أكرم حمدان

عبدالله: غير واردة في الدستور وغير قابلة للتطبيق

بارود: اللامركزية المالية "إستهلاك سياسي" ولا تحتاج إلى تعديل دستوري

24 آب 2023

02 : 00

"إذا لم تعطَ اللامركزية موارد مالية تتعطل"

ترتفع وتيرة النقاش يوماً بعد يوم في اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، خصوصاً بعد تزايد الحديث عن إقتراب التفاهم أو الإتفاق بين «التيار الوطني الحرّ» و»حزب الله»، نتيجة الحوار القائم بينهما على الملفّ الرئاسي وعدد من العناوين والملفّات، ومنها اللامركزية، وفق طرح «التيار».

طرح الموضوع جملة أسئلة وعلامات استفهام من قبل بعض القوى والأطراف السياسية حول بعض النقاط التي تعتبر خلافية في اقتراح قانون اللامركزية الموجود في مجلس النواب منذ عام 2016، وقد شكّلت له لجنة فرعية من لجنة الإدارة والعدل النيابية عقدت عشرات الإجتماعات للبحث فيه، وتوقفت عند مجموعة من البنود والنقاط الخلافية وفق مصادر نيابية متابعة.

الوزير السابق زياد بارود الذي يعتبر الأب الروحي لمشروع اللامركزية بعدما عمل مع فريق عمل على إعداده، شرح لـ»نداء الوطن» ما سمّاه اللغط الحاصل والإستهلاك السياسي لتعبير اللامركزية المالية، مشيراً إلى أنه «تعبير يستهلك في السياسة، لا في القانون، لأنّ اللامركزية تعني ما تعنيه بمعزل عن توصيفها بالإدارية أو المالية أو سواها من النعوت، ذلك أنّ اللامركزية، إن لم تكن إدارية، ذهبت لتكون سياسية فتصبح فدرالية وليس لامركزية».

وقال: «إذا لم تعطَ اللامركزية موارد مالية كافية لممارسة الصلاحيات، تصبح من دون جدوى وتتعطل، لذلك أرى أنّ كل التجاذب حول مالية اللامركزية هو في غير محله، أولاً، لأنّ غياب عصب المال يفقد اللامركزية معناها، وثانياً، لأنّ البلديات هي اليوم الشكل الوحيد للامركزية الإدارية وفيها إستقلال مالي وموازنة خاصة وجباية مباشرة وقطع حساب... هذه لامركزية مالية! فلماذا العجب من توسيعها على مستوى مجالس أقضية تماماً، كما جاء في الطائف؟ اللامركزية بمختلف تعابيرها الإدارية والمالية ليست أبداً إنسلاخاً عن السلطة المركزية، بل هي في صلب وحدة الدولة».





وعن الكلام على الحاجة الى تعديل دستوري، يرى بارود أنّ «الموضوع غير مطروح على الإطلاق، لأنّ اللامركزية هي ضمن منظومة الدولة، وما دام لا تعديل في شكل الدولة الموحّدة، وما دامت التقسيمات إدارية، والدفاع والنقد والخارجية في يد السلطة المركزية، فلا موجب لأي تعديل دستوري، بما في ذلك ما يتعلق بالشقّ المالي. هل تم تعديل الدستور لكي تعطى البلديات في قانونها عام 1977 استقلالاً مالياً وموازنة وقطع حساب وجباية رسوم وضرائب مباشرة؟ أتمنّى الا يكون طرح تعديل الدستور، حيث لا موجب لذلك، من باب إعاقة تطبيق هذا الإصلاح الذي طال انتظاره أكثر من 33 عاماً منذ الطائف».



"لإعادة الملف إلى مكانه الطبيعي أي مجلس النواب"




بلال عبدالله

دعا عضو»اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله إلى إخراج موضوع اللامركزية الإدارية الموّسعة التي تحدث عنها إتفاق الطائف من البازار السياسي، مفترضاً أنّ الطائف لم يتحدّث عن لامركزية مالية، وقال لـ»نداء الوطن»: «إنّ اللامركزية الإدارية، حتى الموسّعة منها نصّ عليها إتفاق الطائف، ونحن ملزمون تطبيقها وتنفيذها، وهذا الموضوع كان مدار بحث في جلسات طويلة في لجنة فرعية في مجلس النواب وقد شاركت في جزء منها، أنجزنا قسماً من الإقتراح الذي كان تقدّم به الوزير السابق زياد بارود معدّلاً من قبل بعض الزملاء، حيث كان هناك أكثر من إقتراح قانون حينها وتوقفنا عند بعض المسائل الأساسية التي كانت مدار خلاف وستستمرّ، وهي في حاجة إلى نقاش أكثر وحوار بين القوى السياسية الممثّلة في مجلس النواب، ومنها مثلاً من يجبي؟ وعلى أي ضرائب تتمّ الجباية، الضرائب المركزية أم نحن في حاجة إلى وزارة مالية في كل قضاء؟ ومجلس القضاء المنتخب الذي يحتاج إلى موارد مالية، أي ضرائب ستكون من إختصاصه؟ هل كما هي الحال الآن عند البلديات أم تحتاج إلى تطوير بعض الشيء، أم ستقتطع من جباية الدولة؟ كذلك هناك سؤال مهمّ وأساسي هو: من ينتخب مجلس القضاء؟ هل المسجلون في دوائر النفوس كما الإنتخابات النيابية والبلدية أم المقيمون؟ وبأي حقّ ستحرم المقيم من الإنتخاب إذا كان يدفع الضرائب، خصوصاً أنّ هناك الكثير من المناطق، المقيمون فيها أكثر من أبناء المنطقة؟ وهناك أمور أخرى أيضاً لم نتمكّن من التوافق عليها».

ولفت عبدالله إلى أنّ «إدخال هذا الموضوع في البازار السياسي وسوق المقايضات السياسية في غير مكانه أبداً، لأنّه مطلب وطني مرتبط بتأمين حركة إنمائية دائمة، وهو وفقاً للطائف يجب أن يُحقق الإنماء المتوازن والتكافل والتضامن الإجتماعيين، فلا تستطيع اليوم وتحت عناوين وشعارات كالتي نسمعها، أن تجبي وتصرف في منطقتك، هذا يفتح نقاشاً طويلاً يبدأ منذ تأسيس لبنان إلى اليوم، وكيف صُرفت موازنات الدولة والتمييز بين المناطق، فلا داعي للدخول في هذا الملفّ، فنحن في إطار تجميع الصف الداخلي وتعزيز العيش الواحد، وحكماً هناك معايير اعتمدت حول نسبة مساهمة الدولة في الأقضية من أصل الجباية التي ستقوم بها، وهي مرتبطة بحجم المشاريع الموجودة وبعدد السكان والمساحة الجغرافية، وهي معايير علمية تم إعتمادها، ويُمكن استكمالها لكي لا يدخل هذا الموضوع في مغالطات وإجتهادات خارج إطار ما قصده المشرّع في الطائف».



وتابع عبدالله: «البعض أخذ الفكرة والمقترح إلى مكان آخر، فالمالية الموسّعة غير واردة في الدستور، وفي وضع كما لبنان، أعتقد أنها غير قابلة للتطبيق، لذلك نتمنّى إخراج هذا الملفّ من البازار السياسي والمزايدات السياسية من قبل كل الأطراف وإعادته إلى المكان الطبيعي، إلى مجلس النواب، وتشكيل لجنة فرعية جديدة بمشاركة كل القوى السياسية ويُناقش بهدوء كما كل القوانين التي تدرس في المجلس النيابي».

وتساءل: «لماذا سيُعطى أهمية على غيره من القوانين التي تُعتبر ربما أكثر إلحاحاً وأولوية، رغم أهمّيته؟ فأنا أعتبر أنّ قانون التقاعد والحماية الإجتماعية أهمّ منه، وكذلك قانون التغطية الصحّية الشاملة».


MISS 3