مظلّة عملاقة موصولة بكويكب لمحاربة التغيّر المناخي

02 : 00

بات تخفيف التغير المناخي على كوكب الأرض يطرح تحدياً شاقاً لدرجة أن يستكشف العلماء جدّياً جميع الخيارات التي يستطيعون التفكير بها. تبدو أحدث فكرة جامحة، لكنها ليست مستحيلة. يقترح عالِم الفلك إستيفان سابودي من معهد علم الفلك في جامعة هاواي التقاط كويكب لركنه أمام الأرض، ثم ربطه بمظلة لإعاقة جزء من أشعة الشمس.

الدرع الشمسي ليس مفهوماً جديداً، لكنّ التعديلات التي يقترحها سابودي قد تسمح بتخفيض كلفة التنفيذ وتقليص المصاعب المحتملة، ما يقرّبنا من تنفيذ المشروع.

يوضح سابودي: «في هاواي، يستعمل الكثيرون مظلة لإعاقة أشعة الشمس أثناء التنقل نهاراً. لذا رحتُ أتساءل: هل يمكننا تطبيق المبدأ نفسه مع كوكب الأرض لتخفيف وطأة الكارثة الوشيكة بسبب التغير المناخي؟».

تتعلق المشكلة الحقيقية بحاجة الدرع إلى كتلة ثقيلة بما يكفي كي لا تطيح به الرياح الشمسية أو ضغوط الأشعة وكي يحافظ على استقراره في وجه قوة الجاذبية. سيكون تأمين كتلة بهذا الحجم في الفضاء هدفاً صعباً ومكلفاً.

لكن ماذا لو كانت الكتلة المنشودة موجودة أصلاً في الفضاء؟ تظهر فكرة التقاط كويكب وربطه بمظلة في هذا المجال بالذات.

وفق حسابات سابودي، قد يسمح نشر ثقل مضاد باتجاه الشمس في نقطة لاغرانج (L1) بتقليص الكتلة الإجمالية للدرع وحصرها بثلاثة ملايين طن ونصف.

تتعلق هذه النقطة باستقرار الجاذبية النسبي نتيجة تفاعل بين الأرض والشمس. تضمن قوة سحب الجاذبية للجسمَين إيجاد التوازن المنشود في نقاط لاغرانج، ما يعني تراجع التعديلات اللازمة للبقاء في ذلك الموقع.

يشمل كل نظام ثنائي الجسم خمس نقاط لاغرانج، وتقع نقطة L1 بين الأرض والشمس مباشرةً، ما يجعلها مثالية كي تشمل الدرع الشمسي.



قد تبدو الكتلة التي تزن 3 ملايين طن ونصف ضخمة، لكنها تبقى أصغر بمئة مرة من التقديرات السابقة التي اقترحت استعمال درع غير موصول بأي كتلة. كذلك، لن يشكّل الدرع الحقيقي إلا 1% من ذلك الوزن، ما يساوي حوالى 35 ألف طن. تتألف الكتلة المتبقية من الكويكب.

قد يكون تخفيض وزن الدرع بدرجة إضافية ممكناً عبر استعمال مواد أخف وزناً مثل الغرافين. تبقى هذه العملية شائكة، إذ لا تزال الحمولة القصوى للصاروخ راهناً بعيدة عن 35 ألف طن.

يحمل صاروخ «ساتورن 5» الرقم القياسي في الوقت الراهن، فهو أطلق حمولة بوزن 140 طناً نحو مدار الأرض السفلي خلال حقبة «أبولو». كذلك، يوشك صاروخ المركبة الفضائية العملاقة «سبيس إكس» على بلوغ مرحلة الهندسة البشرية، مع أن سعته القصوى تقتصر على 250 طناً مترياً.

لكن يمكن تنفيذ هذه الفكرة بسهولة تفوق ما توقعه الجميع سابقاً. أثبتت وكالة «ناسا» أننا قادرون على إعادة توجيه أي كويكب. تبرز الحاجة إلى أبحاث كثيرة أخرى، لكن يظن سابودي أننا قد نتمكن من تنفيذها قبل فوات الأوان من الناحية المناخية إذا بدأت مرحلة البحث والتطوير فوراً. يمكن حصد منافع محتملة أخرى أيضاً.

تكشف التقديرات أن إعاقة 1 أو 2% من أشعة الشمس قد تكون كافية لتبريد الكوكب، لكن يظن سابودي أن مقاربة أكثر حذراً تقضي باستعمال البيانات التاريخية.

ستكون فكرة سابودي قابلة للتعديل إذاً، ما يعني تخفيف حدة الضوء بنسبة تقتصر على 0.24%، أو تقويته بنسبة تصل إلى 1.7%. في الوقت نفسه، يجب أن يكون عكس هذه العملية سهلاً.

في النهاية، يكتب سابودي في تقريره: «بحسب مسار تطور الغرافين، وخيوط الربط، والتقنيات المدارية المتداخلة، قد يكون ابتكار الدرع المقترح في البداية أسرع وأقل كلفة من أي بنية أثقل وزناً. لكن قد تشكّل هذه البنية في نهاية المطاف مصدراً للطاقة الشمسية يسمح باستكشاف الأرض أو النظام الشمسي».


MISS 3