بثّ الطاقة الشمسية من الفضاء إلى الأرض قد يتحقق قريباً

02 : 00

ظهرت فكرة الطاقة الشمسية الفضائية منذ أواخر الستينات على الأقل، وهي تشير إلى استعمال الأقمار الاصطناعية لجمع الطاقة من الشمس وتوجيه شعاعها نحو نقاط تجميع على كوكب الأرض.

يحمل هذا المفهوم قدرات واعدة، لكنه لم يحصد اهتماماً كافياً بسبب كلفته العالية والعوائق التكنولوجية التي ترافقه. إذا عولجت هذه المشاكل اليوم، قد تصبح الطاقة الشمسية الفضائية جزءاً أساسياً من حقبة انتقال العالم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الخضراء.

يتطلب توجيه الطاقة المُجمّعة من الفضاء نحو الأرض نقل الطاقة بطريقة لاسلكية. يؤدي استعمال الموجات الصغرية لإتمام هذه العملية إلى تقليص الطاقة المفقودة في الغلاف الجوي، حتى لو كانت السماء ملبّدة بالغيوم.

يتركّز شعاع الموجات الصغرية التي يرسلها القمر الاصطناعي باتجاه المحطة الأرضية، حيث تُحوّل الهوائيات الموجات الكهرومغناطيسية إلى كهرباء. يجب أن يبلغ قطر المحطة الأرضية 5 كيلومترات أو أكثر في خطوط العرض العليا. لكن يبقى هذا الحجم أصغر من المساحات الأرضية اللازمة لإنتاج الكمية نفسها من الطاقة عبر استعمال الشمس أو الرياح.

قد تلعب الطاقة الشمسية الفضائية دوراً أساسياً لبلوغ الانبعاثات الصفرية التي تطمح لها المملكة المتحدة بحلول العام 2050، لكنها ليست جزءاً من استراتيجية الحكومة حتى الآن.

تكشف دراسة مستقلة أن هذه الطاقة قد تنتج حتى 10 جيغاوات من الكهرباء بحلول العام 2050، ما يساوي ربع الطلب الحالي في بريطانيا. تُعتبر الطاقة الشمسية الفضائية إذاً خياراً آمناً ومستقراً لتأمين إمدادات الطاقة.

حتى أنها قد تطلق قطاعاً بقيمة مليارات الجنيهات وتؤمّن 143 ألف فرصة عمل في أنحاء البلد. تُقيّم وكالة الفضاء الأوروبية راهناً احتمال استعمال الطاقة الشمسية الفضائية في إطار مبادرة «سولاريس»، وقد تطرح لاحقاً خطة شاملة لتطوير هذه التكنولوجيا بحلول العام 2025.

في غضون ذلك، أعلنت بلدان أخرى حديثاً أنها تنوي بث الطاقة نحو الأرض بحلول العام 2025 وتريد الانتقال إلى أنظمة أكبر حجماً خلال العقدَين المقبلين. لكن إذا كانت التكنولوجيا جاهزة فعلاً، ما الذي يمنع استعمال الطاقة الشمسية الفضائية؟ يتعلق العائق الرئيسي بحجم الكتلة الضخمة التي يُفترض أن تنطلق نحو الفضاء وكلفتها مقابل كل كيلوغرام.

تعمل شركات مثل SpaceX وBlue Origin على تطوير مركبات إطلاق ثقيلة وتُركّز على إعادة استعمال قطع من تلك المركبات بعد إطلاقها. هذه العملية قد تُخفّض كلفة المشروع بنسبة 90%. ستكون أي مهمّة قائمة على الطاقة الشمسية الفضائية شاقة، ولا بد من تقييم جميع المخاطر المطروحة. قد تكون الكهرباء التي يتم إنتاجها صديقة للبيئة بالكامل، لكن يصعب توقّع تداعيات التلوث الناجم عن إطلاق مئات المركبات الثقيلة.

على صعيد آخر، تتطلب السيطرة على بنية واسعة في الفضاء كميات كبيرة من الوقود، وتستلزم هذه العملية أن يستعمل المهندسون أحياناً مواد كيماوية سامة جداً. لا مفر من أن تتأثر الألواح الشمسية الكهروضوئية بالتدهور الحاصل، فتتراجع الفاعلية مع مرور الوقت بنسبة تتراوح بين 1 و10% سنوياً. لكن يمكن استعمال الخدمات المتاحة وإعادة التزود بالوقود لإطالة صلاحية القمر الاصطناعي إلى أجل غير مُسمّى.

كذلك، قد يقضي شعاع الموجات الصغرية على كل ما يعترض طريقه إذا كان قوياً بما يكفي كي يصل إلى الأرض. حفاظاً على السلامة العامة إذاً، يجب أن تبقى كثافة قوة الشعاع تحت السيطرة.

قد تبدو مصاعب بناء هذا النوع من المنصات في الفضاء مخيفة، ومع ذلك يبقى استعمال الطاقة الشمسية الفضائية ممكناً من الناحية التكنولوجية. لكن يجب أن يصبح المشروع ممكناً على المستوى الاقتصادي أيضاً عبر اللجوء إلى هندسة واسعة النطاق، ما يعني أن تقوم الحكومات ووكالات الفضاء بالتزامات حاسمة وطويلة الأمد.

في مطلق الأحوال، قد تسهم الطاقة الشمسية الفضائية في بلوغ الانبعاثات الصفرية المنشودة بحلول العام 2050 عبر استخدام طاقة مستدامة ونظيفة انطلاقاً من الفضاء.


MISS 3