من هو أفضل مرشّح هندي معارِض لهزم ناريندرا مودي؟

02 : 00

انتهت الانتخابات البرلمانية الهندية في السنة الماضية بنتيجة واضحة: لم يحقق حزب "بهاراتيا جاناتا" الفوز مجدداً بكل بساطة، بل اتّضح أن خصمه الوحيد، أي "المؤتمر الوطني الهندي"، يفتقر إلى القوة والشعبية والوجهة الواضحة والقيادة القوية والكاريزما. في المقابل، أتقن قائد حزب "بهاراتيا جاناتا" ورئيس الوزراء الهندي الحالي ناريندرا مودي فن الترويج المتواصل لنفسه. لذا يجب أن يختار خصومه مرشحاً قوياً يستحق أن يصبح رئيس الحكومة المقبل.



لن نطلق تخمينات حول هوية منافس مودي في العام 2024. حتى "المؤتمر الوطني الهندي" لا يعرف هويته بعد نظراً إلى التخبط الذي يشهده هذا الحزب. لكن ما هي مواصفات المرشحين الأوفر حظاً ضد رئيس الحكومة الهندي الحالي؟

لن تحصل الانتخابات العامة المقبلة قبل أربع سنوات، لكن بدأ البحث عن المرشح المثالي منذ الآن. تتعلق واحدة من نقاط ضعف "المؤتمر الوطني الهندي" بسيطرة الحرس القديم على أعلى مراتبه، وترفض هذه الجهات التنحي والسماح بتجديد قيادة الحزب. طوال سنوات، كان الموقع القيادي فيه يعود إلى "الملكة وراء الكواليس"، سونيا غاندي، التي جهّزت ابنها راهول غاندي ليصبح وريثاً لها. لكن بعد سلسلة من الهزائم التي أضعفت الحزب في آخر ست سنوات، استقال راهول من منصب رئيس الحزب في العام 2019 ويبدو أنه مصرّ على قراره.

في الوقت الراهن، أصبحت مسؤولية تجديد مسار الحزب على عاتق الملكة سونيا غاندي مجدداً. لكن يقال إن رئاستها للحزب راهناً إجراء موقّت، حتى إيجاد قائد جديد. يمكن الحفاظ على هذه السلالة إذا اختارت سونيا ابنتها بريانكا غاندي فادرا لتولي هذا المنصب. أو قد تُنقَل هذه المسؤولية إلى عدد من كبار القادة بعدما تعاونوا عن قرب مع سونيا في السنوات الأخيرة. لا يحب أحمد باتيل، أحد أقرب المسؤولين إليها، الظهور في العلن، لذا من المستبعد أن يتولى ذلك المنصب. في المقابل، يتم التداول باسم آخر من هذه الجماعة: ماليكارجون كارجي.

لكن قد لا يكون أيٌّ من هذه الخيارات مناسباً. لا يكفي أن يتمتع المرشح القادر على هزم مودي بالكاريزما، بل يجب أن يكسب هيبة الزعيم القوي ويحمل سجلاً طويلاً في الحكم الفعال. قبل أن يصبح ناريندرا مودي رئيس الحكومة في العام 2014، كان رئيس وزراء ولاية "غوجارات" لأكثر من 12 سنة. وبحلول موعد الانتخابات المقبلة، سيكون قد شغل منصب رئيس الحكومة طوال عشر سنوات. بالتالي، لا يمكن أن ينافسه أي مرشح يفتقر إلى الخبرة في الإدارة العامة. سيشكك حزب "بهاراتيا جاناتا" وجزء من الناخبين دوماً بمؤهلات أي مرشّح مماثل.

باستثناء كارجي، لا يتمتع أي من السياسيين المذكورين بالخبرة اللازمة. ارتكبت سونيا غاندي خطأً مريعاً لأنها لم تُعيّن راهول غاندي وزيراً في الحكومة مع أنه بقي في أوساط السلطة طوال 10 سنوات (بين 2004 و2014). مع ذلك، تبرز أسماء مرشحين آخرين من بين القادة المحليين. لقد أثبت هؤلاء أنهم يستطيعون الفوز في انتخابات الولايات اليوم، رغم تخبّط الحزب. يحصد هؤلاء السياسيون على الأرجح دعم الناس ميدانياً في مناطقهم أكثر من عدد كبير من أعضاء القيادة المركزية في الحزب.




راهول غاندي



أماريندر سينغ



بهوبيش باغيل



أشوك جيهلوت



بعبارة أخرى، لا تقتصر المؤهلات المطلوبة على الخبرة، بل يجب أن يخوض المرشّح تجارب جديدة ويفوز بالانتخابات ضد حزب "بهاراتيا جاناتا" بقيادة مودي. لا شك في أن عدداً من الأعضاء القدامى في "المؤتمر الوطني الهندي" يتمتع بخبرة سياسية واسعة. لكنهم كانوا يفوزون بالانتخابات في حقبة ما قبل مودي، حين كان حزبهم قوياً و"بهاراتيا جاناتا" فاشلاً. اليوم، يوجّه مودي والمسؤولون عن علاقاته العامة مسار النقاش العام، وعلى "المؤتمر الوطني الهندي" أن يجيد الرد على هذا الوضع. سبق وفاز عدد من كبار قادة الحرس القديم في الانتخابات وشغلوا مناصب وزارية في الماضي، منهم ماليكارجون كارجي وموكول واسنيك (يقال إنه مرشّح لرئاسة الحزب). لكنهم خسروا الاستحقاقات الانتخابية في عهد مودي منذ العام 2014 ويعملون على تعديل بنية الحزب في السنوات القليلة الماضية.

يحكم "المؤتمر الوطني الهندي" ثلاث ولايات هندية فقط بشكلٍ مستقل اليوم ويمكن التفكير برؤساء الوزراء هناك كمرشحين للمنصـــب، منهم أماريندر سينغ (البنجاب) وبهوبيش باغيل (شاتيسغار) وأشوك جيهلوت (راجستان). لكنّ أول اسمَين ليسا جزءاً من "لجنة عمل المؤتمر" التي تتخذ أهم القرارات باسم الحزب، ما قد يشير إلى ضعف مكانتهما نسبياً. بالتالي، يبدو جيهلوت أوفر حظاً منهما. حين استقال راهول غاندي، ادّعت وسائل الإعلام أن جيهلوت يستعد ليصبح رئيس الحزب (لكنه عاد وأنكر هذا النبأ وأعلن أنه لا يهتم بهذا المنصب). صرّح رؤساء الوزراء الثلاثة بأن راهول غاندي يجب أن يبقى رئيس الحزب، وتمسك جميع قادة "المؤتمر الوطني الهندي" بهذا الموقف علناً. لكن لا يعني ذلك أنهم لن يقبلوا بذلك المنصب إذا سنحت لهم الفرصة.

تلطخت سمعة زعيم محلي آخر اسمه كمال ناث نتيجة دوره في أعمال الشغب المعادية للسيخ في العام 1984 (مع أن اتهاماً مشابهاً ضد مودي لم يمنعه من بلوغ منصب رئيس الحكومة). حين كان "المؤتمر الوطني الهندي" بقيادته، هزم حزب "بهاراتيا جاناتا" بفارق بسيط في العام 2018 خلال الانتخابات في ولاية "ماديا براديش" وأصبح ناث رئيس وزراء تلك الولاية حينها، لكنه خسر في نهاية المطاف فرصة اكتساب خبرة إضافية في أعلى مراتب السلطة حين أطاح حزب "بهاراتيا جاناتا" بحكومته في شهر آذار من هذه السنة عبر الاستيلاء على جزء من السلطة التشريعية.

يحتاج "المؤتمر الوطني الهندي" إلى تجديد شامل لإقناع الناخبين بأنه يستطيع تقديم طرح جديد وعملي. لتحقيق هذا الهدف، يستطيع الحزب أن يختار قائداً أصغر سناً لتولي رئاسته و/أو لترشيحه لمنصب رئيس الحكومة. يجب أن يكون هذا المرشّح أصغر من الحرس القديم وألا ينتمي إلى السلالة التي تحكم الحزب، إذ يُعتبر راهول وبريانكا غاندي من "القادة الشبان". في "المؤتمر الوطني الهندي" وحزب "بهاراتيا جاناتا" معاً، تتراوح أعمار الجيل "الشاب" بين 40 و50 عاماً. لكن من المستبعد أن يسمح الحرس القديم بهذا التحول.

لكن في حال التفكير بقائد مماثل، قد يختار الحزب ساشين بيلوت، نائب رئيس وزراء راجستان راهناً. هو يتمتع بالخبرة في القتال والانتخابات وفي الشؤون الإدارية أيضاً. لكن يصعب أن يوافق رؤساؤه على هذا الخيار، منهم أشوك جيهلوت، لأن هذين السياسيَين يتعاونان ويتنافسان في الوقت نفسه داخل ولايتهما.





في مطلق الأحوال، قد يكون أماريندر سينغ الأفضل بين هذه الأسماء. هو رئيس وزراء البنجاب منذ ثلاث سنوات (وشغل هذا المنصب طوال خمس سنوات في الماضي). لكن يجب أن يفوز بانتخابات الولاية في العام 2022 لتحسين حظوظه. هو قائد مرموق أيضاً ولن يعتبره أحد قليل الخبرة عند طرحه كمنافس لمودي. كذلك، يُعتبر سينغ زعيماً قوياً وهو جندي سابق ومعروف بانتقاداته القوية لباكستان (هذا الرأي دفعه إلى خوض خلافات علنية مع زميله في الحزب، نافجوت سينغ سيدهو، في فرع البنجاب التابع لحزب "المؤتمر الوطني الهندي"). إنه جانب مهم لمواجهة "بهاراتيا جاناتا" ومودي الذي يشدد في معظم خطاباته على قدرة معسكره على الدفاع عن الهند في وجه باكستان أكثر من الجهات الأخرى. قد يجد مودي صعوبة في التفوق على سينغ، في هذا الموضوع على الأقل.

أخيراً، تفترض هذه الأسماء كلها أن يتمكن "المؤتمر الوطني الهندي" من إنشاء تحالف قادر على هزم حزب "بهاراتيا جاناتا" وأن يحافظ على أهميته لطرح مرشح لرئاسة الحكومة أمام حلفائه. لكن حتى هذا الهدف ليس مؤكداً نظراً إلى التخبط الذي يشهده الحزب راهناً. لذا قد ينشأ سيناريوان: أولاً، قد يتراجع عدد المنتسبين إلى "المؤتمر الوطني الهندي" لدرجة أن يعجز عن أداء دور قيادي في أي تحالف واسع ضد "بهاراتيا جاناتا"، فيضطر لدعم زعيم من حزب إقليمي آخر كمرشح لمنصب رئيس الحكومة. ثانياً، قد يصبح "المؤتمر الوطني الهندي" مهمشاً بالكامل، فيأخذ حزب آخر مكانته (مع أن هذا السيناريو يحتاج إلى أكثر من أربع سنوات). إلى حين تحقق أحد السيناريوين، لن يجد أعضاء حزب "بهاراتيا جاناتا" ومودي، بأموالهم الطائلة وعلاقاتهم العامة القوية، منافساً حقيقياً. حتى الآن، يبدو أن ناريندرا مودي لن ينافس إلا نفسه!


MISS 3