك دهون مشتقات الحليب تخفيض الكميات المستهلكة من الأجبان كاملة الدسم. تتعدد البدائل المحتملة في هذا المجال، منها الأجبان أو المنتجات قليلة الدسم والمصنوعة من حليب اللوز أو الكاجو. لكنها ليست أفضل الخيارات بالضرورة. أحياناً، يتناول الناس بكل بساطة حصصاً أكبر حجماً من المنتجات قليلة الدسم، وغالباً ما يعني التخلي عن دهون مشتقات الحليب إضافة مقادير غير مرغوب فيها مثل الملح. تقول إيميلي جيلسومين، خبيرة تغذية في مستشفى "ماساتشوستس" العام التابع لجامعة هارفارد: "من الأفضل أن يأكل الفرد كمية أصغر من أي منتج يتلذذ به ويُشعِره بالشبع والاكتفاء". تشكّل المثلجات وخلطات الكريما والحليب والزبدة مصادر دسمة أخرى لدهون مشتقات الحليب، لذا يجب أن تكون هذه الوجبات متقطّعة وغير يومية. إذا كنت تبحث عن منتجات مختلفة عن مشتقات الحليب، تتعدد الخيارات المحتملة. توصي جيلسومين باختيار منتج غير مُحلى ومُدعّم بالكالسيوم والفيتامين D. صحيح أن حليب الصويا موجود منذ عقود، لكن يجد البعض صعوبة في هضمه. تحتوي خيارات جديدة مثل مشروب حليب جوز الهند (يختلف عن حليب جوز الهند الأكثر دسماً بكثير والمستعمل في الطبخ) على كمية كبيرة من الدهون المشبعة، لذا لا يُعتبر خياراً مثالياً. من الأفضل أن تجرّب حليب اللوز الذي أصبح شائعاً جداً اليوم ويُعتبر من أقل الخيارات دسماً. بدأ حليب الشوفان يزداد رواجاً أيضاً. يكون مذاقه أكثر حلاوة بقليل ويشبه اللاكتوز، السكر الطبيعي الموجود في الحليب، ويحب الناس تركيبته الأكثر سماكة.