تركيبة الجهة الداخلية من القمر تُحيّر العلماء حتى الآن

02 : 00

تتعدد الاكتشافات المفاجئة بشأن الأرض في الفترة الأخيرة، فقد اكتشف العلماء أن النواة الداخلية للكوكب هي عبارة عن دائرة غير مستوية تتوقف عن الدوران من وقتٍ لآخر وتتحرك في الاتجاه المعاكس. لكن تشكّل الجهة الداخلية من القمر لغزاً أكثر غموضاً بعد. وراء قشرته المحفورة، يقع وشاح القمر فوق ما يعتبره العلماء طبقة منصهرة جزئياً قد تشمل أدلة عن طريقة تشكيل القمر. لكن تكشف دراسة جديدة الآن أن ذلك الموقع قد يخلو من أي طبقة لزجة.

إذا أكدت البيانات المستقبلية على النموذج الجديد الذي يطرحه باحثون من ألمانيا، وجمهورية التشيك، والولايات المتحدة، قد يكون وشاح القمر صلباً في العمق، ما يعني أن يخلو من طبقة ذائبة كما يفترض علماء الجيولوجيا راهناً.

قد تسمح النتائج المستقبلية بتعديل طريقة فهمنا للجهة الداخلية من القمر وطريقة تشكيلها أو تعيد التأكيد على ما نعرفه. يتوقف الوضع على تحديد التفسير الصحيح للجهة الداخلية من القمر.

في هذه المرحلة، تشير البيانات الجيولوجية المحدودة إلى احتمال وجود جزء منصهر وصلب في وسط القمر. لكن تبرز الحاجة إلى أخذ عينات أخرى من القمر لحل هذا اللغز.

حاولت عالِمة الكواكب ميكاييلا والتروفا وفريقها من مركز الفضاء الألماني في برلين التأكد من محتوى القمر بناءً على البيانات المتاحة، والنظريات الطاغية، وبعض الأفكار الجديدة.

قارن الباحثون نموذجَين مختلفَين من داخل القمر لتحديد النموذج الذي يفسّر القياسات التي نملكها عن شكل القمر وحركته بطريقة واقعية. يحيط القمر بالأرض على مسافة يصل متوسطها إلى 384 ألف و400 كلم. هو يجذب الأرض انطلاقاً من تلك النقطة، فيطلق موجات المد والجزر في المحيطات والغلاف الجوي بطريقة أو بأخرى.

تتوقف هذه الآثار على كثافة الجهة الداخلية للقمر ولزوجتها وصلابتها. لكنّ قوة الجاذبية تسير في الاتجاهَين، ويتشوه شكل القمر دورياً.

بعد دراسة هذه الدورات الإيقاعية وقياس شكل القمر وحركته بدقة عبر استعمال الليزر القمري، يستطيع العلماء استنتاج ما هو موجود داخل القمر. ثمة سيناريوان محتملان.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «وفق السيناريو الأول، يكون داخل القمر ساخناً، وربما ذاب جزء صغير منه وشكّل طبقة سميكة من المواد الهشة والمدفونة على عمق ألف كيلومتر تحت سطح القمر».

ظهر هذا النموذج حين حاول علماء الجيولوجيا التوفيق بين قياسات غريبة جُمِعت من محطات زلازل قمرية استعملتها بعثات «أبولو» وكانت ناشطة بين العامين 1972 و1977. عند جمع تلك المعطيات مع بيانات زلزالية أخرى حول آثار المد والجزر على سطح القمر، افترض الباحثون أن أفضل طريقة لتفسير ملاحظاتهم تتعلق بوجود طبقة لزجة وذائبة جزئياً على الحدود الفاصلة بين نواة القمر ووشاحه.

بحسب فرضيتهم، تستطيع هذه الطبقة الذائبة أن تبدد طاقة المد والجزر والموجات الزلزالية بطريقة تتطابق مع الأنماط الدورية المذكورة في البيانات.

لكن تطرح نتائج التحليل الجديد الذي قامت به والتيروفا وفريقها تفسيراً محتملاً آخر. يوضح الباحثون: «وفق السيناريو الثاني، ما من طبقة ذائبة أصلاً، ويمكن تفسير تشوّه القمر الذي قاسه العلماء بسلوك الصخور الصلبة على درجات حرارة منخفضة نسبياً. لكن لا يمكن فصل الاحتمال الأول عن الثاني استناداً إلى البيانات المتاحة حتى الآن. لذا سنضطر للانتظار إلى حين معرفة نتائج أي استكشاف مستقبلي آخر للقمر، إذا حصل العلماء على الإذن للقيام بها».

في هذه المرحلة، بدأنا نفهم على الأقل ما يكمن تحت سطح القمر القشري، لكن تتعدد الأسئلة التي لا تزال عالقة. نُشرت نتائج البحث في مجلة «جي جي آر بلانتس».


MISS 3