سيلفانا أبي رميا

الطيران الشراعي... علامة فارقة في سماء جونيه

المدرّب إيلي القبرصي: للزبائن حق بطلب الترخيص قبل الطيران

30 تشرين الأول 2023

02 : 00

فوق خليج جونيه

كتمثال السيدة العذراء الشامخ على أعلى الجبل وعربات التليفريك التي لا تنام، نجحت الطائرات الشراعية بدخول مشهد سماء جونيه حتى باتت كلّها لوحة كسروانية محفورة في أذهان اللبنانيين والسيّاح. ونادراً ما تمرّ على أوتوستراد جونيه ولا تستوقفك الرحلات الطائرة في سمائها بكثير من الألوان والحياة. «نداء الوطن» التقَت المدرّب الجبيلي إيلي القبرصي، مؤسّس نادي Paragliding Lebanon الذي تحدّث عن شروط وأسرار هذا العالم الذي دخله منذ 24 سنة، وعن الممارسات غير القانونية التي تهدّد حياة البعض.



كيف دخلت عالم الطيران الشراعي؟

بدأت تدريباتي الأولى في العام 1998 ثمّ استحصلت على شهادة تدريب في الطيران الشراعي سنة 1999، وكثّفت بعدها تجاربي وتدريباتي كمُبتدئ في هذا العالم المميز الذي يفصلك عن كل ما حولك ويستحوذ بلحظات على اهتمامك. في الاساس، كنت أعمل في مجال ميكانيك السيارات، وبعد تعمّقي في زوايا الطيران أهملت هذه المصلحة ولم أعد أجد لها وقتاً.

متى انطلق الطيران الشراعي في غوسطا؟ ولماذا جبل حريصا بالذات؟

كنّا في البداية نقوم بتنفيذ طيراننا في مناطق الأرز ومزيارة الحاصلة على ترخيص من غرفة عمليات الجيش اللبناني. أما غوسطا فاكتشفناها موقعاً رائعاً للطيران الشراعي في العام 1992، اذ يشكل جبل حريصا نقطة مثالية لنا بسبب اتجاه الهواء من البحر نحو الجبل وارتفاعه قليلاً لجهة الغرب ما يعطيه المقوّمات المطلوبة لرحلة متكاملة فوق خليج جونيه، عدا عن المناظر الخلابة التي يمكن الإستمتاع بها من فوق كمنظر البحر والجبال والتليفريك والمراكب والسفن وغيرها.

ما الإرتفاع الذي تقفزون عنه وكم مدة الرحلة؟

نقوم بالقفز عن ارتفاع 740 متراً بالتحديد. أما مدة الرحلة فتختلف بحسب قوة واتجاه الهواء، لكن إجمالاً إذا كان مستقراً وسرعته لا تتعدّى الـ30 كيلومتراً في الساعة تستغرق الرحلة ما بين 20 و25 دقيقة. ولا نسمح لمن يخوض هذه التجربة لاول مرّة أن يبقى في الهواء لأكثر من 25 دقيقة كي لا يعاني من ما نسمّيه بـ»دوخة البحر» وهو مزيج من الدوار والقيء. وفي حال غياب الهواء نهائياً، نقلع بسرعة صفر أي أنّنا نركض من أعلى الجبل ونحلق، وعندها تستمرّ الرحلة ما يقرب الـ10 دقائق.





ما شروط ركوب الطيران الشراعي؟


يمكن لأي شخص بأي عمر كان، طفلاً حتى أو مسنّاً، خوض تجربة الطيران الشراعي، على أن لا يتعدّى وزنه الـ110 كيلوغرامات. حتى أننا مجهّزين بمعدّات خاصة لاستقبال ذوي الإحتياجات الخاصة والطيران بهم في رحلة أكثر من ممتعة. ويمكن لمرضى القلب والضغط والنساء الحوامل في الشهر الخامس وما دون، الطيران معنا.

كما ننصح دائماً زوّارنا بارتداء ملابس مريحة تناسب الطقس الآني وتجنُّب الوجبات الدسمة والكحول قبل الإقلاع لتعارضها مع ارتفاع الأدرينالين في الجو ما يسبب شعوراً بالإزعاج والحاجة إلى التقيّؤ. ويهمّني أن أذكر أنّ هذه الرياضة باتت تُستخدم لعلاج فوبيا الطيران والمرتفعات عند المرضى، كونها تعزّز الثقة بالنفس.

كم يبلغ عمر أكبر شخص وأصغره طار معكم؟

تشرّفنا بالطيران مع سيدة تبلغ من العمر 82 سنة، وكانت الرحلة ممتعة جداً لتمتُّعها بشخصية قوية وارادة صلبة وروح مرحة. أما أصغر من طار معنا فكان طفلاً يبلغ من العمر 4 سنوات فحسب.

كم رحلة تنجزون يومياً؟

يتألف فريقنا من 50 مدرّباً، إلا أنّ عدد رحلاتنا اليومية يحدّدها الهواء فحسب، فإذا كان إتجاهه غير مناسب يمرّ يومنا من دون أي عملية إقلاع وهبوط، أما إذا كان الطقس ملائماً فننجز نحو الـ7 رحلات.

ما أهمية الصيانة في مهنتكم؟

الصيانة أساس مهنتنا، ويتحمّل كل فرد منّا مسؤولية مراقبة شراعه والمحافظة عليه وطلب تصليحه فور بروز اي تمزُّق أو عطل مهما كان صغيراً. فكلٌّ منا تدرّب على تجنيب شراعه النزول في الماء والتمزّق عند ملامسته أرضاً وعرة.

عادةً ما تتطلّب قواعد السلامة العامة منّا تبديل الشراع مع نهاية كل سنة، كما أقوم بالإجمال بأعمال الصيانة من درز وتربيط، التي اكتسبتها عبر خبرة 24 سنة ولا أملك شهادةً فيها.



مسيرة 14 عاماً



هل تتطلّب رحلاتكم تراخيص معيّنة؟

بالطبع، نحن ملزمون يومياً بطلب إذن بالطيران من قسم العمليات الجوية. وفي أيام كثيرة لا نحصل على الإذن والتراخيص منهم خصوصاً إذا كان هناك عمليات طيران لمروحيات فوق المنطقة.

كذلك، بالرغم من وجود تأمين يغطّي كل رحلة بنسبة 100%، إلا أننا نقوم قبل كل إقلاع بالحصول على توقيع رفع مسؤولية من الزبائن خصوصاً من هم دون السنّ القانونية.

ما الصعوبات التي تواجهونها وهل من مخاطر تذكر؟

لتفادي أي عرقلات وصعوبات، نطلب من الأشخاص الحجز مسبقاً لتنظيم جداول الطيران. أمّا الصعوبة الأكبر فتكمن بأصحاب الوزن الثقيل (فوق الموصى به)، الراغبين في خوض هذه التجربة، ما يتطلّب منّا انتظار سرعة هواء وضغط كبيرين لانطلاق الشراع.

كذلك، ننتظر يومياً تحديد نوع الغيوم وسماكتها ودرجة سوادها، لمعرفة ما إذا كنّا سنتمكن من إنجاز رحلاتنا. ففي فصل الشتاء، غالباً ما تتوقف رحلاتنا بسبب الغيوم السميكة التي نُطلق عليها إسم Curbilos وهي نوع قطبي تمنع الطيران الشراعي بسبب قدرتها على سحب الأشخاص ورميهم في مناطق بعيدة وإفقادهم السيطرة على شراعهم. واذا التزم المدرّب بقواعد السلامة هذه، فلا تحمل هذه التجربة أي مخاطر تذكر.

كم تكلفة الرحلة للشخص الواحد؟

في البداية كان تكلفة الرحلة للشخص الواحد تبلغ 100 دولار أميركي، ثم أصبحت 120 ووصلت الى 150 دولاراً. ومع الأزمة الإقتصادية وانهيار العملة باتت 80 دولاراً أميركياً اليوم.

هل تحاولون التوسّع إلى خارج كسروان؟

بالتأكيد، فنحن نسيّر بعض الرحلات من مناطق أخرى إلا أنّ الطلب الأكبر يتمركز في غوسطا. فمثلاً، نقوم بالطيران من شاطئ البحصة في جبيل لكن المكان دقيق جداً ويتطلّب هواءً بسرعة لا تتعدّى الـ20 كيلومتراً بالساعة كما وتزويد الشراع بمحرّك صغير لتنفيذ رحلة ناجحة مدتها 25 دقيقة على ارتفاع 250 متراً، تمتد من محيط مطعم «عالبحر» إلى وادي الفيدار مروراً بميناء المدينة وقلعتها وسوقها العتيق.

كذلك، نقوم بتفيذ طيران إحترافي في منطقة عنّايا بالقرب من دير مار مارون، فتكون مدة الرحلة 10 دقائق، نهبط بعدها في بلدة طورزيا الجبيلية.

كيف كان الإقبال في السنوات الأخيرة؟

كان جيداً جداً من قبل اللبنانيين والسيّاح. فالطيران الشراعي بات علامة فارقة على خريطة السياحة اللبنانية، وأعداد الزوار إلى ازدياد، حتى أننا لم نشهد توقفاً خلال جائحة «كورونا».

هل هناك ممارسات غير قانونية للطيران الشراعي في لبنان؟

كما الكثير من القطاعات في بلدنا، هناك ممارسات غير قانونية يشهدها مجال الطيران الشراعي، حيث نجح البعض ممّن لم يتدرّبوا ولم يستحصلوا على تراخيص، بتنظيم رحلات طيران سوّقوا لها عبر مواقع التواصل الإجتماعي التي تلعب اليوم دوراً نافذاً. وما يزيد الأمر سوءاً هو بعض الزبائن الذين يتجاهلون حقّهم بالتحقق من هوية المدرّب وخلفيّته وطلب إبراز شهادته وتراخيصه قبل الإقلاع معه. فالأمر ليس بلعبة وقد يعرّض حياة هؤلاء للخطر.


MISS 3