سيلفانا أبي رميا

قبطان MEA يشارك يوميّاته ونصائحه

هاروت أرتينيان: أستهدف من يعاني من رهاب الطيران

13 أيلول 2023

02 : 01

يتصدّر السفر عالمياً لائحة النشاطات الأكثر متعةً التي يمكن للمرء ممارستها. وعلى الرغم من التعليمات المكثفة التي نسمعها ونشاهدها قبيل إقلاع الطائرة، إلا أن الكثير من الأسئلة لا تزال حتى اليوم ترافق الركاب وتقلقهم ولم يجدوا لها أجوبةً شافية. لذلك قرّر قبطان طائرة تابع لطاقم «طيران الشرق الأوسط» أن يجنّد خبراته وتجاربه اليومية ويحوّلها إلى فيديوات انتشرت بشكلٍ واسع على مواقع التواصل، وتمكنت من أن تقطع شوطاً كبيراً في إرشاد المسافرين وطمأنة من يعانون رهاب الطيران. وفي حديث لـ»نداء الوطن» حلّق بنا هاروت أرتينيان إلى عالمه الخاص الذي يجمع بين قيادة الطائرة وإلهام متابعيه حول العالم.



أين تكمن صعوبات عالم الطيران وجماليّته؟

عدا عن الصعوبات التقنية التي ترافق مهنتنا، تأتي المسؤولية التي نضعها على عاتقنا في أولوية الصعوبات التي يواجهها قبطان الطائرة حيث يكون مسؤولاً خلال كل رحلة عن حوالى 200 راكب لم يلتقهم من قَبل. هم أشخاص يأتمنوننا على أرواحهم من دون أي يتعرّفوا الينا حتى، الأمر الذي يتطلّب درجات عالية من التركيز والوعي والجهد.

كذلك، نمط الحياة الذي يرافق مهنتنا ليس بالسهل أبداً. فلا دوام أو أيام فرص ثابتة، بحيث تصبح حياتنا بكل تفاصيلها ومواعيدها متوقفة على برنامج رحلاتنا، فنخسر الكثير من مشاركاتنا الإجتماعية والمناسبات التي تجمعنا بالعائلة والأصدقاء كأعياد الميلاد والأعراس وغيرها. كما أن جدول النوم يصبح صعباً ومتطلباً ونحتاج للكثير من الوقت لنتأقلم مع مواعيده الجديدة في كلّ مرة.

في المقابل، أجد في الطيران متعةً لا توصَف، يكمن جمالها في المناظر النادرة التي نراها على ارتفاع يلامس الـ36 ألف قدم وأكثر، من معالم سياحية وجزر وبحار وجبال. كذلك تلعب عبارات الإرتياح وكلمات الشكر والتصفيق التي تنهال علينا من الركاب بعد هبوطٍ صعب، دوراً في شعورنا بأهمية ما نقوم به وتُعطي تعبنا حقه.



هاروت أرتينيان


كيف قرّرت إطلاق صفحاتك عبر مواقع التواصل؟

منذ حوالى الثلاثة أشهر، لاحظت غياب الحسابات والمنصات الإرشادية حول الطيران في المنطقة العربية، فقرّرت إطلاق حساب توعوي يفسّر للناس بلغة سهلة وبسيطة بعيدة عن التعقيد والعبارات التقنية الصعبة، كل ما يتعلّق بعالم الطيران وأسراره والإجابة على أسئلة يطرحها أي راكب وتشكّل هاجساً مقلقاً له. منذ البداية، حرصت على الظهور دائماً بصورة جدية ومحترمة تليق بمجالي وصورة الشركة التابع لها، بعيداً عن المزاح الذي يحيّر المشاهد ويجعله ينفر من المحتوى، فأرتدي زي الطيران الرسمي وأسرد الوقائع كما يجب.

ماذا عن تفاعل المتابعين؟

أشارك الفيديوات نفسها على 7 منصات هي «إنستغرام»، «فيسبوك»، «تيك توك»، «أكس»، «سناب شات»، «لينكد إن» و»يوتيوب» كي أتمكن من الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من العالم. وتفاجئت من التفاعل الكبير الذي تلقّته صفحتي في وقت قصير جداً، حتى بات المتابعون من مختلف أرجاء العالم ينتظرون فيديواتي ويسألونني عن الموضوع التالي. حتى الساعة، يتابعني 40 ألف شخص على «إنستغرام» و60 ألفاً على «تيك توك» و22 ألفاً على «فيسبوك» والعدد إلى ارتفاع سريع. كما أتلقى يومياً ما يفوق الـ300 رسالة خاصة أحاول جاهداً الإجابة عليها كلها.



أرتينيان مع وائل كفوري



ما الهدف من فيديواتك؟

هدفي الأول هو التوعية في ظل المعلومات المضلّلة المنتشرة بكثرة عبر الإنترنت. وعليه، أقوم بتقسيم المحتوى إلى جزءين: أوّلهما يتناول المواضيع المتعلّقة بالسياحة والثاني يتطرق إلى كل ما له علاقة بالطيران والطائرات، فأعطي عبرها نصائح وحلولاً كما أوضح حقيقة المعلومات الخاطئة. كذلك، أستهدف المصابين برهاب الطيران لأساعدهم على تخطّي خوفهم هذا.

مع العلم أنّ نشري للمعلومات لا يتوقف على وسائل التواصل بل أقوم أيضاً بزيارة المدارس وتوعية الطلاب وإلقاء المحاضرات في مؤتمرات ولقاءات حول الطيران.

لماذا على الناس الإطمئنان في الطائرة؟

يأخذ رهاب الطيران حيّزاً كبيراً من فيديواتي، وللمصابين به أقول إنّ نسبة من يموتون جراء حادث سيارة أكبر بكثير من ضحايا حوادث الطيران، وإنّ العالم يشهد يومياً ما لا يقلّ عن 200 ألف رحلة طيران، يقابلها سنوياً أقل من 10 حوادث طائرات. ومن المفضّل دائماً صرف الإنتباه خلال الرحلة عبر سماع الموسيقى المريحة، أو قراءة الكتاب المفضل أو مشاهدة فيلم. كما ننصح من يخاف من الطيران تجنُّب السفر لوحده، وأن يسمح لنفسه بالاطلاع على كل ما يتعلّق بقِطع الطائرة وطريقة تشغيلها والأصوات الصادرة منها.

كيف تجد الوقت الكافي والأفكار للتصوير؟

أقوم بتحميل فيديو واحد كل يوم من دون توقّف، من الإثنين إلى الجمعة، فيما أترك نهاية الأسبوع للمسابقات والألغاز. وعليه، أخصّص يوم عطلتي لتصوير بين 5 و10 فيديوات وتحضيرها لتصبح جاهزة للمشاركة. أما الأفكار فأستقي بعضها من أسئلة الناس من حولي والبعض الآخر من تجاربي اليومية في الرحلات، فالطيران محيط واسع جداً من المعلومات والحقائق المتجددة.



أرتينيان مع جورج وسوف



ما الاستراتيجية التي تتّبعها في الفيديوات؟

أحرص على ألا يتعدّى الفيديو 30 ثانية، وأضمّنه 4 عناصر: سؤال ألفت فيه انتباه المشاهد، طرح المشكلة، الحلّ والجملة التي أُنهي بها الفيديو وهي: «للطيران والسفر يفوت على كل البيوت، بايلوت هاروت». وعلى الرغم من الصعوبة الكبيرة التي أواجهها في حصر المعلومة وإيصالها واضحةً خلال 30 ثانية فقط، إلا أن المحتوى القصير برهن هيمنته ونجاحه وانتشاره بشكل أسرع بين الناس.

ما أكثر ما يزعجك كقبطان طائرة؟

أكره تأجيل الرحلات، فأنا شخص ملتزم بالوقت والمواعيد وأفضّل الأمور المنظَّمة. لكن يبقى الأسوأ والأكثر إزعاجاً تأخّر الركاب في الصعود إلى الطائرة على الرغم من مناداتهم بالأسماء، إستخفافاً بالإجراءات ومحاولةً منهم للإسترخاء في الـlounge أو إنهاء التبضّع في المنطقة الحرة، متناسين تعب الطاقم وجدول ووقت الركاب الآخرين.

أين يقع المقعد الأفضل في الطائرة؟

ستتفاجأون إذا قلت لكم إنّ ليست كل المقاعد المريحة والآمنة موجودة في درجة رجال الأعمال فحسب كما يسري الإعتقاد. ففي حالات المطبات الهوائية والطقس المضطرب، تبقى المقاعد الموازية لجناحَي الطائرة هي الأفضل والأكثر ثباتاً لأن ثقل الطائرة الأساسي يتركز في هذه المنطقة ما يخفف إحساس الجالس بمقاعدها بقوة التخبّط.

كما أنصح كل من يبحث عن رحلة مريحة أن يختار المقعد المخصّص للخروج في حالات الطوارئ Emergency Exit Seat، فالمساحة أمامه واسعة ومريحة جداً.

ما الأسرار التي تشاركنا إياها عن الطيران؟

يهمني أن أوضح للركاب أننا لسنا آخر من يصل ويصعد على الطائرة كما يعتقد الجميع بل نحضر إلى المطار قبل ساعتين أو أكثر للإشراف على فحص الطائرة والوقود ودراسة مسار الرحلة من حالة الطقس وحركة الملاحة والنشاطات العسكرية الممكنة والتحضير لكل ما يلزم قبل الإنطلاق.

سرّ آخر لا يعرفه كثيرون عن أفضل أوقات للطيران وهي أنه مسار الرحلات نحو الشرق أطول من تلك التي تتجه نحو الغرب. فالتوجه إلى أوروبا يأخذ وقتاً أطول من العودة منها، الأمر الذي يجيب على تساؤل الركاب الدائم عن أسباب تفاوت طول الرحلات. كذلك، نؤكد ونطمئن الركاب أنّ ما من طائرة تُهمل أو تُترك من دون الفحص الروتيني المطوّل قبل وبعد كل رحلة. وسأشاركهم معلومة ستحبونها، وهي أنه وفي طريق عودتكم إلى بيروت بعد غربة طويلة، إحرصوا على اختيار المقاعد في جهة اليسار (أي خلف الكابتن) ما سيمكّنكم من رؤية العاصمة كاملةً بمناظر تخطف الأنفاس من صخرة الروشة والمنارة وغيرهما.




مع جاد ابو كرم


MISS 3