المأكولات عالية التصنيع تزيد خطر إصابتك بمرض كرون

02 : 00

لا تزال أسباب مرض كرون غير واضحة. يلتهب الجهاز الهضمي عند الإصابة بهذا النوع من مرض الأمعاء الالتهابي. يشتبه الخبراء بوجود خليط من العوامل الوراثية والبيئية المرتبطة بجهاز المناعة.

تُركّز دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة "ماكماستر" في هاميلتون، أونتاريو، على عامل أكثر دقة. اكتشف الباحثون رابطاً قوياً بين استهلاك كميات كبيرة من المأكولات عالية التصنيع وزيادة مخاطر الإصابة بمرض كرون. تُعتبر هذه الدراسة مراجعة منهجية أو تحليلاً تجميعياً لخمس دراسات حشدية جرت بين العامين 2020 و2022. حلل الباحثون الرابط بين هذه الأغذية ومرض الأمعاء الالتهابي، بما في ذلك داء كرون والتهاب القولون التقرحي، وشمل التحليل أكثر من مليون شخص. سرعان ما اكتشفوا رابطاً بارزاً بين الأغذية عالية التصنيع والتهاب القولون التقرحي. نُشرت النتائج في مجلة "الأمراض العيادية في الجهاز الهضمي والكبد".

ما هي المنتجات عالية التصنيع؟

تفتقر هذه المأكولات إلى الألياف الغذائية، وتكون غنية بالدهون المشبعة والسكريات البسيطة، وتشمل مضافات مثل المستحلبات، ويمكن إيجادها في المنتجات التالية:

• بروتينات مُصنّعة، مثل ناغتس الدجاج والهوت دوغ.

• حبوب الفطور الباردة.

• المشروبات الغازية.

• الصلصات الجاهزة.

• رقائق البطاطس.

• المثلجات.

• البسكويت وبعض أنواع الخبز.

• مشروبات الفاكهة.

• أغذية مُحلاة ومُكررة مثل ألواح الطاقة، والسكاكر، والشوكولا، والمربّى، والحلوى الهلامية، والبودينغ، والكعك، وقوالب الحلوى.

أعراض مرض كرون

تتعدد أعراض المرض، أبرزها ما يلي:

• إسهال دائم.

• نزيف من المستقيم.

• ألم وتشنجات في البطن.

• تغوّط عاجل.

• شعور بعدم اكتمال التغوط.

• إمساك مُضِرّ.

بسبب هذه الأعراض، يصبح فقدان الشهية شائعاً، فضلاً عن خسارة الوزن، وتراجع الطاقة، والشعور بالتعب. قد يُسبب مرض كرون تأخّراً في نمو الأولاد أيضاً.

يقول الدكتور أندرو غيويرتز، خبير في المناعة الفطرية، والبيئة الميكروبية، والالتهابات المعوية، والبدانة، والسكري، من جامعة ولاية جورجيا (لم يشارك في الدراسة الجديدة): "أنا أحاول التفكير بحياة المصابين بمرض كرون من خلال تخيّل ردة فعل جسمي حين أصاب بتسمم غذائي مُعدٍ يعيق حياتي بالكامل طوال أسابيع متواصلة".

على صعيد آخر، قد يُسبب مرض كرون مضاعفات تتجاوز نطاق الجهاز الهضمي. في الحالات المتطرفة، قد تبرز الحاجة إلى الخضوع لجراحة. تكشف الأبحاث أن هذا المرض قد يخمد بفضل علاجات معينة، فيعود الجهاز الهضمي إلى وضعه الطبيعي لفترات طويلة. كذلك، قد يخمد المرض من دون الحاجة إلى علاج في بعض الحالات.

البيئة الميكروبية المعوية

تفترض الدراسة الجديدة أن الرابط بين المنتجات عالية التصنيع ومرض كرون قد يتعلق باختلال توازن البيئة الميكروبية في الأمعاء. يوضح غيويرتز: "تفتقر معظم المنتجات المُصنّعة إلى الألياف التي تُعتبر ضرورية لتغذية البيئة الميكروبية والحفاظ على رابط يفيد الجسم المضيف وتلك البيئة في آن. كذلك، تحتوي نسبة كبيرة من المنتجات المُصنّعة، أو حتى معظمها، على جزئيات مشابهة لمواد التنظيف اسمها مستحلبات، وهي تُحسّن تركيبة المنتجات وتطيل صلاحيتها على رفوف المتاجر".

تكشف أبحاث غيويرتز أن المستحلبات في المنتجات عالية التصنيع تؤثر على تركيبة البيئة الميكروبية والتعبير الجيني، فهي تُشجّع الجراثيم على اختراق الغشاء المخاطي الداخلي المعقّم في القولون، ما يؤدي إلى نشوء التهابات. في هذا السياق، يقول الدكتور مايكل أ. كام، أخصائي في أمراض الجهاز الهضمي لم يشارك في الدراسة الجديدة: "تعجّ الأغذية عالية التصنيع بمضافات غذائية كيماوية".

بدأت الإصابات بمرض كرون تزيد حول العالم لأسباب لا تزال غير واضحة حتى الآن. لكن يقول الدكتور يوجين ب. تشانغ المتخصص بالبيئة الميكروبية المعوية من جامعة شيكاغو للعلوم البيولوجية (لم يشارك في الدراسة الجديدة): "تتزامن هذه الزيادة مع تحولات محتملة في البيئة الميكروبية داخل الأمعاء البشرية، وقد لوحظ معظم هذه الحالات في المجتمعات الصناعية والمتقدمة تكنولوجياً والميسورة اقتصادياً. ترتبط هذه النزعة بظهور عدد كبير من الاضطرابات المناعية والأيضية والعصبية المعقدة والأورام التي كانت تُعتبر أقل شيوعاً أو حالات نادرة منذ 150 سنة تقريباً. من المنطقي أن ننسب هذه الزيادة المقلقة خلال فترة زمنية قصيرة جداً إلى تغيّر الحمية الغذائية، وأسلوب الحياة، والبيئة، والإفراط في أخذ المضادات الحيوية، بدل ربطها بنوع من الانحراف الجيني لدى سكان العالم".

تجنّب المنتجات عالية التصنيع

قد لا تساعد نتائج الدراسة الجديدة كل من أصيب أصلاً بمرض كرون أو بدأ يواجه أعراض هذا الاضطراب. برأي المشرف الرئيسي على الدراسة، نيراج نارولا، قد لا يسمح تراجع استهلاك المنتجات عالية التصنيع بتخفيف الالتهاب بعد الإصابة بمرض كرون.

بما أن التشخيص يحصل عموماً بين عمر العشرين والتاسعة والعشرين، من الأفضل أن يفكر أي شاب يرغب في تجنب المرض، أو يريد بكل بساطة الحفاظ على بيئة ميكروبية صحية، بالابتعاد عن المنتجات عالية التصنيع. تسبق المرض مرحلة طويلة حيث يستطيع الفرد اكتساب عادات غذائية صحية قد تساعده على تغيير صحة أمعائه. يقترح كام قاعدة بسيطة يمكن الالتزام بها عند اختيار أي وجبة طعام: تبقى المنتجات الطازجة أفضل خيار!

في النهاية، يستنتج نارولا: "نتمنى أن تُوجّه نتائج هذا البحث الدراسات لتحديد أفضل تقنيات التحكم بمرض كرون. بدأت الدراسات تستكشف خيارات جديدة لاستهداف هذا المرض منذ فترة، بما في ذلك حميات تسمح باستهلاك كميات ضئيلة أو معدومة من المنتجات عالية التصنيع، ويُفترض أن تساعدنا هذه الأبحاث على فهم دور التحكم بالحمية للتعامل مع مرض كرون خلال السنوات المقبلة".


MISS 3