العميد المتقاعد مارون توفيق خريش

الأمن الذاتي والحل القانوني

4 أيلول 2023

02 : 00

ما درج رؤساء الميليشيات على تسميته زوراً بالأمن الذاتي هو إعادة تكوين الميليشيات الطائفية للسيطرة على الشارع، لأن إنشاء أي تجمع عسكري خارج القوانين المعمول بها يعتبر حسب قانون العقوبات من الجنايات الواقعة على أمن الدولة التي تنقسم إلى قسمين:

*القسم الأول: أمن الدولة الخارجي، والقسم الثاني: أمن الدولة الداخلي (م 301 وما يليها)؛

كما تناول قانون العقوبات الجرائم الواقعة على السلامة العامة (م 322 وما يليها)؛ مثل جرائم الأسلحة والذخائر والتعدي على الحقوق والواجبات المدنية والجمعيات غير المشروعة وتظاهرات وتجمعات الشغب.

فعند وقوع هذه الجرائم يجب على النيابات العامة التدخل من تلقاء نفسها (d›office) ومن دون شكوى، وتوقيف المخالفين كائناً من كانوا وعلى كل سلطة مسلحة أن تتحرك فوراً وتعمل على قمع هذه المجموعات المسلحة وتسليم أفرادها إلى القضاء المختص لتطبيق القانون عليهم.

وزيادة في الحيطة ومن أجل ضبط الأمن عند تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن، أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة صدر المرسوم الإشتراعي رقم 52 تاريخ 5/8/1967 الذي ينص على اعلان حالة الطوارئ على جميع الأراضي اللبنانية أو المنطقة العسكرية في جزء منها، وذلك بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على أن يجتمع مجلس النواب خلال مهلة ثمانية أيام للنظر به حتى لو لم يكن في دورة عادية أو استثنائية. ومن مفاعيل اعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية:

أولاً: تولّي السلطة العسكرية العليا صلاحية المحافظة على الأمن ووضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة. وتقوم هذه القوى بواجباتها الأساسية وفقاً لقوانينها الخاصة وتحت إمرة القيادة العسكرية العليا.

ثانياً: إختيار السلطة العسكرية العليا، بقرار بعض العناصر من هذه القوى لتكليفها بمهام خاصة تتعلق بالعمليات الحربية والأمن وحراسة النقاط الحساسة وعمليات الانقاذ، وفي هذه الحالة تستفيد هذه العناصر من تعويض مباشرة العمليات الحربية المنصوص عنها في قانون الجيش. اي تعويضات الحجز على درجاتها.

ثالثاً: يصبح للسلطة العسكرية العليا الحق في:

1 - فرض التكاليف العسكرية بطريق المصادرة التي تشمل: الاشخاص والحيوانات والاشياء والممتلكات.

2 - تحري المنازل في الليل والنهار.

3 - إعطاء الأوامر بتسليم الأسلحة والذخائر والتفتيش عنها ومصادرتها.

4 - فرض الغرامات الاجمالية والجماعية.

5 - إبعاد المشبوهين.

6 - إتخاذ قرارات بتحديد أقاليم دفاعية وأقاليم حيطة تصبح الإقامة فيها خاضعة لنظام معين.

7 - فرض الإقامة الجبرية على الأشخاص الذين يقومون بنشاط يشكل خطراً على الأمن العام واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المعيشة لهؤلاء الاشخاص ولعائلاتهم.

8 - منع الاجتماعات المخلة بالأمن.

9 - إعطاء الاوامر بإقفال السينما والمسارح والملاهي ومختلف أماكن التجمع بصورة موقتة.

10 - منع تجول الأشخاص والسيارات في الأماكن وفي الأوقات التي تحدد بموجب قرار.

11 - منع النشرات المخلة بالأمن وفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والنشرات المختلفة والاذاعات والتلفزيون والافلام السينمائية والمسرحيات.

12 - تطبيق القواعد العسكرية المتعلقة بالأعمال الحربية عند تسيير الجنود لأعمال مسلحة وفي استعمال الاسلحة والمعدات بجميع الطرق التي تمكنهم من القيام بالمهمة الموكولة إليهم.

رابعاً: تحال أمام المحكمة العسكرية الجرائم الواقعة على أمن الدولة وعلى الدستور وعلى الأمن والسلامة العامة.

خامساً: يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى سنة وبالغرامة أو باحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف الأوامر والقرارات والتدابير المتخذة بناء لاحكام المادة 4 من المرسوم الاشتراعي المذكور أو يحول دون تنفيذها بعمل ايجابي أو سلبي.

سادساً: يعاقب بالاعتقال الموقت كل من يقوم او يحاول القيام:

- بأي نشاط أو عمل لمصلحة شخص معنوي غير مرخص له أو غير مؤسس حسب القانون أو مقرر حله.

- أو يقوم أو يحاول القيام بأي نشاط أو عمل، باسم هذا الشخص المعنوي أو بوسائله، أو يحرض على القيام به بأية وسيلة من الوسائل.

- فوق ذلك يتعرض الشخص المعنوي نفسه للعقوبات وتدابير الاحتراز التي يمكن انزالها بالأشخاص المعنويين وفقاً للقوانين اللبنانية المرعية الإجراء.

فهل هناك أوضح من قانون العقوبات أو قانون اعلان حالة الطوارئ؟ وهل يبقى في حال تطبيق مواد هذين القانونين حاجة للأمن الذاتي أو لإنشاء ميليشيات طائفية مسلحة تكنّ العداء والبغضاء لباقي الطوائف وتهدد السلم والأمن في لبنان؟ ألا ترى معي يا عزيزي المواطن أنّ الحالة التي نمر بها تستوجب ضبط ما يجري على الأرض من تسيُّب أمني وتفلُّت للمسلحين ولمجموعات الموتورين بسبب شد العصب الطائفي من هنا وهناك؟


MISS 3