الضغط النفسي يُغيّر طريقة التواصل في دماغك

02 : 00

تنظّم الخلايا النجمية في الدماغ التواصل العصبي ويبدو أنها تتدهور بسبب الضغط النفسي على المدى الطويل!

تقول الدكتورة سي كيونغ جون ليو من كلية الطب التابعة لجامعة الصحة في نيو أورلينز: "قد تؤدي الأحداث الصادمة إلى اضطرابات عصبية ونفسية، منها القلق والاكتئاب والإدمان على الأدوية".

كانت ليو المشرفة الرئيسة على الدراسة الجديدة التي جرت على الفئران وكشفت طريقة واحدة على الأقل يستعملها الضغط النفسي لتغيير عمل الدماغ من الناحية الجسدية. نُشِرت النتائج في مجلة "جي نوروساي".

في هذا البحث، اكتشفت ليو أن حدثاً عصيباً واحداً قد يسبب تغيرات سريعة وطويلة الأمد في الخلايا النجمية. عند مواجهة الضغط النفسي، تنكمش الخلايا النجمية وتبتعد عن المشابك العصبية، ما يؤدي إلى تعطيل التواصل العصبي. تشير هذه المشابك إلى الهياكل التي تسمح للمعلومات بالانتقال من خلية إلى أخرى عن طريق الناقلات العصبية.

دور الخلايا النجمية والعصبية والمشابك الثلاثية


لا تكون جميع الخلايا الدماغية عصبية بطبيعتها، بل تتراوح نسبة الخلايا الدبقية بين 33 و66%. أعطاها العلماء هذا الاسم لأنهم كانوا يظنون في البداية أنها تضمن تلاصق الخلايا العصبية الدماغية بكل بساطة. لكن كشفت الأبحاث اللاحقة أن دورها لا يقف عند هذا الحد. تُعتبر الخلايا النجمية تحديداً النوع الأكثر وفرة من الخلايا الدبقية وتبدو أساسية لإنشاء روابط المشابك العصبية وصيانتها. تكون هذه الخلايا شبيهة بشكل النجوم ومزودة بأطراف تمتد نحو الخارج من مركز الخلية.

تنتج الخلايا العصبية الدماغية روابط أو "مشابك" وتتقاسم عبرها المعلومات عبر التبادلات الكيماوية. تطلق الخلية العصبية العليا ناقلات عصبية تتّصل بالمستقبلات على خلية ثانية سفلية. لكن تكون الخلايا النجمية الطرف الثالث في هذه العملية. يثبت البحث الأخير أن الخلايا العصبية تتدهور وتموت في نهاية المطاف حين تفتقر إلى الخلايا النجمية.

يُعتبر دور الخلايا النجمية في التواصل بين خليتَين عصبيتَين بالغ الأهمية ويصف العلماء هذا الرابط بعبارة "المشبك الثلاثي". يستكشف الباحثون حتى الآن دور الخلايا النجمية الكامل في الروابط المتشابكة، مع أنهم يعرفون جزءاً من مساهماتها.

حين تمدّ الخلايا النجمية أطرافها الدقيقة نحو الخارج كي تلامس الخلايا العصبية الشريكة والمتشابكة، تقوم بتنظيم عملية النقل المتداخلة عبر التفاعل مع المواد الكيماوية المُنشّطة والمثبطة في الخلايا العصبية. حتى أنها تزيل تراكم الناقلات العصبية غير النافعة بعد إيصال رسالتها. أخيراً، توفر الخلايا النجمية أيضاً مجموعة مغذيات إلى الخلايا العصبية وتحافظ على مرونتها وتساعدها على حماية الحاجز الدموي الدماغي.لاحظت ليو وفريقها أن الضغط النفسي يسبّب تغيراً طويل الأمد في الخلايا النجمية لدى الفئران بعد تعريضها لرائحة حيوان مفترس ولو لمرة واحدة. رداً على الضغط النفسي، أفرزت الفئران هرمون النورابينفرين الذي يقمع بدوره مساراً جزيئياً ينتج بروتين GluA1. يتحكم هذا البروتين بشكل الخلايا النجمية ومرونتها، فيسيطر تحديداً على امتداد أطراف كل خلية منها.

ما أهمية الدراسة؟

تقول ليو: "يؤثر الضغط النفسي على بنية الخلايا العصبية والنجمية ووظائفها. وبما أن الخلايا النجمية تستطيع تنظيم عمليات التبادل بين المشابك العصبية وتشارك في السلوكيات المرتبطة بالضغط النفسي، قد يكون منع التغيرات الحاصلة فيها بسبب الضغوط أو عكس مسارها طريقة محتملة لمعالجة الاضطرابات العصبية المتعلقة بالضغط النفسي. لقد رصدنا مساراً جزيئياً يسيطر على تركيب بروتين GluA1، ما يعني أنه يؤثر أيضاً على إعادة تصميم الخلايا النجمية خلال الأوقات العصيبة".

بعد رصد التداخل بين الضغط النفسي وهرمون النورابينفرين وبروتين GluA1، تأمل ليو في أن تطلق الاستنتاجات التي توصّل إليها فريقها مساراً علاجياً جديداً يستحق الاستكشاف. بحسب رأيها، تُمهّد هذه النتائج لابتكار أهداف دوائية جديدة للوقاية من التغيرات المرتبطة بالضغط النفسي أو عكسها.


MISS 3